نتيجة للتحالفات بين الجهات الفاعلة المحلية والجماعات المسلحة الأجنبية، تضم ليبيا 10 قواعد عسكرية أجنبية وأكثر من 20000 مرتزق من أصول روسية وسورية وتركية وسودانية.
وقد استخدمت القوى الأجنبية في السابق وكلاء لشن حرب في ليبيا. لكنهم في الآونة الأخيرة يستخدمون بشكل متزايد قواتهم الخاصة أو المرتزقة المرتبطين بهم على الأرض ، منتقلين من مجرد التدخل السياسي إلى شبه احتلال للبلاد.
فمن ناحية وسّعت مجموعة فاغنر الروسية سيطرتها على أجزاء مختلفة من ليبيا، والتي أصبحت مركزا لعملياتها الموسّعة في إفريقيا. ومن ناحية أخرى ، تستخدم تركيا وجودها العسكري المكثف في غرب ليبيا للتأثير على المشهد السياسي. وقد كانوا متورطين بشكل مباشر في الصراع الأهلي الأخير حول طرابلس ، باستخدام طائرات بدون طيار لمنع القوات الموالية لرئيس الوزراء المعين من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا من دخول العاصمة. وهذا يشير إلى أنه لا يمكن لرئيس وزراء أن يحكم من طرابلس دون الضوء الأخضر لتركيا.
وفي ظل عدم وجود موقف موحّد من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وموقف أمريكي قوي بشأن ليبيا ، ستواصل القوى الأجنبية التواجد في ليبيا وفقًا لمصالحها الخاصة. وغالبا ما تُستخدم ليبيا كورقة تفاوض لكسب النفوذ على القضايا الإقليمية والعالمية الأخرى، ولا سيما أزمة الطاقة.
من جاتب آخر، أثر التدخل الأجنبي سلبا على العملية الانتخابية، ففي ملتقى الحوار السياسي الليبي تم تجاوز الهدف الرئيسي المتمثل في إيجاد إجماع دستوري للعملية الانتخابية إلى سعي بعض الدول الأجنبية إلى هندسة نتائج الانتخابات وفق مصالحها لضمان فوز شخصيات معينة.
فإلى حد ما، ساهمت هذه الدول في فشل التوصل إلى توافق داخل ملتقى الحوار السياسي الليبي على الرغم من حقيقة أن اللجنة الإستشارية للملتقى قد وضعت مسودة "معقولة" مع أربع نقاط خلاف فقط كان من الممكن حلها، لولا مثل هذا التدخل والإدارة السيئة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لجلسات ملتقى الحوار السياسي.
ومع هذه الهيمنة الخارجية، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورا بنّاء بينما يسمح لبعض الدول بالتدخل فقط لتعزيز مصالحها الخاصة في ليبيا وتأجيج الصراع بالمال والسلاح، مما يؤدّي إلى استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار. لذلك ، فإن الخطوة الأولى لبناء السلام هي الضغط على هذه الدول للامتناع عن التدخّل في الشؤون الداخلية الليبية.
كما يجب على المجتمع الدولي دعم المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة إلى ليبيا في الإعداد لعملية حوار شاملة، والتي ينبغي أن تهدف إلى إنتاج خارطة طريق واقعية يمكن تنفيذها، تدعو إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة لتجنب تكرار نفس أخطاء الاتفاقات السياسية السابقة.