تم ربط الهجمات الإرهابية التي وقعت في فرنسا هذا الشهر بفرع تنظيم القاعدة القوي في اليمن. لكن، إذا ما قررت فرنسا الرد العسكري على تلك الهجمات الأجنبية فسيكون لديها ميزة كبيرة، وهي أن لديها واحدًا من أكثر الجيوش التي تم نشرها في العالم.

كما كان الجيش الفرنسي نشطًا في الآونة الأخيرة، حيث لعبت فرنسا دورًا محوريًا -وأحيانًا من جانب واحد- في معالجة التطرف والاضطرابات المدنية في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وساعدها في هذا الدور تاريخ فرنسا الاستعماري في إفريقيا؛ فعلى الرغم من الجانب المؤلم للتاريخ الفرنسي الحديث، أتاح المشروع الاستعماري الوحشي والاستغلالي لفرنسا شبكة من القواعد العسكرية الرئيسة في جميع أنحاء القارة التي بقيت إلى يومنا هذا، كما هو مبين أدناه وفقًا لإذاعة فرنسا الدولية.

وينتشر حاليًا أكثر من 3000 جندي فرنسي في خمس دول إفريقية، وهي مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، كجزء من عملية “بوركين”، ومقرها في تشاد. وتهدف العملية إلى منع تهديد المتشددين المحتملين عبر منطقة الساحل في القارة.

وبصرف النظر عن مكافحة التشدد الجهادي، دُفعت فرنسا بشدة للتدخل في ليبيا خلال الانتفاضة التي ثارت في البلاد ضد معمر القذافي، كما شاركت في عمليات حفظ السلام في مختلف البلدان الإفريقية.

وفيما يلي بعض أبرز التدخلات الأخيرة لفرنسا في قارة إفريقيا:

مالي

في يوم 11 يناير من عام 2013، أطلقت فرنسا ضربات جوية ضد مواقع جهادية في شمال مالي كجزء من عملية سرفال.

وكان الهدف من ذلك التدخل منع “إقامة دولة ارهابية” بعد أن سيطرت جماعات مسلحة على صلة بتنظيم القاعدة على مساحات شاسعة من مالي، بدءًا من شهر مارس من عام 2012، بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في العاصمة باماكو، والذي أدى إلى حدوث فراغ في السلطة. وأصبحت فرنسا تشارك في مالي بناءً على طلب من رئيس مالي الجديد، وبعد أن بدأت المجموعات الجهادية تقترب من المنطقة الجنوبية في البلاد، وفقا لصحيفة التقرير.

وتحولت المشاركة الفرنسية في مالي في نهاية المطاف إلى عملية أكبر تضمنت مشاركة القوات البرية والقوات الخاصة الفرنسية.

وتعتبر مؤسسة راند أن نجاحات فرنسا في مالي، يمكن أن تكون نموذجًا للحملات الحربية المستقبلية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث عملت القوات الفرنسية في وحدات صغيرة وفعالة وقابلة للتطوير، وبذلت جهودًا كبيرة للتواصل ببراعة مع السكان المحليين.

وكانت عملية سرفال، التي انتهت في عام 2014 وشارك فيها 4000 من الجنود الفرنسيين، ناجحة إلى حد كبير في مساعدة مالي في ردع متمردي تنظيم القاعدة في شمال البلاد.

وقد أتبعت فرنسا عملية سرفال بعملية “بوركين”، والتي تتألف من 3000 جندي فرنسي مكلفين بتتبع المتمردين الإسلاميين في منطقة جنوب الصحراء الكبرى على نطاق أوسع.

جمهورية إفريقيا الوسطى

في عام 2008، حركت فرنسا 300 جندي إلى بانغي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى؛ حيث شارك الجنود الفرنسيون في المساعدة في تحقيق الاستقرار في البلاد في مواجهة هجمات المتمردين الذين تدفقوا من منطقة دارفور في السودان التي يمزقها الصراع.

وفي ديسمبر 2013، بدأت فرنسا في تعزيز هؤلاء الجنود في محاولة لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى بعد أن أطاح تحالف المتمردين بحكومة البلاد؛ مما أدى إلى اشتعال صراع طائفي وحشي بين المسلمين والجماعات المسلحة المسيحية. وقامت فرنسا بزيادة عدد جنودها في البلاد إلى 2000 جندي. لكن، بعد أن يتم نشر قوات حفظ السلام الدولية حاليًا في إفريقيا الوسطى، فمن المتوقع أن تخفض فرنسا عدد جنودها هناك إلى 800 جندي فقط.

ومن المزمع أن يرسل مجلس الأمن الدولي، في أعقاب القرار الذي قدمته فرنسا، 12000 من قوات حفظ السلام إلى البلاد التي تواجه عمليات تطهير عرقي وديني بعد أن بدأت الأغلبية المسيحية في البلاد في تنفيذ عمليات قتل انتقامية ضد المسلمين بعد إطاحة المتمردين بالحكومة.

تشاد
لعبت القوات الفرنسية بعض الأدوار في تشاد منذ أواخر عام 1986 بوصفها جزءًا من عملية “إبيفير”. وقد تم تصميم هذه العملية لمساعدة تشاد على الحفاظ على وحدة أراضيها وفقًا للاتفاق الثنائي الذي تم توقيعه بعد فشل الغزو الذي شنه معمر القذافي على البلاد.

ومع ذلك، لم تغادر القوات الفرنسية تشاد بالكامل. فبدلًا من ذلك، أنشأ الفرنسيون قاعدة في نجامينا عاصمة تشاد. وظلت وحدة مكونة من نحو 800 جندي فرنسي في القاعدة وساعدت في تزويد السلطات التشادية بالمراقبة الجوية لتقدم المتمردين المدعومين من الحكومة السودانية، وعملت كقوة داعمة للديكتاتور التشادي، إدريس ديبي، خلال القتال في عامي 2006 و2008.

وكجزء من المهمة العالمية لمواجهة التشدد في جميع أنحاء إفريقيا، أطلقت فرنسا عملية “بوركين” في عام 2014 كاستمرار لعملية “إبيفيير” وعملية “سيرفال”؛ حيث سيكون مقر عملية “بوركين” في نجامينا وسيتمركز 1200 جندي في تشاد.

كوت ديفوار

كان لفرنسا تاريخ غير مستقر مع كوت ديفوار، المعروفة أيضًا باسم ساحل العاج.

فبعد حصولها على الاستقلال في عام 1960، استعادت الدولتان العلاقات الإيجابية التي ساءت في عهد الرئيس لوران غباغبو ابتداء من عام 2000. وفي عام 2002، قسّمت الحرب الأهلية ساحل العاج، وتدخلت القوات الفرنسية عبر عملية يونيكورن.

وبرغم نجاح وساطات السلام إلى حد كبير في ساحل العاج بحلول عام 2007، ظلت البلاد مقسمة بشكل فعال واستمر الجنود الفرنسيون في التواجد في البلاد. وفي عام 2011، اندلعت أعمال العنف مرة أخرى عقب رفض غباغبو تسليم السلطة إلى خليفته المنتخب ديمقراطيًا، الحسن واتارا. ولعبت القوات الفرنسية دورًا رئيسًا في إزالة غباغبو من السلطة.

وتستعد فرنسا ضمن عملية إعادة تنظيم جيشها في إفريقيا، لتعزيز قاعدتها في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، حيث سيتم استخدام القاعدة كمدخل للقارة وكذلك لعمليات الدعم اللوجستي.

ليبيا

كانت فرنسا وراء قرار فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا خلال انتفاضات فبراير، حيث كان تفسير فرنسا لقرار الأمم المتحدة عام 1973، الذي فرض منطقة حظر جوي فوق البلاد، أكثر جرأة من موقف الولايات المتحدة أو موقف المملكة المتحدة.

وأدت الضربات ضد القذافي في نهاية المطاف إلى الإطاحة به وقتله على يد الليبيين. ومنذ ذلك الحين، واجهت ليبيا ظروفًا صعبة مع حكومتين متنافستين، والميليشيات الإسلامية المختلفة التي تصارعت على السلطة في البلاد.

وقالت فرنسا إنها مستعدة لضرب المسلحين الذين يعبرون الحدود الليبية؛ بسبب قلقها من الفوضى وتدفق المقاتلين والأسلحة من ليبيا إلى أجزاء أخرى من إفريقيا.

جيبوتي

ظلت جيبوتي تمثل أكبر دولة تركزت فيها القوات الفرنسية في إفريقيا حيث قامت فرنسا بإعادة توازن قواتها في جميع أنحاء إفريقيا عقب تدخلها في مالي. فمنذ عام 1999 إلى عام 2001، حاربت جيبوتي التمرد الذي تم القضاء عليه في نهاية المطاف بمساعدة فرنسية.

وبعد الحرب، أصبحت جيبوتي أكثر استقرارًا؛ حيث أسندت فرنسا عمليات كامب ليمونير إلى حكومة جيبوتي، التي أسندتها بعد ذلك إلى الولايات المتحدة في عام 2001.

وتحتفظ فرنسا بأكثر من 1500 جندي في جيبوتي كجزء من قوات حفظ الأمن. وقد قامت القوات الفرنسية في جيبوتي بعمليات في الصومال، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج.