يؤكد رائد الحركة الإسلامية في تونس، الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة التونسية وأحد مؤسسيها، في هذا الحوار الذي خص به " بوابة أفريقيا الإخبارية " لدى زيارته الجزائر  هذا اليوم، أن مسألة اتخاذ قرار بالعفو الشامل في حق " الجهاديين " بتونس، هو أمر يقتضي من الرئيس المرزوقي أن يسبقه باستشارة سريعة تشمل القضاء والأمن في الأول، ثم توسيعها ومعرفة رأي مختلف الفاعلين السياسيين في البلاد، ويتطرق في حواره لـ " البوابة  "عن الوضع الأمني في تونس، وتصوره لحل هذه الأزمة،و عن تيار الإخوان في مصر، وعن حركة النهضة ومشاركتها في الحكم والرئاسيات المقبلة، كما يخصص جانبا للحديث عن العلاقات التونسية الجزائرية، والتي يرى أن الأمثل للبلدين أن تشكلان كتلة موحدة لمواجهة التحديات التي تواجه المنقطة أمنيا واقتصاديا.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: الرئيس التونسي منصف المرزوقي أعلن عن عرض عفو شامل على ّ الإرهابيين " المرابطيين بجبال الشعانبي بشروط، كيف ترون هذه الخطوة؟

 

الشيخ عبد الفتاح مورو: والله هذه القضية تحتاج في الحقيقة إلى دراسة وتعمق واستشارة، ممكن تكون استشارة سريعة، لكنها تشمل الأطراف المعنية بالأمر، يعني انطلاقا من القضاء، رجال الأمن، ثم معرفة مواقف الأطراف السياسية المختلفة، حتى لا ننتهي إلى مجرد عفو يقوم على أساس تسليم نفس، الذين يسلمون أنفسهم للسلطة وينزلون من الجبل ويتركون سلاحهم، يحضون بهذا العفو، نحن نحتاج أن نعرف هل هؤلاء تراجعوا عن موقفهم السابقة، هل سووا لأنفسهم مراجعة لأفكارهم، وأعلنوا توبتهم، وهل هم قادرون على أن يندمجوا في المجتمع، وأن يعملوا من خلال المؤسسات القائمة، هل يؤمنون بفكرة الدولة أم لا يؤمنون بها، فأنا في تصوري، القضية ليست مختزلة في أن يسلموا سلاحهم وأن تنتهي القضية، وإنما هي تشمل موقفهم من قيام الدولة اليوم، لأن هؤلاء مارقون على الدولة، وليس لديهم مفهوم دولة أبدا، يبررون ذلك بأفكار واهية، ونحن نحتاج أن نسمع منهم هذا الموقف.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: كيف ترون مستقبل تونس في ظل الحراك السياسي والاجتماعي والقلق الأمني المتزايد.وكيف تقرِؤن إعلان دستور جديد للبلاد؟

 

الشيخ عبد الفتاح مورو: أنا أتصور أن هناك مرحلة قطعناها و أصبحت لدينا  مرجعية قانونية متمثلة في دستور يحظى بوفاق وطني، ليس هذا الدستور أكمل ما يمكن انجازه، ولا أتم ما يمكن إصداره، هو فيه نقائص لكنه يشكل مرحلة هامة يمكن أن نغطي بها ظهورنا، لننطلق إلى الانتخابات القادمة، ونحن بصدد التأسيس، أتوقع أن كتابة الدستور بهذا الشكل التوافقي  يفتح شهية الجميع على أن تتم بقية المراحل خاصة انتخاب رئيس الجمهورية وأن يتم بوفاق وطني يجعلنا لا نستثمر هذه المناسبة :ليدبر بعضنا عن بعض أو يشاكس بعضنا بعضا.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: كيف تقيمون مسار تجربة الحركة الإسلامية في تونس، في الجزائر، في مصر، على ضوء تجربة حركة النهضة في الحكم، وأي مستقبل ترونه لهذه الحركة " الإسلامية " ؟

 

الشيخ عبد الفتاح مورو: الذي يمكنني أن احكم عليه هو الحركة التي انتمي إليها وهي حركة النهضة، التي هي حركة مستقلة عن باقي الحركات الإسلامية، برغم من كوننا جميعا نشترك في المسمى الإسلامي، لكن أنتم تعلمون أن حركتنا في تونس هي حركة مستقلة باعتبارها معنية بالشأن الوطني التونسي، ليست لها مرامي خارجية أبدا، لا لدى أجوارها ولا لدى البلاد البعيدة، كل ما نرغب فيه هو أن تكون حركتنا قادرة على رفع التحدي، يعني أن تستعمل الشاب المسلم والفتاة المسلمة، والمواطن المسلم لتحقيق برنامج يحقق اكتفاءنا على المستوى الاقتصادي واستقلالنا على المستوى السياسي العالمي، وبرنامجنا يجب أن ينصب على هذا الأمر، أشير كذلك إلى أن الحكم ليس هو مرمانا، بقدر ما أننا نرغب في إقامة نظام اجتماعي، تتحقق فيه القيم التي نؤمن بها، يجب أن يكون مجتمعنا قادرا على محاربة الفقر، أن يكون قادرا على محاربة الجهل، و أن يكون قادرا على محاربة الفرقة، إن تسنى ذلك بالمرور بالحكم فمرحبا، وإن لم يتسنى ذلك، فلن نبقى عاطلين، ولن نبكي أمام  الأطلال، ولن نأسف لأننا خرجا من الحكم، لأن موقعنا إلى جانب شعبنا في أن ننمي طاقاته وإمكانياته.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: ما عاشته مصر في الآونة الأخير بعد إبعاد محمد مرسي وما حدث بعده، كيف تقرؤون ما يحدث للإخوان المسلمين في مصر، هل هو فشل أم رعونة سياسية من جانبهم؟

 

 الشيخ عبد الفتاح مورو: أنا أقول الشأن المصري كغيره من الشؤون الوطنية يهم بلده، ولا أجرأ أن أحكم على شأن وطني في مصر أو في غيرها، لكن ،كناشط سياسي في بلدي أتمنى الاستقرار لمصر ، وأن يكون لها من المؤسسات ما يضمن لكل مواطنيها حقوق المواطنة، وفي تصوري فإن المصريين قادرون على أن يصلوا إلى هذا المستوى من الوعي الذي يؤهلهم جميعا أن يتعاملوا مع بعضهم في ظل القانون وفي ظل نطاق الاحترام المتبادل حفاظا على مصر باعتبارها كتلة هامة من العالم العربي ولها قدرها وقيمتها في انجاز المجتمع الناهض الذي نرغب فيه. 

 

 بوابة إفريقيا الإخبارية: مؤخرا أعلنت قطر نيتها في ترحيل بعض قيادات الإخوان المسلمين، ومن بين الذي يراد ترحيلهم، يوجد الشيخ يوسف القرضاوي المقيم بالعاصمة القطرية الدوحة، كيف تقرؤون هذا في ظل رفض بعض العواصم العربية استقبالهم؟

 

 الشيخ عبد الفتاح مورو: والله أنا لا أرغب في أن تصيبنا "فوبيا" متابعة الإسلاميين، الناس يؤاخذون ويتابعون بقدر ما يقدمون من فعل يخالف القانون والمجرم يجب أن يعاقب، أما أن يحكم على الناس بموجب تسمية أو نسبة إلى تيار محدد فهذا ظلم للناس واعتداء عليهم، وهذه هي في الحقيقة صحوة القانونيين التي تنشأ عن الديكتاتوريات، وينبغي أن نحذر وأن لا يصيبنا تيار من الرعب من الإسلاميين مطلقا، لأنه سيأتي يوم سنندم على انخراطنا في هذا المسلك.

 

 بوابة إفريقيا الإخبارية: لنتحدث عن مستقبل تونس الأمني في ظل تنامي ظاهرة السلفية الجهادية ووصول بعض الزعماء الجهاديين إلى القيادة، مثلا عبد الحكيم بلحاج في ليبيا، وهو المعروف بكونه كان متابعا لتورطه في عدة قضايا إرهابية، أصبح قائدا عسكريا في طرابلس، وما يحمله من فكر " جهادي "، ألا يشكل وصول مثل هؤلاء إلى الحكم، خطرا على مستقبل المنطقة المغاربية أمنيا، وعلى أمن تونس بالتحديد؟

 

الشيخ عبد الفتاح مورو: أما بالنسبة لعبد الحكيم بلحاج، فهذا يهم وطنه..يهم ليبيا، وإذا كان الرجل مقبولاً في و من وطنه، لا يحق لي أن أعلق عليه، لكن أقول إن الخطر الإرهابي لا زال يتهددنا في داخل ديارنا، وينبغي أن نضع خطة لتفاديه، هذه الخطة تنطلق من زجر من اعتدى على غيره أو استعمل السلاح ورفعه في وجه مواطنيه، لكن لا يجب أن تتوقف عند هذا الحد لأن هناك فكرا وراء هذا الوضع لابد من معالجته، وهو فكر إقصائي الذي يكفر الغير ويعتدي عليه، ثم هناك وضع اجتماعي تترعرع فيه هذه التيارات، وضع الخصاصة والفقر والتكديس الذي يحصل في الكثير من الأحياء الشعبية، والذي يحرم الشاب من حقه في المواطنة ومن التمتع بثقافة عالية، ومن التمتع بمباهج الحياة باعتباره مواطن من ذلك البلد، هذا يساعد على انتشار الفكر الإرهابي، فإذا أردنا أن نتصدى له، فلنتصدى له بأبعاده الثلاث، البعد الأمني، البعد الفكري والبعد الاجتماعي.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: العلاقات الجزائرية التونسية تعززت مؤخرا عقب الزيارة التي قادت رئيس الحكومة مهدي جمعة للجزائر وتوجت باتفاقيات تعاون وتقديم مساعدات من جانب الجارة الجزائر، إلى ما تتطلعون من خلال هذه العلاقات؟

الشيخ عبد الفتاح مورو: نحن كنا نقول في فترة ثورة التحرير أن الشعب التونسي والشعب الجزائري واحد لا يمكن الفصل بينهما، واليوم نقول أنه لا يمكن الفصل بين واقع الجزائر وواقع تونس، لأننا مرتبطون تاريخيا، مرتبطون أسريا، مرتبطون من حيث التحديات، الذي يهدد الجزائر يهددنا ( إما أن يكون هذا التهديد إرهابا قادما من الجزائر إلينا أو من تونس إلى الجزائر)، وولدحض الإرهابين يستوجب وقفة حازمة على الحدود،ويستوجب تأكيد الجهود، ويستوجب التفكير في أن الواقع في المنطقة يفرض علينا أن نتحول إلى وحدة اقتصادية، أو وحدة تكامل اقتصادي، لا تستطيع تونس أن تعيش بعشر ملايين ولا الجزائر بأن تعيش بأربعين مليون فقط، نحن نحتاج إلى تكتل جهوي يجعل منطقتنا قادرة على التحديات الاقتصادية الموجودة في المنطقة.

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: ما مصير العمالة التونسية في ليبيا في ظل الوضع الأمني الخطير؟  

 

الشيخ عبد الفتاح مورو: بالنسبة لوضع عمالتنا في ليبيا، فهذا الملف سوي تسوية سيئة لما اضطروا إلى مغادرة ليبيا، وأمام تفاقم الوضع الذي تعيشه ليبيا اليوم وهو وضع مؤسف، لا أرى آفاقا قريبة لرجوع هذه العمالة إلى ليبيا، بل نحن اليوم نحتضن بين ظهرانينا أكثر من مليون ليبي وهم إخوتنا، معززون مكرمون، ولهم موقعهم في بلدنا ويعيشون، ونرغب في أن يبقوا في بلدنا لأنهم جزء من نسيجنا الوطني.  

 

بوابة إفريقيا الإخبارية: رئاسيات تونس في نوفمبر حسب ما صرحت به الهيئة المشرفة عليها، أين حركة النهضة من كل هذا؟

الشيخ عبد الفتاح مورو: أما بالنسبة للرئاسيات، فالنهضة لم تحدد بعد، لا مرشح عنها، ولا شخص تؤيد ترشيحه، وهذه قضية مشاورات قائمة اليوم بين أطراف سياسية وداخل النهضة بالذات.