عن تشابكات الملف الليبي في ضوء اقتراب موعد تسلم حكومة السراج للسلطة في طرابلس، و أخر مستجدات البيت الداخلي لحركة نداء تونس, الحزب الأغلبي في البلاد سابقا, و قبل مروره بأزمة حادة على مدى أشهر عصفت بكيانه و أسفرت عن انقسامه بانسلاخ شق أمينه العام محسن مرزوق وتشكيل كتلة برلمانية مستقلة, تحدث القيادي في نداء تونس و نائبه بالبرلمان عبد العزيز القطي في حوار ل"بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الجمعة 25 مارس 2016, تطرق فيه محدثنا أيضا إلى واقع و آفاق الإرهاب في  بلاده, خاصة بعد الانتصار النوعي الذي حققته القوات المسلحة التونسية في بن قردان, أين تمت الإطاحة بمخطط رهيب لإقامة إمارة داعشية في المنطقة, و تكبيد الإرهابيين هزيمة كاسحة, أكد متابعون للشأن التونسي, أنها قاصمة لظهر تنظيم "داعش" الإرهابي في تونس و في منطقة شمال إفريقيا ككل لأنها كسرت نمطية الصورة المرعبة و المتوحشة و المفعمة بالبطولات الوهمية التي يسوق لها هذا التنظيم.

و في ما يلي نص الحوار:

كيف تنظرون إلى الموقف التونسي الرسمي من الملف الليبي؟

تونس دائم تحترم السيادة الوطنية للدول الأخرى, و تعمل على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين في ليبيا, لأننا نعتبر أن حلحلة الأزمة الليبية لا تكون إلا بالحوار و التوافق بين أبناء الشعب الواحد بعيدا عن التدخل العسكري.

هل كان من الأجدى بتونس دعم التدخل العسكري في ليبيا لاجتثاث الإرهاب هناك حتى لا يتمدد إليها و إلى باقي دول الجوار؟ و ألا ترون أن إنهاء الأزمة الليبية لا يكون إلا بالحل العسكري, أي بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية و المسلحة في هذا القطر؟

لا يمكن لتونس أن تدعم التدخل العسكري في ليبيا لأننا, و إن كنا نعرف متى سيكون التدخل, فنحن لا نعرف مدته و لا حدود عملياته, بالإضافة إلى تداعيات مثل هذا التدخل على أرواح المدنيين و البنية التحتية في ليبيا.

حلحلة الأزمة الليبية سياسية بامتياز, و ذلك عبر توافق عريض بين الفرقاء لتشكيل حكومة موحدة لكل التراب الليبي و تكوين جيش قوي توفر له كل الإمكانيات من أجل القضاء على جيوب الإرهاب و الميليشيات المسلحة.

هل تعتقدون أن حكومة السراج قادرة على إعادة الاستقرار إلى ليبيا؟

إذا كانت محل توافق و مساندة من الجميع فهي الحل الأمثل لإنقاذ ليبيا.

تحدثت بعض الأطراف عن إمكانية حفر الإرهابيين لأنفاق تربط بين بن قردان و بعض مناطق الجنوب التونسي بليبيا، فهل ترون أن هذه العملية واردة؟

لا أظن ذلك لأن العمل الأمني على الحدود التونسية الليبية متواصل و مكثف, و لا يمكن لمثل هذه الأشياء أن تقع بين تونس و ليبيا, و هذا الأمر ليس في صالح البلدين.

هل يمكن أن تشهد تونس عمليات إرهابية انتقامية لا قدر الله كردة فعل على انتصارات بن قردان؟

ردة الفعل ليس بالضرورة أن تكون في تونس, يمكن أن تطال دولا أخرى مثل بلجيكا مؤخرا, و لكن هذا لا يمنع أن نزيد من اليقظة و الجاهزية حتى نتصدى لكل عملية محتملة لا قدر الله.

أصداء عن عودة الخلافات الداخلية حول القيادة في نداء تونس, بماذا تجيبون؟

بعد استقالة رضا بلحاج و توليه مهمة رئيس الهيئة التأسيسية لنداء تونس بدأت عملية الترميم و رص الصفوف داخل الحزب, و ذلك بالتحاق العديد من المجمدين و المستقيلين بالهيئة, إضافة إلى بداية العمل الفعلي داخل الحزب من خلال تفعيل اللجان و دراسة القانون الانتخابي و قانون الجماعات المحلية و ترميم اللجنة الاقتصادية.

 العمل كذلك يتم على مستوى الجهات من خلال تكثيف التواصل مع الهياكل المحلية والجهوية لتحديد مشاكلها و تلبية طلباتها من أجل مزيد التمركز الجهوي استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة و التحضير لخوض المهمة الأساسية للحزب و هي التحضير للمؤتمر الانتخابي الأول في جويلية المقبل.

 حركة نداء تونس تبقى الحزب الأكبر على الساحة رغم الأزمة الأخيرة التي مرت بها.

هل صحيح أن الصراع على أشده بين حافظ قائد السبسي و رضا بلحاج؟ و هل من الوارد حدوث انشقاقات جديدة في نداء تونس؟

ليس هناك أي صراع بين رضا بلحاج و حافظ قائد السبسي. نحن اليوم في منطق القيادة الجماعية, و كل عضو في الهيئة التأسيسية أو خارجها له دوره و مهمته في إعادة بناء الحزب و ترميمه و لا مجال لمزيد الخلافات لأن الجميع واع بخطورة الأوضاع التي تعيشها بلادنا, و كما كان لنداء تونس نصيب الأسد في إنقاذ البلاد و الفوز في الانتخابات الفارطة, سيكون له كذلك الدور المحوري في إعادة الاستقرار السياسي و تحمل المسؤولية من أجل تقديم المقترحات الكفيلة بإعانة الحكومة للخروج من الأزمات التي نعيشها في إطار تفعيل البرنامج الطموح الذي قدم للناخبين خلال الحملة الانتخابية الفارطة.

هل تم رفع الحصانة الأبوية و الرئاسية على نجل السبسي نحو إبعاده عن نداء تونس قبل المؤتمر المقبل, وفق ما يقع تداوله؟

ليست هناك حصانة أبوية و لا رئاسية لحافظ قائد السبسي. حافظ قائد السبسي مناضل و مؤسس للحركة منذ بدايتها و إبعاده من عدمه يكون خلال المؤتمر الانتخابي القادم الذي سيفرز قيادة شرعية تلتزم بها كل الأطراف و تنطلق في العمل و البناء.  كل الجهود تصب اليوم من أجل التوحيد و رص الصفوف و التفاعل الإيجابي مع كل الأطراف و النقاش من أجل البناء على القواسم المشتركة بيننا و التوافق حول آليات و لجان الإعداد للمؤتمر الانتخابي الذي سيكون الحل لكل النزاعات.

هل أن مسيرة الإنقاذ التي شرع فيها نداء تونس تبقى ممكنة ؟

مسيرة الإنقاذ تتقدم بشكل جيد و حثيث نظرا للإرادة القوية لكل أبناء النداء, و نحن عازمون جميعا على تذليل كل المصاعب من أجل الوصول بالحزب إلى شاطئ الأمان.