رد محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير على تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بشأن الأوضاع المالية لليبيا وسعر الصرف وزيادة المرتبات.

وقال الكبير في خطاب موجه للدبيبة إنه من حق الليبيين أن يعيشوا حياة كريمة وأن يحصلوا على مرتبات تكفل تكفل عيشا كريما لكن ذلك لا يتحقق إلا بحسن إدارة الموارد المالية مع ضمان استدامة تلك الحياة مبينا أن النفط هوالمصدر الوحيد لدخل الدولة الليبية والذي يمول الميزانية بأكثر من 95%.

وأضاف الكبير أن الدبيبة أشار إلى الرغبة في أن يكون سعر الدولار 1.3 دينار معلقا بالقول إن الرغبة وحدها لا تكفي لتحقيق ذلك "إذ أن الممارسات الفعلية للحكومات المتعاقبة كانت عكس ذلك حيث جرى التوسع غير المدروس في الإنفاق العام طيلة السنوات الماضية وخصوصا الاستهلاكي الذي يستحوذ على أكثر من 95% من الإنفاق العام وتشكل المرتبات وحدها 60% من الإنفاق العام بعد أن قفز بند المرتبات من 33 مليار دينار عام 2021 إلى 65 مليار عام 2023 وارتفع بند الدعم من 20.8 مليار عام 2021 بما في ذلك دعم المحروقات إلى 61 مليار خلال عام 2022 متوقعا أن تفوق 61 مليار دينار 2023 منها 41 مليار دينار لدعم المحروقات الذي تنامى بشكل ملفت ويستنزف سنويا ما يقارب 8.5 مليار دولار.

وأشار الكبير إلى أن نفقات الدعم الأخرى التي تواجه قطاع الكهرباء مباشرة تقدر بـ 40 مليار دينار ليصل إجمالي نفقات الدعم المباشر وغير المباشر إلى 102 مليار دينار سنويا متسائلا ميف قفزت مصروفات الباب الرابع من 20.8 مليار دينار بما فيها دعم المحروقات عام 2021 إلى 61 مليار دينار عام 2022 مما يؤكد وجود خلل وتشوه وسوء إدارة في دعم المحروقات.

ولفت الدبيبة إلى أن الدولة أنفقت عام 2021 حتى نهاية 2023 قرابة 420 مليار دينار وجهت معظمه للنفقات الاستهلاكية على حساب الإنفاق التنموي ما ولد ضغوطا على سعر صرف الدينار الليبي.

وبين الكبير أن الدبيبة أشار إلى زيادة المرتبات وتقديم مزيد من المنح حيث أن التوسع في الإنفاق قد يرضي بعض الفئات على المدى القصير معلقا بالقول إنه يتنافى مع مبادئ الاستدامة المالية وضمان حقوق الأجيال القادمة وهو ما تتطلبه الإدارة الرشيدة للمال العام متسائلا من أين ستوفر الحكومة تمويل هذه الزيادات خصوصا في ظل تراجع حجم الإيرادات المتوقعة لعام 2024 إلى مستوى 115 مليار دينار وفقا لتقديرات المؤسسة الوطنية للنفط و5 مليار دينار إيرادات سيادية أخرى بإجمالي 120 مليار دينار وأن الاستمرار بنفس السياسات المالية سوف يزيد الأمر تعقيدا ويترتب عليه عجز مؤكد ما يستوجب العمل لاتخاذ السياسات الكفيلة بتفادي التمويل بالعجز.

وسلط الكبير الضوء على اتساع الإنفاق الموازي المجهول المصدر الذي أثر بشكل مباشر على زيادة الطلب على النقد الأجنبي في الأشهر الأخيرة لعام 2023 نتج عنه ارتفاع سعر الصرف الموازي رغم ضخ 5 مليارات دولار بزيادة عن العام 2022.

وأشار الكبير إلى أن الانتقال من سعر صرف 1.3 دينار للدولار إلى 4.85 دينار للدولار لم يكن خياراللمصرف المركزي بل كان نتيجة لأزمات متعاقبة منذ عام 2013 بسبب الإقفال التعسفي للنفط الذي كبد الدولة الليبية خسارة بحوالي 150 مليار دولار صاحبه خلل في السياسات المالية والتجارية وحالة الانقسام السياسي والمؤسسي وتنامي وتيرة الإنفاق العام واتباع سياسة التمويل بالعجز أدت إلى ارتفاع الدين العام وتفاقم العجز في ميزان المدفوعات الذي استنزف جزء كبيرا من احتياطات الدولة من النقد الأجنبي ولم يكن هناك خيار لإحداث التوازن والحفاظ على ما تبقى من خط الدفاع الأول احتياطات النقد الأجنبي إلا بتخفيض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية وقد حققت هذه الخطوة أهدافها وأحدثت استقرارا واضحا خلال عامي 2021 -2022 على مستوى الاقتصاد الكلي والتوازن في الميزانية العامة وميزان المدفوعات واستقرار سعر صرف الدينار الليبي.

وأكد الكبير أن استمرار الحكومة في زيادة مستوى الإنفاق العام بشكل ملحوظ وبلوغه مستوى 165 مليار دينار عام 2023 ووجود إنفاق مواز مجهول المصدر أسهم في ارتفاع حجم الطلب من النقد الأجنبي بالرغم من قيام المصرف المركزي بزيادة حجم العرض من النقد الأجنبي بمقدار 5 مليارات دولار مقارنة بعام 2022 الذي بلغ 16 مليار دولار صاحبه استقرار في الطلب وفي سعر الصرف الموازي مقارنة بمبلغ 21 مليار دولار خلال العام 2023 صاحبه زيادة في الطلب وارتفاع في سعر الصرف منذ الربع الرابع من العام 2023.

وشدد الكبير على أن الزيادة في الطلب على النقد الأجنبي بدأت في الربع الأخير من العام 2023 الأمر الذي صعب مهمة المصرف المركزي في الدفاع عن سعر الصرف الحالي 4.85 دينار للدولار متسائلا كيف يكون سعر الصرف 1.3 دينار للدولار حسب تصريح الدبيبة في ظل هذه المعطيات وأهمها حجم الإنفاق العام والموازي وحجم عرض النقود الذي بلغ 160 مليار دينار إلا باستنزاف احتياطات المصرف المركزي واللجوء إلى الاقتراض من مؤسسات الدولة وهو ليس بالأمر الهين وينال من مؤسسات الدولة.

ولفت الكبير إلى مصرف ليبيا المركزي سيعمل على المحافظة على الاستدامة المالية للدولة بكل ما أمكن سواء بشكل منفرد أو بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة ودعا لإقرار السياسات الاقتصادية والمالية الضرورية للخروج من الأزمة الخانقة وذلك من خلال إيقاف الإنفاق الموازي المجهول المصدر وإقرار ميزانية موحدة لكامل التراب الليبي وترشيد الإنفاق بما يحافظ على احتياطات الدولة وحقوق الأجيال القادمة وتنويع مصادر الدخل وتعزيز دور القطاع الخاص وتخفيض الاعتماد على الواردات الخارجية من السلع الاستهلاكية التي تجاوزت نسبة 80% وزيادة إنتاج النفط وتصديره على المدى القريب والمتوسط وأن تكون أولوية الإنفاق للاستثمار في التنمية الشاملة.