تواجه مدينة غوما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغارقة في عدم استقرار مزمن، أزمة مالية غير مسبوقة. بين انهيار الإيرادات وارتفاع الأسعار وشلل الأنشطة الاقتصادية، ينزلق السكان يومًا بعد يوم إلى وضع محفوف بالمخاطر.

اقتصاد محلي يختنق

في غوما، يرى السكان مداخيلهم تتلاشى بسرعة مذهلة. يتأثر صغار التجار، وهم دعائم النسيج الاقتصادي الهش، بشدة بتدهور الوضع. تتلاشى الصادرات، التي كانت مصدرًا أساسيًا للعملات الأجنبية، بينما يعيق التجارة عبر الحدود مع رواندا المجاورة إلى حد كبير. النتيجة: آلاف العائلات محرومة من مصدر رزقها الرئيسي.

في هذه الدوامة الجهنمية، تنفجر أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية. الأرز والطحين والزيت: أصبحت هذه المنتجات الأساسية بعيدة المنال بالنسبة لجزء كبير من السكان. يفاقم التضخم، الذي يغذيه انخفاض قيمة الفرنك الكونغولي، معاناة الأسر التي تكافح لتأمين احتياجاتها اليومية. يقول أحد السكان المحبطين: "تضاعف كل شيء، بل وتضاعف ثلاث مرات. حتى شراء الخبز أصبح ترفًا".

لا تقتصر الأزمة على الأسر. تتأثر وسائل النقل، الضرورية لتزويد الأسواق، بارتفاع أسعار الوقود. تقوم العديد من الشركات المحلية، غير القادرة على استيعاب ارتفاع التكاليف، بتقليص أنشطتها أو إغلاق أبوابها. ديناميكية تزيد من حدة الحلقة المفرغة للبطالة والفقر العام.

الدولة الكونغولية تواجه حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية

في مواجهة هذا التدهور المتسارع في الظروف المعيشية، تكافح السلطات الكونغولية لتقديم استجابة فعالة. تظل تدابير الطوارئ المعلنة، مثل المساعدات المستهدفة أو الإعانات للقطاعات الأكثر تضررًا، غير كافية إلى حد كبير لوقف الانهيار الجاري. يعيق الروتين الإداري ونقص الموارد المالية أي إجراء ذي مغزى.

هذه الأزمة المالية ليست ظاهرة معزولة. إنها جزء من سياق أوسع لعدم الاستقرار المزمن في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والذي يتميز بعقود من الصراعات المسلحة والفساد والإدارة الفوضوية للمالية العامة. يعيق انعدام الأمن الاستثمارات، بينما تمنع البنية التحتية المتداعية أي انتعاش اقتصادي حقيقي.

قد يؤدي تفاقم الوضع إلى تحول نحو أزمة إنسانية واسعة النطاق. مع صعوبة متزايدة في الحصول على الغذاء والخدمات الأساسية، يهدد سوء التغذية بالفعل الفئات الأكثر ضعفاً. إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية بسرعة، فقد يصبح شبح المجاعة وأعمال الشغب الغذائية حقيقة واقعة.

ما هي آفاق غوما؟

بينما يصبح الوضع حرجًا، يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا رئيسيًا في استقرار الاقتصاد المحلي. تحاول المنظمات الإنسانية تقديم مساعدة ظرفية، لكن الاحتياجات تتجاوز بكثير الوسائل المتاحة. يمكن أن يسمح دعم أكبر من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي بتخفيف الضغط على المالية الكونغولية، بشرط تخصيص الأموال بشكل صحيح.

للخروج من هذه الأزمة بشكل دائم، سيتعين على مدينة غوما وجمهورية الكونغو الديمقراطية ككل إجراء إصلاحات هيكلية. يعد تحسين تنظيم التجارة عبر الحدود ودعم القطاعات الإنتاجية المحلية والاستثمار في البنية التحتية من المحركات الأساسية لإعادة إطلاق ديناميكية اقتصادية صحية. لكن هذا يتطلب إرادة سياسية قوية وحوكمة فعالة، وهما عنصران يفتقران إليهما بشدة اليوم.

لقد أثبت سكان غوما في الماضي قدرتهم على مواجهة الأزمات. لكن هذه المرة، يختبر حجم الانهيار الاقتصادي هذه القدرة على الصمود بشدة. إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء حاسم بسرعة، فقد تدخل المدينة في منطقة اضطرابات أكثر خطورة، مع عواقب إنسانية واجتماعية وخيمة.