حين يعود النازحون من اللجوء لن يكون بسبب استقرار الأمن في المنطقة، لكنه الجوع الذي يحاصرهم في المخيمات. هكذا عبّر أحد اللاجئين عن معاناة حقيقية تجري هناك، لكن مفوضية اللاجئين منشغلة بأذرع أخرى لها تكتسب أولوية حسب السياسات المتبعة والمصالح المرعية.

اللاجئون الأزواديون لا يهربون إلى الجنوب، إنهم يفضلون أحضان الجوار على الدولة التي ينتمون إليها “سياسيا”، فأعداد النازحين إلى الجنوب يقدرون بأكثر من 1000 أسرة في ديسمبر 2013م حسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مقابل 200.000 لجأوا إلى البلدان المجاورة.

ففي بوركينا فاسو وتحديدا مخيم “جيبو” الذي عرف كملاذ للاجئين منذ تسعينات القرن الماضي لوحظ انخفاض في أعداد اللاجئين وفق احصاءات اللجنة الوطنية للاجئين، التابعة لحكومة بوركينا فاسو إذ بلغ عددهم 34.000 شخص في فبراير 2014 من أصل 50.000 لجأوا إليه في 2012م، وتشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين “الماليين” في بوركينا فاسو سينخفض إلى نحو 14,300 شخص بنهاية عام 2015.

لكن توقعات كهذه بقلة المستفيدين من تلك المساعدات لا يعبر عن استغناء اللاجئين وارتفاع حاجتهم، لكنها ضغوطات يتعرض لها اللاجئ للمساومة على عودته إلى أرض تهدد فيها حياته قبل ماشيته وحرثه.

لا يخفي اللاجئون في مخيم “مينتاو” مخاوفهم من تلك المعادلة التي يعانون جراءها، فهم يفضلون التعرض للمخاوف الأمنية في أرضهم على البقاء مرتهنين لسياسة التجويع.

كثير من اللاجئين ليسوا معدمين، فقد تركوا خلفهم أرضا وماشية لكنهم حين لا يأمنون على أنفسهم يضطرون لتركها عند قريب، ولأن أغلبهم من رعاة الماشية ولا يحسنون غيرها فإنهم يعودون إليها حين تضيق بهم الأرض وتقل فرص البقاء متمسكين بكرامتهم.

وبطبيعة الحال فإن الأنباء التي تصلهم في المخيمات لا تحمل لهم سوى نذر “البيوت المدمرة” وجولات الجيش المالي والقوات الفرنسية وتهديدات الإرهاب الجاهزة لكل ملتح وابتزازات القاعدة واستهدافاتها والحياة المحطمة التي تسكن المنطقة.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أوضحت بجلاء أن العودة الجماعية لم تكن خياراً لعام 2014. وقالت أن “الوضع في مالي سيظل هشاً ولا يسمح حتى الآن بالعودة بأعداد كبيرة”.

شهر “مايو” سيكون امتدادا لموسم الجفاف، إذ يتوقع “قلة الموارد وشح المخزون الغذائي، وتدهور المراعي والفقدان المرجح للماشية إرث ضعف المحاصيل من موسم 2012-2013؛ وسوء حالة الطرق وانعدام الأمن اللذين يواصلان عرقلة المعونات الإنسانية” نهاية درامية تحملها التقارير الإنسانية، ورغم تعقد الأمور فإن شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لم يخصصوا تبويبا للأزمة في موقعهم، ولا في صفحة إفريقيا التي تضم: “جنوب السودان وجيبوتي والسودان والصومال وموريتانيا”.