أشاع اللقاح الروسي «سبوتنيك» الذي تمّ الإعلان عن التوصّل إليه وأنّه بات جاهزاً للاستخدام وتخليص العالم من شبح فيروس كورونا، أملاً لدى الكثيرين في طي صفحة الوباء القاتل، إلّا أنّه فجّر في الوقت نفسه الشكوك في جدواه وفاعليته.
لم يكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعلن عن توصّل بلاده لـ «اللقاح المفقود»، حتى تفجّر الجدل في عواصم العالم وكان مركزه الولايات المتحدة التي صرّح وزير صحتها، أليكس عازار، عن شكوكه إزاء الإعلان الروسي، استناداً لما أسماه نقص المعطيات من التجارب الأولى، وأنّ من المهم توفير لقاحات آمنة وفاعلة، وأنّ الأمر ليس سباقاً على المركز الأول.
ويشير عازار، إلى أنّ اللقاحات الأمريكية الستة التي تستثمر فيها بلاده دخلت وقبل أسابيع المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي بدأها اللقاح الروسي للتو، وأنّ عدم الكشف الروسي عن معطيات التجارب الأولى يؤكّد أنّها غير شفّافة.
لم يكن عازار المسؤول الأمريكي الوحيد الذي يشكّك في جدوى اللقاح الروسي، بل تبعه أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الذي صدّر هو الآخر شكوكاً عميقة في أمان وفاعلية اللقاح، فيما لم ينس القول إنّ الوصول إلى لقاح، وإثبات أن أي لقاح آمن وفعّال، هما أمران مختلفان.
يشير فاوتشي إلى أنّ بإمكان بلاده حال أرادت استغلال الفرصة لإيذاء الكثير من الناس أو إعطائهم شيئاً لا يعمل، ويمكنها البدء الأسبوع المقبل إن أرادت، لكنها ليست هذه الطريقة التي تسير بها الأمور، على حد قوله.
لم يتسرّب التشكيك في جدوى اللقاح الروسي من أمريكا فقط، فها هي ألمانيا تكشف عن أنّ اللقاح لم يختبر بشكل كافٍ، وأنّ الهدف ابتكار منتج آمن وليس أن يكون بلد ما الأول في توفير لقاح للناس فقط. تتخوّف برلين من أن يتسبّب البدء في منح اللقاح للملايين إن لم يكن المليارات بوقت سابق لأوانه، في القضاء تماماً على تقبّل فكرة اللقاح حال لم تمض الأمور على ما يرام.
ولم تخض دول أخرى في دائرة التشكيك بقدر ما اتخذت «موقفاً وسطاً» بقولها إنّ المعلومات عن اللقاح الروسي محدودة فيما يمكن استيراده حال التأكّد من سلامة استخدامه كما فعلت كوريا الجنوبية.
في المقابل، لا تعبأ روسيا كثيراً بموجة التشكيك في لقاحها الجديد، بل وتشير إلى أنّ المزاعم بشأن اللقاح لا أساس لها وأنّ مفجّرها «المنافسة». تنوي روسيا وفق وزير الصحة، ميخائيل موراشكو، توفير اللقاح للعاملين في قطاع الصحة خلال الأسابيع المقبلة.