يبدو أنه قد بدأ العد التنازلي لعقد المؤتمر الوطني الجامع وهو جزء من خطة المبعوث الأممي غسان سلامة لسنة 2018، لكنه لم ينجح في تنفيذها بسبب تواصل الانقسام والتوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس في أغسطس الماضي. ومن المتوقع أن ينطلق المؤتمر الذي سيمهد لانتخابات رئاسية وتشريعية يؤمل منها اخراج البلاد من أزمة طالت.
وتواصل بعثة الأم المتحدة لدى ليبيا، اتصالاتها مع كل الأطراف الليبية من أجل التحضير لانعقاد الملتقى الوطني الجامع. وفي هذا السياق، التقت،السبت،ستيفاني ويليامز، نائبة رئيس البعثة للشؤون السياسية، على رأس وفد أممي، أعضاء من مجلسي النواب و"الأعلى للدولة"، وعدداً من الحكماء والأعيان، ومؤسسات مجتمع مدني في العزيزية (منطقة ورشفانة) للتباحث معهم حول الملتقى.
وأوضحت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تغريدة لها على حسابها بموقع "تويتر"،أن زيارة ويليامز للعزيزية تأتي في سياق جولة تقوم بها المسؤولة الأممية لعدد من المدن الليبية.وذكرت البعثة في تغريدة أخرى لها أن ويليامز عقدت إجتماعاً في مديرية أمن الجفارة في ورشفانة مع طيف واسع من ممثلين عن المنطقة من مشايخ وقيادات قبلية وعمداء بلديات وسياسيين وأعضاء من مجلس النواب وممثلين عن المجتمع المدني وعن المرأة.
وعبرت وليامز عن سعادتها الكبيرة بزيارة المنطقة وبالترحيب الحار، وإستمعت لشرح مفصل عن احتياجات منطقة ورشفانة وهموم أهلها.كما قدمت إحاطة حول خطة عمل الأمم المتحدة بما فيها الملتقى الوطني المرتقب.فيما عبر الحاضرون عن دعمهم للملتقى لإنهاء المرحلة الإنتقالية والوصول لحل سياسي يرضي الجميع، بحسب البعثة الاممية.
وقال مبعوث الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة،في تصريحات تلفزيونية،الأحد الماضي،إنه سيعلن خلال أيام عن موعد عقد الملتقى الوطني الليبي الذي سيكون في أقل من شهر،مشيرًا إلى أن البعثة تعمل في الوقت الراهن على إنهاء بعض الترتيبات اللوجستية الضرورية في هذا الشأن.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أكد، خلال نشرته الدورية لشهر مارس الحالي على أن "الأسابيع المقبلة ستشهد عقد البعثة الأممية للملتقى الوطني الجامع الذي يمثل فرصة لليبيين، بهدف تقرير مصيرهم وإنهاء المرحلة الانتقالية"، مؤكدا دعم مجلس الأمن الدولي لمخرجات هذا الملتقى، مع ضرورة أخذ كافة الضمانات السياسية والأمنية الرامية إلى قبول كافة الأطراف بنتائجه.
وكثف موظفو البعثة الأممية في ليبيا من تحركاتهم استعدادا لعقد الملتقى الليبي الجامع الذي تعقد عليه آمال كبيرة والذي سيحدد شكل ومسار المشهد السياسي المقبل في البلاد.وأجرى المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته ستيفاني ويليامز الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات التي بحثت سبل التحضير لعقد الملتقى الجامع.
والتقى سلامة مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر،الأربعاء الماضي،وبحسب مكتب إعلام القيادة العامة، فقد ناقش الطرفان المستجدات على الساحتين المحلية والدولية.وكان سلامة بحث مع خليفة حفتر الاثنين سبل تنفيذ اتفاق أبوظبي الذي جرى في 27 فبراير الماضي، والذي افضي إلى اتفاق بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، والمشير خليفة حفتر،على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات عامة.
كما التقى سلامة،الثلاثاء رئيس مجلس الدولة المستقيل حديثا من تنظيم الإخوان المسلمين خالد المشري الذي عبر عن مخاوفه من إمكانية فشل الملتقى الجامع.وقال المشري "إن المجلس هو الجسم الوحيد الذي تعامل بجدية وإيجابية مع هذا الطرح وقد شكل لذلك لجنة مختصة إلا أن المخاوف كثيرة من فشل هذا اللقاء بسبب عدم وجود ضمانات قوية ولوجود معرقلين الأمر الذي يعيق الانتخابات واستقرار الدولة"، مذكرا بأن"المرحلة الانتقالية كلفت الدولة الليبية الكثير، وكذلك الانقسام الحاصل في البلاد".بحسب المكتب الإعلامي لمجلس الدولة.
وقبل ذلك، التقى المبعوث الأممي بالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بقصر قرطاج في العاصمة تونس.وتطرّق اللقاء إلى الجهود الأممية والإقليمية المبذولة من أجل دفع العملية السياسية في البلاد وأهمية دور دول الجوار المباشر في إنجاح جهود الأمم المتحدة من أجل التقدم بالعملية السياسية في ليبيا، ودفع مختلف الأطراف نحو الحوار والتفاهم.
وبدورها أجرت نائبة المبعوث الأممي ستيفاني ويليامز عدة لقاءات كان أبرزها اللقاء مع عضو المجلس الرئاسي عبدالسلام كاجمان. وقدمت ويليامز بحسب المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق شرحا للظروف التي قادت إلى الاجتماع الذي تم مؤخرا في أبوظبي كخطوة على الطريق للاتفاق السياسي تمهيدا للملتقى الجامع.
وبالرغم من تكثيف موظفي البعثة الأممية إلى ليبيا من تحركاتهم؛ استعدادًا لعقد الملتقى الليبي الجامع،فإن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الجامع في ليبيا، محمد العباني،قال إن موعد عقد المؤتمر الجامع "لم يحدد بعد".ونقل موقع "ارم نيوز"،عن العباني توقعه أن ينعقد المؤتمر الجامع في أعقاب عقد القمة العربية بتونس يوم 29 آذار /مارس الجاري، قائلًا: نريد دعم القمة لمخرجات المؤتمر.
وأشار العباني إلى أن "الترتيبات لعقد المؤتمر لا تزال مستمرة"،وأوضح أن دولًا غربية ستشارك في المؤتمر بصفة "مراقبين".مقرا بـ"وجود بعض المعرقلين للمؤتمر المستفيدين من الفوضى الحاصلة في ليبيا حاليًا".وحول المشاركين في المؤتمر، قال إن المجال مفتوح أمام "القادة السياسيين والشخصيات المؤثرة في القبائل، وبعض قادة الميليشيات المعتدلين"، وفق تعبيره.
والمؤتمر الوطني الجامع هو جزء من خطة غسان سلامة لسنة 2018 لكنه لم ينجح في تنفيذها بسبب تواصل الانقسام والتوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس في أغسطس الماضي. وكان من المبرمج أن ينطلق المؤتمر الذي سيمهد لانتخابات رئاسية وتشريعية في يناير قبل أن يؤجل إلى فصل الربيع بسبب تصاعد الأصوات الرافضة له.
وتأتي المخاوف من فشل المؤتمر في ظل تحركات تيار الاسلام السياسي بقيادة جماعة "الإخوان" و"الجماعة الليبية المقاتلة"،التي تهدف لاجهاض محاولات التوصل الى تسوية في البلاد.حيث احتشد عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية المقاتلة، للأسبوع الثاني على التوالي في ميدان الشهداء بالعاصمة الليبية طرابلس، للتعبير عن رفضهم للمساعي التي تبذلها البعثة الأممية لدى البلاد لإنهاء المرحلة الانتقالية.
وجاءت المظاهرة،مساء أول من أمس،وتبنت فضائية "التناصح"، الموالية للمفتي المعزول الصادق الغرياني، الدعوة إليها لتكرّس عودة أنصار الإسلام السياسي للاعتراض، والتشكيك فيما تحاول البعثة الأممية تحقيقه.وسبق للغرياني دعوة أنصاره غير مرة للخروج إلى الميادين والتظاهر، استنكاراً لما يقوم به المبعوث الأممي.
وتشير هذه التحركات الى مخاوف المليشيات المسيطرة على العاصمة ومساعيهم لاطالة أمد الأزمة.وقال عضو مجلس النواب إبراهيم أبو بكر،في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"،السبت، أن فصائل الإسلام السياسي في طرابلس "يتملكها شعور بالخوف من قدوم الجيش إلى العاصمة، وبالتالي فهي تستبق بترويج أحاديث مختلقة، ليس لها ظل من الحقيقة.
وتظاهر الأسبوع الماضي عشرات المواطنين، المنتمين لتيار الإسلام السياسي، في "ميدان الشهداء" بالعاصمة، منددين بحفتر والسراج وسلامة من جهة، ورافضين للعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الوطني الليبي لتطهير الجنوب من الجماعات الإرهابية، والمتمردين التشاديين،التي استباحت الأراضي الليبية وباتت تشكل خطرا يتضاعف يوما بعد يوم.
ويشير مراقبون الى أن تحركات أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وأطراف أخرى من الجماعة المقاتلة،والمليشيات المسحة الموالية لها ستكثف من احتجاجها خلال الأيام المقبلة لوضع ما يسمى العصا في الدولاب وعرقلة التحركات التي تخالف توجهاتها الساعية الى الابقاء على حالة الفوضى وغياب سلطة الدولة ما يضمن لها المزيد من استنزاف ثروات البلاد.