دعا المتحدث باسم وزارة الدفاع الكاميرونية، الكولونيل "ديدييه بادجاك"، إلى "عدم التقليل من شأن جماعة بوكوحرام المسلحة في نيجيريا المجاورة وضربها بشدة".

"بادجاك" قدّم قراءته في مقابلة خصّ بها، الأناضول، للأحداث الأخيرة، ومن أهمّها اختطاف 10 صينيين بأقصى المنطقة الشمالية للبلاد، واختطاف اثنين من الكهنة الايطاليين والراهبة الكندية، ثم الافراج عنهم في وقت لاحق، بالاضافة إلى العديد من الحوادث الأخرى التي تجد الحكومة الكاميرونية اليوم نفسها أمام خيار وحيد يقضي بالتصدّي لهذه الظاهرة قبل استفحالها وانتشار نطاق تحركات عناصرها إلى بقية المناطق الكاميرونية.

المتحدّث باسم وزارة الدفاع الكاميرونية، رأى أنّ أسلوب تنفيذ مجموعة بوكو حرام لهجماتها الأخيرة "يحاكي بشكل كبير الأسلوب العسكري".. من خلال حلقات متسلسلة، "تنطلق بخلق نقطة لجلب انتباه الوحدات، وحين تتوجّه الاخيرة إلى هذه النقطة لمعرفة ما يحصل فيها، تتم مهاجمة الهدف الحقيقي المراد استهدافه منذ البداية"، أي التمويه لتشتيت الانتباه، قبل الانقضاض على الهدف المحدد.

واضاف "بادجاك" أنّ العملية في مجملها ذات طابع استخباراتي بامتياز، أي أن بوكو حرام تقوم قبل تنفيذها بـ "تجميع كل المعلومات اللازمة.. واستنادا إلى هذه الاستنتاجات، فإنه ينبغي الحذر من هذه المجموعة، وألا نقلل من شأنها، بل لابد من أخذها على محمل الجدّ وضربها بشدة وبأقسى ما يمكن".

قمة باريس المنعقدة في 17 مايو/ أيار بالعاصمة الفرنسية، والتي جمعت –إضافة إلى رئيس البلد المضيف- (فرانسوا أولاند) ممثّلين عن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة، ورؤساء خمس دول أفريقية (بنين والكاميرون والنيجر ونيجيريا وتشاد)، شدّدت على ضرورة التعاون بين الدول المشاركة للتصدي للمجموعة المسلحة التي تتخذ من الشمال الشرقي النيجيري مقرّا لها.

"بادجاك" قال إنّ هذا التعاون لن يتخذ صبغة "التحالف المسلح"، بما أنّ إجراء مماثلا سيكون "طويلا" و"غير مناسب" لمواجهة التهديد المباشر الذي تمثله بوكو حرام.

وتابع "بادجاك" حديثه للأناضول قائلا "بوكو حرام تشكل تهديدا آنيا ومباشرا، ولذلك ينبغي التعامل معها عبر طرح حلول فورية وسريعة، وعلى سبيل المثال، فإنّه حين تكون هناك عملية تمشيط غربي نيجيريا، فإن المهاجمين يفرّون عبر الحدود إلى الكاميرون وتشاد.. لذلك، وفي صورة حصولنا على عناصر التنسيق اللازمة لمواعيد ومخطّطات هذه التدخّلات، فلن يكون علينا سوى تعزيز وحداتنا على جانبنا من الحدود لاستقبال عناصر المجموعة المسلحة عند هروبها وتدميرها".

وعلاوة على التنسيق بين الدول المجاورة، تظلّ المخابرات الجزء الأهم في مسار التصدي لبوكو حرام، ونقطة محورية في الجهود المشتركة المزمع بذلها في هذا الإطار، فـ "طبيعة وحجم وموقف قوة معينة ليست سوى مجموع المعلومات الفائقة الحساسية المتوفرة حولها.. وحين تتوفّر هذه المعلومات، ستكون قادرا على تدمير المجموعة" (المسلّحة).

وأشار "بادجاك" أيضا إلى أنّ التحفّظ والكتمان من شأنهما أن يمنحا السلطات الكاميرونية مساحة إضافية للتحرّك في إطار إدارتها للصراع مع بوكو حرام.

فمنذ الأوّل من يونيو/ حزيران الجاري، تاريخ الافراج عن اثنين من الكهنة الايطاليين والراهبة الكندية، اختطف ثلاثتهم منذ بداية ابريل/ نيسان من ابرشية "تشيري" الواقعة على بعد أكثر من 20 كلم من "ماروا" عاصمة منطقة الشمال الأقصى، في حادثة نسبت إلى بوكو حرام، لم يتم الإعلان عن أية معلومات بشأن ملابسات وظروف عملية الافراج هذه.

الكولونيل "بادجاك" اكتفى بالقول في هذا السياق، أنّ الموضوع يتعلّق بـ "مفاوضة"، وأنّ ملابساتها تندرج ضمن أسرار الدفاع عن أمن البلاد. وبسؤاله عن هوية مختطفي رجال الدين الثلاثة، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الكاميرونية "نحن حذرون بهذا الشأن، وعلينا أن لا ندير الأزمة عبر توفير إجابات حينية لا تأخذ في عين الاعتبار المستقبل، والمنطق المتعارف عليه في مثل هذه الحالات هو أنه حين يكون هناك تحرير للرهائن، فلا بدّ أن يتواجد المفاوضون، والكشف عن هوية هؤلاء المفاوضين أو الآليات المستخدمة للافراج عن الرهائن، شبيه إلى حد الماء بإطلاق رصاصة في أقدامنا".

وتابع أنه "من العسير التكهن بما يمكن أن يحدث لأولئك المفاوضين، ولا ما عساه يحدث.. وفي صورة اختطاف ضحايا آخرين مجدّدا، فما عسانا نفعل؟ الرهائن مختطفون وعلينا تحريرهم، وذلك عبر الدخول في اتصالات باستخدام آليات سرية".

وفي سياق متصل، تطرق "بادجاك" إلى انتشار الجيش الكاميروني في منطقة أقصى الشمال مقر انشطة بوكو حرام في الكاميرون، بعد انتهاء قمة باريس، غير أنه اكتفى بترديد ما جاء في نص السؤال، معلّلا ذلك بواجب التحفظ الذي تفرضه ضرورة عدم الكشف عن المعلومات التي تندرج في إطار السرية، بما يتلاءم والحرب التي يشنها الجيش الكاميروني على مجموعة مسلحة لن تتوانى في توظيف اية "تسريبات" لصالحها.

ومع ذلك، ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الكاميرونية أن حكومة بلاده "نشرت قواتها على مستوى المنطقة التي شهدت عمليات بوكو حرام،  وهذه القوات كافية للتعامل مع التهديد الذي تطرحه المجموعة، كما أرسلنا قرابة 1300 جندي إلى البعثة الدولية لمساندة افريقيا الوسطى (الميسكا) إضافة إلى المعدات".

وبالتزامن مع الافراج عن الرهائن السابقين (الكهنة والراهية) تم إطلاق عملية "دبنغا" (أقصى شمال)، والتي قتل فيها 40 شخصا من جانب من بوكو حرام.

هذه المجموعة، التي تبنّت أوائل شهر مايو/ أيار، حادثة اختطاف أكثر من 200 تلميذة في 14 أبريل في "شيبوك" (شمال شرق نيجيريا)، لزمت الصمت، في المقابل، حيال مصير 10 عمال صينين، اختطفوا  ليلة 16 مايو في مدينة "وازا" (أقصى شمال).