"مرت 12 عشر ساعة على غرق مركبهم و صورة والده المتشبث به لإنقاذه لا تفارق عينيه المليئتين بالحزن و الألم، سألوه فور إنقاذه عن صموده 12 ساعة كاملة فأجاب"أردت بشدة تحقيق أمنية والدي الأخيرة، أردت وطنا أعيش فيه عيشا كريما بعدما لفظني وطني بأطنان و أطنان من المآسي و الألآم."شباب في مقتبل العمر بل و عائلات بأكملها من صغيرها البالغ عام أوعامين بل و حتى أشهر قليلة إلى شاب العشرين و كهل الأربعين و شيخ الستين الكل هارب من المجهول إلى المجهول.

تتوالى مآسي المهاجرين في المتوسط بل و ترتفع رغم الإغلاق و الوباء، حيث اندلعت الهجرة الغير القانونية و عادت بوتيرة متسارعة بعد الرفع التدريجي للإغلاق، بمختلف الوسائل عبر البحر بمركب صيد أو مركب نقل المواشي، بمركب مطاطي أو بيخت فردي، بكل وسائل الهروب الممكنة، آلاف القصص الحزينة تنتهي يوميا في عرض البحر مخلفة وراءها ضحايا أبرياء كان همهم الوحيد الهروب من مآسي أوطانهم إلى أوطان جديدة علهم بذلك يجدون حياة أفضل و فرصا أوفر في عيش كريم.

أعلنت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل في تقرير محين لها أن  النصف الأول من العام الحالي تسجيل دخول نحو تسعة آلاف و300 مهاجر على حدود الاتحاد الأوروبي عبر البلقان، بزيادة 73٪ على الأشهر الستة الأولى من عام 2019.  أما من جهة غرب البحر المتوسط، فأكد تقرير الوكالة وصول 4451 مهاجرًا، بانخفاض بنسبة 56% عن أول ستة أشهر من عام 2019، ومعظم المهاجرين كانوا من المغرب والجزائر. كما شهدت منطقة وسط البحر المتوسط ارتفاعًا بنسبة 86% عن الفترة ذاتها من عام 2019، حيث وصل نحو 7200 مهاجر، معظمهم من تونس وبنغلادش.

دعا المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الدول الأفريقية لتحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات محددة لوضع حد للانتهاكات التي تحدث للمهاجرين غير الشرعيين والتي أصبحت ممنهجة.

فيما أدانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومركز أبحاث الهجرة التابع للمجلس الدانماركي للجوء، الانتهاكات التي يتعرض المهاجرون من مختلف أنحاء أفريقيا في رحلتهم نحو المتوسط على أيدي المهربين والمتاجرين بالبشر والميليشيات المسلحة، بل والموظفين الرسميين في عدة دول أفريقية. حيث أوضح تقرير مشترك للهيئتين، أن ما يزيد عن 1750 من المهاجرين واللاجئين فقدوا حياتهم أثناء الهجرة بين عامي 2018 و 2019، كما تعرض عدد كبير منهم لمختلف أنواع الانتهاكات والعنف. وأشار التقرير إلى أن 28% من حالات الوفاة المسجلة ما بين 2018-2019 تتعلق بأشخاص فقدوا أثناء عبورهم الصحراء وكذلك الحال في عدة مناطق في جنوب ليبيا وخلال العام الحالي، تم الإبلاغ عن 70 حالة وفاة لمهاجرين، منهم 30 قتلوا على يد المهربين في دول أفريقية كما أعلنت منظمة الهجرة الدولية الإثنين الماضي عن وجود ما يقرب من 95 مهاجرًا في وسط البحر المتوسط، معرضين لخطر الغرق عبر السواحل الليبية . وارتفع عدد عمليات هروب المهاجرين من الساحل الليبي بنسبة 300 بالمئة تقريبا بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل 2020، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، بحسب الأمم المتحدة. ويستغل المهربون الفوضى لتحويل ليبيا إلى طريق رئيسي للهجرة غير القانونية باتجاه أوروبا.

و أعربت تونس عن "ارتفاع مقلق للهجرة غير الشرعية" حيث  أعلنت منظمة تونسية تعنى بالهجرة وصول نحو 2500 مهاجر تونسي غير شرعي إلى السواحل الإيطالية خلال الشهر الجاري بطرق، كما سجلت السواحل التونسية حالات غرق كثيرة إضافة إلى إحباط عدة عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة اخرها مركب يضم أكثر من 150 شخص. فيما أعلنت الجزائر بداية الأسبوع الحالي وصول عشرات القوارب  إلى السواحل الإسبانية وعلى متنها أكثر من 400 جزائري من المهاجرين غير الشرعيين خلال أقل من أربع وعشرين ساعة.كما أحبطت السلطات الجزائرية أيضا عديد المحاولات للهجرة غير الشرعية نحو إيطاليا التي أعربت بدورها عن قلقها من تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين خاصة في ظل الأزمة الوبائية العالمية حيث قامت بإيواء المهاجرين مباشرة بمراكز الحجر الصحي.


يقول المسؤولون الأوروبيون أن الإحصائيات الحقيقية للهجرة غير الشرعية و ضحاياها غير دقيقة و لا يمكن حسرها و يستغربون هذا الإقبال الرهيب على مخاطرها رغم البحر و الغرق و الوباء فيما يلخص أحد المهاجرين الذي اصطحب ابنتها صاحبة العامين من العمر مأساة المتوسط و الهروب من وطنه إلى وطن آخر عبر المجهول قائلا" البحر أفضل بكثير لابنتي من وطن تطردنا مآسيه و لا نجد فيه فسحة للأمل في حياة أفضل، لعلنا نجدها في الجانب الآخر من البحر إن قدر الله لنا البقاء."