انخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ العام 2011، وبعد السنوات التي أعقبت اندلاع الأزمة بدت بصمات أنقرة الساعية لتأجيج الصراع في البلاد واضحة من خلال شحنات السلاح التي تتالى الكشف عنها. ومنذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق، برزت تركيا على سطح الأحداث حيث كثفت من دعمها لحلفائها في محاولة لعرقلة دخول الجيش الليبي إلى العاصمة لكن هذا الدعم لم يمنع القوات المسلحة الليبية من مواصلة تقدمها ما دفع الرئيس التركي لاطلاق التهديدات المتتالية بإرسال وات بلاده إلى ليبيا ودخول الحرب دعما لقوات الوفاق. 

وبات كابوس انهيار مشروع سيطرة تيار الإسلام السياسي الموالي لأنقرة لأنقرة في ليبيا يلاحق الرئيس التركي رجب الطيب أدروغان، في ظل تقدم القوات المسلحة الليبية التي يقودها المشير خليفة حفتر نحو قلب حسم المعارك. ما جعل نظام أردوغان يستنفر في محاولة لإطالة أمد الحرب بالرغم من المحاولات المحلية والدولية المتواصلة للوصول الى تسوية سياسية تخرج ليبيا من أزمتها المعقدة. 

وسرعت تركيا من عمليات ارسال الأسلحة الى حلفائها من المليشيات في طرابلس وتزايد الحديث عن غرف عمليات يقودها الأتراك في محاور القتال ضد الجيش الليبي كما باتت الأراضي الليبية مسرحا لتجربة الطائرات المسيرة التركية التي مارست جرائم كبيرة في حق الليبيين وكان لها دور بارز في تقديم غطاء جوي للمليشيات للسيطرة على مدينة غريان. 

لكن كل هذا الدعم الذي حظيت به المليشيات المسلحة من تركيا لم يمنع الجيش الليبي من تحقيق انتصارات عسكرية متتالية وتسارعت وتيرة تقدمه نحو قلب العاصمة وهو ما أثار مخاوف أنقرة من قرب انهيار حلفائها. واتجه أردوغان الي البحث عن طريقة جديدة لدعم حلفائه واستغلال الأوضاع لمد نفوذه في البلاد لتحقيق أطماعه في الثروات النفطية الكبيرة التي يمتلكها. 

** مشاريع أردوغان الاستعمارية من بوابة "الوفاق": 


وفي نوفمبر 2019، وقعت تركيا مع حكومة الوفاق، اتفاقاً أمنياً وعسكرياً موسعاً، كما وقّع الطرفان على نحو منفصل مذكرة تفاهم حول الحدود البحرية اعتبرتها عدة دول، منها مصر واليونان، انتهاكاً للقانون الدولي. وبدا واضحا أن هذا الاتفاق هو محاولة خبيثة لشرعنة التدخل التركي نحت غطاء حكومة الوفاق وهو ما أكدته التصريحات التركية التي أعقبت ذلك حيث تصاعدت وتيرة التهديدات من المسؤولين الأتراك بارسال قوات عسكرية الى ليبيا. 

وتعتبر هذه فرصة لأردوغان الطامح الى مد نفوذه في ليبيا وتحقيق أحلامه الاستعمارية التي عبر عنها في أكتوبر الماضي حين زعم أن "الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل"، وأضاف "تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية"، مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك، في مشهد كشف وبدون لبس عن النوايا الحقيقية من وراء الدعم الذى تقدمه أنقرة إلى حكومة الوفاق وجماعة "الاخوان"، والذي يقوم على مد النفوذ التركي في ليبيا ومواصلة نهب ثرواتها. 

وبالرغم من تهديداته بارسال قوات بلاده الي ليبيا، فان أردوغان اتجه إلى التعويل على المرتزقة الموالين لأنقرة في سوريا. ونقلت وكالة بلومبرغ، أواخر ديسمبر الماضي، عن مسؤولين كبار في ليبيا وتركيا، أن القوات السورية المعارضة لنظم بشار الأسد  ستنتشر قريبا في غرب ليبيا وتباشر الانخراط في المعارك، وأشارات الى إن حكومة الوفاق رفضت بداية الأمر هذا التدخل ولكنها رضخت له بعد التقدمات الأخيرة للجيش الوطني باتجاه وسط العاصمة. 

وقال مسؤول تركي لبلومبرغ – رفض الكشف عن هويته- إن القوة المساندة التي يطلق عليها "لواء السلطان مراد" هي إحدى ألوية الجيش السوري ولن تكون محسوبة على القوات الرسمية التركية، وأشار المسؤول التركي إلى أن بلاده قد ترسل قواتها البحرية لــ"حماية" طرابلس، مؤكدا أن القوات التركية ستقوم بتدريب وتنسيق المجموعات المسلحة التابعة للوفاق. 

** المرتزقة سلاح أردوغان الميداني: 

وبالتزامن مع ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، في تقرير له أن الفصائل السورية الموالية لتركيا، افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا. وأضاف المرصد السوري، أنه تم افتتاح 4 مراكز في منطقة عفرين شمال حلب لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات تتبع للفصائل الموالية لتركيا، حيث تم رصد توجه عشرات الأشخاص إلى تلك المراكز، للالتحاق بالمعارك في ليبيا للعمل تحت الحماية التركية. 

واتهمت مصادر محلية سورية، أنقرة بدفع رواتب مُجزية للمقاتلين السوريين مُقابل ذهابهم إلى ليبيا لقتال إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس. وقالت المصادر للمرصد السوري، إن إن تركيا تدفع ما يتراوح بين 1800 إلى 2000 دولار أمريكي لكل مسلح شهرياً، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة. 

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، الخميس، إن تركيا بدأت بشحن مقاتلين موالين لها من سوريا إلى ليبيا للمشاركة في المعارك الدائرة هناك إلى جانب حكومة الوفاق؛ في خطوة هي الثانية من نوعها خلال أشهر. ونقل موقع "ارم نيوز" عن عبدالرحمن، قوله أن هذه هي المرة الثانية التي تقوم فيها تركيا بشحن مقاتلين من سوريا إلى ليبيا، لكنها المرة الأولى التي تركز فيها على المقاتلين من الجنسية السورية تحديدا، والذين شاركوا في معاركها ضد الأكراد سابقا. 

وقال عبد الرحمن إن تركيا سبق وأن نقلت مقاتلين "جهاديين" من جنسيات أجنبية من سوريا إلى ليبيا في شهر أكتوبر الماضي، لكن هذه المرة استهدفت مكاتب التجنيد عناصر تابعة للفصائل السورية الموالية لأنقرة. وأوضح أن عددا من عناصر تلك الفصائل أبدى تذمرا ورفضا لمحاولات التجنيد، وأن الكثير منهم يحاولون الهرب من مناطق السيطرة التركية باتجاه إدلب خوفا من التجنيد القسري. 

وليس بجديد الحديث عن ارسال تركيا لمقاتلين من سوريا الى ليبيا، فقد كشفت تقارير ليبية وعربية، في مايو الماضي؛ أنّ "السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس". وأكّد حينها اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، على وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا. 

وفي أبريل/نيسان الماضي، وقال المتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي، أن مجموعات من "جبهة النصرة" من سوريا تم نقلها عن طريق تركيا إلى منطقة الكسارات لتشارك في المعارك إلى جانب "القاعدة" و"داعش". وأكد أنه بعد الهزائم المتتالية لـ"جبهة النصرة" في سوريا تم نقلهم بشكل مباشر إلى ليبيا لتدعيم المعركة في طرابلس. 

وفي 29 ديسمبر 2019، نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، معلومات جديدة بشأن عمليات نقل المرتزقة السوريين نحو الاراضي الليبية، وقال المرصد في تقرير، عبر موقعه الإلكتروني، إنه حصل من مصادر موثوقة، تفيد بأن عدد المقاتلين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس حتى الآن بلغ 300 شخص، في حين أن هناك 1000 مقاتل وصل للمعسكرات التركية لتلقي التدريب قبل الانتقال إلى ليبيا". 

وأضاف أن "الراتب المطروح من جانب تركيا يتراوح ما بين 2000 و2500 دولار للشخص الواحد لعقد مدته 3 أو 6 أشهر مقابل التوجه إلى طرابلس في ليبيا، وكلما طالت المدة زاد الراتب الذي يتلقاه المقاتل، وعدد كبير من المجندين والمقاتلين الذين انتقلوا إلى ليبيا هم من فصيل حركة حزم التي تم حلها قبل عدة سنوات". وقال المرصد السوري إنه حصل على تسجيلات صوتية لأحد الأشخاص يظهر فيه صوت أحد المقاتلين الموالين لتركيا يتحدث مع مجموعة من المجندين عما إذا كانوا على استعداد للرحيل غدا إلى طرابلس انطلاقا من عفرين، مضيفا: "سنتحرك في الساعة العاشرة صباحا من عفرين. ونحن لسنا عبدة الدولار ولكن الظروف والديون التي مررنا بها تدفعنا إلى فعل هذا". 

** المرتزقة السوريون.. حقيقةٌ ميدانيّة: 

وبالتزامن مع ذلك، تداول ناشطون على مواقع التواصل ووسائل اعلام محلية ودولية مقاطع مصورة لمرتزقة موالين لأنقرة يقاتلون ضد الجيش الليبي جنوب العاصمة طرابلس، وهو ما نفته حكومة الوفاق وقالت إن المقاطع جرى تصويرها في إدلب السورية. لكن المرصد تحدث في بيانه عن شواهد تؤكد أن المقاطع المصورة في منطقة صلاح الدين جنوبي العاصمة طرابلس، وأن المقاتلين سوريون موالون لتركيا وصلوا ليبيا قبل أيام. 

وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، في تصريحات إعلامية إن السوريين الذين يقاتلون في ليبيا مرتزقة قاتلوا تحت العباءة التركية في سوريا ولم يكن ولائهم يوماً للشعب السوري، مبينا أن المقاتلين وعدوا بالجنسية التركية ومبالغ مالية كبيرة، ستدفعها حكومة الوفاق وليس تركيا لأن الميزانية التركية لا تسمح بدفع 2500 دولار امريكي لقرابة 1000 مقاتل. 

وكشف عبد الرحمن أن المرتزقة السوريين من فرقة السلطان مراد التي ترتكب انتهاكات واسعة بحق أبناء الشعب السوري من سرقة منازل وإعدامات، في عفرين وقامت بتهجير مئات الآلاف من الأهالي نتيجة دعم تركي لهذه الفصائل، كما تورطت في إعدامات ميدانية في رأس العين وتل أبيض وإعدام مواطنة هي رئيسة حزب سياسي لا علاقة لها بالعسكرة. واشار إلى وجود 4 مراكز جندت نحو 1000 مقاتل في منطقة عفرين مشددا على أن الشعب السوري يرفض هذه الممارسات. 

وبالرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعانيها ليبيا والوضع المعيشي الصعب للمواطن الليبي، تصر حكومة الوفاق على دفع ملايين الدولارات للمرتزقة من أجل اراقة المزيد من دماء ابناء ليبيا. وليس الامر بجديد فحكومة الوفاق تتهم بتمويل المليشيات المسلحة خاصة في ظل سيطرتها على المؤسسات المالية الليبية وتوظيف مقدراتها لخدمة أجنداتها التي يديرها تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان". 

ويقوم مرتزقة "أردوغان" بتنفيذ عددِ من الأعمال الإرهابية في ليبيا، من بينها تنفيذ إعدامات ميدانية بحق الأسرى الذين وقعوا في قبضتهم خلال تلك المعارك، وانتهاكات أخرى بحق المدنيين الليبيين. وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان أن مرتزقة أردوغان قاموا بتنفيذ عمليات إعدام ميدانية بحق الأسرى الذين سقطوا في قبضتها خلال المعارك التي جرت قرب العاصمة الليبية. 

وبدوره أكد معهد دراسات الأوسط -مؤسسة بحثية أمريكية مقرها الرئيسي بنيويورك- في تقرير له أن المدنيين في ليبيا هم الضحايا الوحيدون لقصف الطائرات بدون طيار، التي تسيرها تركيا لدعم حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج؛ لافتًا إلى أن أنقرة تخوض مع دول أخرى حروبًا سلاحها الأساسي طائرات "الدرون" بدون طيار، كما أنها تشرف على تشغيل تلك الطائرات وانتقاء أهدافها والتي غالبًا ما تستهدف الليبيين أو اللاجئين من جنسيات أخرى. 

وأمام هذه الانتهاكات والفضائع الخطيرة التي تهدد حياة المواطن الليبي، دعت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا"، الإثنين 13 يناير 2020، إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق، للتحقيق بشأن ما يرتكبه مرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جرائم دموية وفظائع على الأراضي الليبية. وجاء ذلك خلال تقرير للمنظمة رفعته إلى مجلس حقوق الإنسان الدولي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمقرر الأممي الخاص بالمرتزقة وحقوق الإنسان، وفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني بليبيا. 

وقالت المنظمة إن مواصلة نظام رجب طيب أردوغان عملياته "القذرة" في المنطقة العربية، عبر تجنيد مرتزقة من الجماعات المسلحة في سوريا، وإرسالهم لليبيا انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن الدولي. وأكدت المنظمة أن ما يقوم به نظام أردوغان حاليا في ليبيا يعد جريمة وفقا للقانون الدولي، ووفقا لـ"الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم" الصادرة عن الأمم المتحدة قبل نحو 30 عاما. كما بينت أن أعمال النظام التركي تخالف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 52 / 112 الصادر خلال الجلسة العامة بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول 1997، بخصوص استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير. 

وفي 13 يناير، انطلقت في موسكو محادثات روسية تركية حول ليبيا، بعد دخول اتفاق حول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ دعت اليه روسيا وتركيا في وقت سابق. وبدأت المشاورات باجتماع لوزراء الخارجية والدفاع الروسي والتركي في شكل "2 + 2". وفي وقت لاحق، استمرت المحادثات في اجتماعات منفصلة للوفود مع بعضها بعضا لكنها لم تسفر عن أي نتائج تذكر. 

وبالرغم من هذه المشاورات تواصل تدفق المرتزقة الموالين لتركيا الى ليبيا، وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان تحصلت بوابة إفريقيا الإخبارية على نسخة منه، استمراره في رصد ومتابعة عملية نقل المقاتلين التي تقوم بها تركيا من سوريا إلى داخل الأراضي الليبية، مضيفا، أن عملية تطوع مقاتلين موالين لتركيا في صفوف المرتزقة الذين يذهبون إلى ليبيا، متواصلة على قدم وساق على الرغم من النشر الإعلامي". 

وأشار المرصد إلى ارتفاع عدد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية "طرابلس" إلى نحو 1750 "مرتزق"، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1500 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق "درع الفرات". كما رصد المرصد السوري مقتل ما لايقل عن 5 مرتزقة من فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا خلال المعارك الدائرة في ليبيا، حيث وصلت جثث بعضهم إلى منطقة عفرين شمال غرب حلب. 

وقبل ذلك، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريراً قالت فيه إنّ ألفي مقاتل سوري قد وصلوا، أو سيصلون قريباً إلى ليبيا قادمين من تركيا، للقتال إلى جانب حكومة الوفاق غير الشرعية، التي يترأسها فايز السراج. ونقلت الصحيفة، عن مصادر سورية، تأكيدها أنّ 300 عنصر من الفرقة الثانية فيما يعرف بـ "الجيش الوطني السوري"، وهو مجموعة من المقاتلين تدعمهم أنقرة، دخلوا تركيا عبر معبر حور كلس العسكري، في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كما دخلت مجموعة أخرى قوامها 350 عنصراً، في 29 كانون الأول (ديسمبر)، لتلقي التدريبات الضرورية قبل إدماجهم في ساحات الحرب في تركيا ضدّ الجيش الليبي. 

** لعبة أردوغان وعودة داعش: 

وفي سياق متصل، أكدت الولايات المتحدة عودة "داعش" إلى ليبيا، ونقل تركيا لنحو 2000 من المتشددين السوريين، إلى الأراضي الليبيبة. وقال بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت ملاحظة طفرة "صغيرة" في أعداد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا منذ بدأ الجنرال خليفة حفتر المعركة في العاصمة طرابلس قبل أكثر من شهرين. 

ونقل موقع "المونتيور" عن سيلفا قوله إن المعركة المتوقفة حاليا من أجل استعادة طرابلس تعطي مساحة للتنفس للإسلاميين وعودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى البلاد. وأضاف المسؤول العسكري الأميركي إن المعركة نزعت الانتباه عن داعش، مشيرا إلى أنه تمت ملاحظة "تجدد صغير لمعسكرات داعش في المنطقة الوسطى". وأوضح أن "القوات الأميركية التي تساعد في قتال داعش غادرت ليبيا في أبريل الماضي مع تدهور الأوضاع الأمنية"، معبرا عن قلقه من أن يصبح داعش "طرفا ثالثا في القتال في ليبيا". 

وبدوره أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن المتطرفين يخسرون مواقعهم في إدلب السورية، وهم ينتقلون إلى ليبيا. ونقلت "روسيا اليوم" عن لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السريلانكي عقد الثلاثاء في كولومبو، قوله "تسيطر الحكومة الشرعية على 90% من الأراضي السورية. يفقد المتطرفون مواقعهم تدريجيا فيما تبقى من البؤر الإرهابية، في إدلب على وجه الخصوص، لكن مع الأسف، إذا تحدثنا عن العلاقة بين سوريا وليبيا، فإنهم (المتطرفون) ينتقلون إلى ليبيا من أجل مواصلة أعمالهم في هذا البلد". 

الجهود الدولية للوصول الى تسوية سياسية في ليبيا تواصلت، وشهدت العاصمة الألمانية برلين متمرا دوليا شاركت فيه 11 دولة برعاية الأمم المتحدة. ودعا البيان الختامي لمؤتمر برلين جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أنشطة تؤدي إلى تفاقم النزاع أو تتعارض مع حظر الأسلحة الأممي أو وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة. . 

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في ختام مؤتمر برلين: "توافقنا على احترام هذا الحظر على الأسلحة، وعلى مراقبة هذا الحظر بشكل أكثر حزما من السابق". وأكدت ميركل أن طرفي الصراع في ليبيا والداعمين الدوليين لهما اتفقوا، خلال قمة في برلين بشأن ليبيا، على ضرورة احترام حظر السلاح، وتعزيزه من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار على الأرض. 

وطالب الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر برلين بـ"الكف" عن إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس دعما لحكومة السراج. وقال "يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك". وأضاف الرئيس الفرنسي "من يعتقدون أنهم يحققون مكاسب من ذلك لا يدركون المجازفات التي يعرضون أنفسهم ونحن جميعا لها". 

وبالرغم من توصل الأطراف الدولية التي شاركت في مؤتمر برلين بشأن ليبيا، من بينهم تركيا، إلى اتفاق على احترام حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليخرق التزاماته الدولية، بإرساله المزيد من المرتزقة إلى الأراضي الليبية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تركيا تواصل إرسال مرتزقة إلى ليبيا، ليصل عدد من وصلوا إلى طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريح خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منه أن المرصد السوري رصد ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600 مرتزق. 

وأضاف عبدالرحمان أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1790 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق درع الفرات ومنطقة شمال شرق سورية مؤكدا أن المتطوعين من فصائل لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وفيلق الشام وسليمان شاه ولواء السمرقند. 

كما وثق المرصد السوري مزيدا من القتلى في صفوف الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في معارك طرابلس، ليرتفع عدد القتلى هناك إلى 28 مسلحا من فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه". وقُتل المسلحون في اشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوبي طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، بالإضافة لمحور مشروع الهضبة، فيما يتم إسعاف الجرحى في 3 نقاط طبية، تعرف باسم "مصحة المشتل" و"مصحة قدور" و"مصحة غوط الشعال"، بحسب المرصد. 

وكان المرصد قد ذكر، في وقت سابق، أن تركيا تريد ارسال نحو 6 آلاف مسلح سوري في ليبيا، "لذا ستعمل على تعديل المغريات التي قدمتها مع وصول المسلحين إلى ذلك العدد المرغوب، حيث ستخفض المخصصات المالية، وستضع شروط معينة لعملية تطوع المقاتلين حينها". ونقل المرصد عن أحد المسلحين المهجرين إلى إدلب، قوله: "أريد الذهاب إلى ليبيا طمعا بالمغريات التي تقدمها تركيا، فليس لدي ما أخسره إذ أعيش في خيمة وراتبي 300 ليرة تركية، لا يكفيني لشراء الطعام". 

** اعترافات الوفاق.. حين لا ينفعُ النكران: 

وأمام تواصل التقارير ومقاطع الفيديو والشهادات التي توثق وتؤكد تدفق مرتزقة أردوغان الى ليبيا للقتال ضد الجيش الليبي، لم يجد رئيس حكومة الوفاق فائز السراج بدّا من الاعتراف بالأمر بعد أشهر من الانكار. وقال السراج، في حوار مع قناة الـ"بي بي سي" البريطانية، "إنه لن يتردد في طلب مساعدة أي طرف" لدحر ما أسماه "العدوان على طرابلس"، واصفا إياه بـ"الانقلاب الشرعي"، وذلك في إشارة إلى قوات الجيش التي أطلقت عملية عسكرية لتطهير العاصمة طرابلس من المليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق. 

وأضاف السراج:"نحن لا نتردد في التعاون مع أي طرف في مساعدتنا لدحر الاعتداء بأي طريقة كانت ولنا الحق، فنحن في حالة دفاع شرعي عن النفس  ضد محاولة انقلابية يقوم بها طرف آخر"، على حد قوله. وتابع قائلا:"اللي يحاول يعطونا دروس في ذلك من الحكومات التي تدعي الديمقراطية يقولوا لنا كيف يتم التعامل مع أي طرف متمرد يحاول الانقلاب على الشرعية". على حد تعبيره. 

اعتراف السراج يأتي بعد ايام من اقرار المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بوجود مقاتلين سوريين في طرابلس. وقال سلامة في مقابلة مع وكالة رويترز: "أستطيع أن أؤكد وصول مقاتلين من سوريا"، مقدرا عددهم بما يتراوح بين ألف وألفين. وجاء اقرار سلامة بعد يوم من تداول مواقع التواصل الإجتماعي فيديو يظهر عدد من المقاتلين السوريين بلباسهم العسكري على متن طائرة قيل أنها متجهة إلى ليبيا، وحسب المقطع المنشور فإن عددهم يقدر بنحو 150 مقاتل. 

وتتزامن الاعترافات الاخيرة بخصوص قضية مرتزقة أردوغان في ليبيا، مع تصاعد التحذيرات من خطر هذه العناصر الذي يتجاوز ليبيا ليصل الى أروبا. وتحدثت تقارير اعلامية عن انشقاق عدد من المقاتلين السوريين الذين جندتهم تركيا في ليبيا، حيث ألقوا أسلحتهم عند وصولهم الأراضي الليبية، وقاموا بتقديم طلب اللجوء في إيطاليا. 

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن المرصد علم"أن قسم من المقاتلين المنضوين ضمن الفصائل الموالية لتركيا ممن توجهوا إلى ليبيا في إطار عملية نقل المرتزقة إلى هناك من قبل تركيا، بدأوا رحلة الخروج من الأراضي الليبية باتجاه إيطاليا"، مشيرا الى أن ما لا يقل عن 17 منهم وصلوا إلى إيطاليا بالفعل، وأضاف "وفقاً لذويهم ومقربين منهم فإن الذين خرجوا، عمدوا منذ البداية إلى اتخاذ هذا الطريق جسراً للعبور إلى إيطاليا، فما أن وصلوا إلى هناك حتى تخلوا عن سلاحهم وتوجهوا إلى إيطاليا، كما أن قسماً منهم توجه إلى الجزائر على أن تكون بوابة الخروج إلى أوروبا". 

من جهتها، أعلنت الغرفة الأمنية بمدينة صبراتة الليبية (غربي طرابلس)، الإثنين 20 يناير 2020، عن القبض على خمسة سوريين من المرتزقة المستجلبين للقتال ضد الجيش الليبي كانوا في طريقهم الى الهجرة السرية نحو سواحل إيطاليا. وقالت الغرفة التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة ، أن المقبوض عليهم إعترفوا بأنهم سجلوا أسماءهم ضمن المرتزقة الذين تتولى تركيا نقلهم الى ليبيا ، بهدف التسلل الى أوروبا. 

وكان الجيش الوطني الليبي، قد كشف في وقت سابق أن عناصر من المرتزقة السوريين المستجلبين إلى طرابلس، اتجهوا إلى الضفة الشمالية للمتوسط، عبر المراكب الخاصة بالهجرة غير الشرعية، وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلّحة، إن 41 مرتزقاً تسللوا يومي الجمعة والسبت الماضيين إلى إيطاليا، منوهاً بأن هناك أعداداً أخرى من المرتزقة تستعد للهجرة غير الشرعية عبر ليبيا إلى إيطاليا، بدعم من الحكومة التركية. 

وبدوره، كشف مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية، العميد خالد المحجوب، لبوابة افريقيا الاخبارية عن بد عمليات التنسيق لرحلات هجرة غير شرعية  نحو الشواطئ الاوروبية  لعناصر من داعش والمرتزقة السوريين  الذين وصلوا  الى ليبيا. واوضح المحجوب ان القوات المسلحة الليبية رصدت من خلال مصادرها عمليات تنسيق تجري في المنطقة الغربية  لتجميع مرتزقة   وارهابيين سوريين  وصلوا مؤخرا ونقلهم الى اوروبا عبر وضعهم في مجموعات الهجرة غير الشرعية  لانخفاض تكلفة النقل ودرجة الامان عبر هذه الطريق وانعدام الضوابط. 

واضاف المحجوب ان خطر الارهابيين بات الان اقرب الى اوروبا عبر الهجرة غير الشرعية  من خلال تجمعهم في مناطق تسيطر عليها مليشيات الارهابيين و تتواجد بها عصابات المتاجرة بالبشر. وحذر المحجوب من أن  مجموعات تمتهن  العمل في تهريب البشر وسوقها رائج ومتمكنة، اذ يستغل وجود المهاجرين غير الشرعيين الافارقة ويتم العمل على تهريب الارهابيين والمرتزقة السوريين ضمن هذه الهجرات، وقد بدأ بالفعل تجميعهم في عدد من الاماكن غرب ليبيا. 

وتمثل هذه التطورات طرا يتهدد أوروبا وهو ما يعول عليه النظام التركي، فعشية انعقاد مؤتمر برلين وجه أردوغان في مقال له في صحيفة بوليتيكو الأوروبية، تهديدا واضحا للأوروبيين، قائلا إنه في حال سقوط حكومة فائز السراج التي يدعمها في طرابلس، فإن القارة العجوز ستواجه مشكلات ضخمة مثل الهجرة والإرهاب. وأضاف "ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، اللذان تعرّضا لهزائم عسكرية في سوريا والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على قدميهما.

واعتبر مراقبون أن هذه التهديدات يسعى من خلالها أردوغان لابتزاز أوروبا ودفعها لغض الطرف عن مخططاته في ليبيا. وتأكد ذلك حين اعتبر المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، إن سبب حضور الرئيس التركي مؤتمر برلين حول ليبيا هو تهديده الصريح بإرسال مرتزقة يقاتلون ضد الجيش الليبي. 

وأضاف سلامة في تصريحات تلفزيونية له أن القادة المشاركين في المؤتمر أجبرو أردوغان التوقيع على بيان المؤتمر الذي يحوي بندا يلزمه بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا. وقال في هذا السياق: "أنا لدي ورقة ولدي ما أحاسبه عليه وقبل ذلك هذا الأمر لم يكن متوفرا.. ولدي الآن تعهد منه". وكشف عن مشروع سيتقدم به إلى لجنة 5+5 من أجل سحب جميع المقاتلين والمرتزقة غير الليبيين من الأراضي، معترفا بوجود أكثر من 2000 من المرتزقة في الأراضي الليبية. 

** لعبة اقليمية دامية وخطرة.. وتنديد واسع:

وأمام تواصل تدفق المرتزقة الموالين لتركيا، أعلن الجيش الوطني الليبي فرض "حظر جوي" فوق طرابلس وضواحيها. وقال الناطق باسم قوات حفتر اللواء أحمد المسماري خلال مؤتمر صحافي "نعلن تفعيل منطقة الحظر الجوي" فوق العاصمة الليبية وضواحيها. وأضاف أنّ "قاعدة معيتيقة الجوية ومطار معيتيقة هي مناطق عسكرية ممنوع منعاً باتا استخدامها للطيران المدني أو العسكري. إنّ تحليق أيّ طائرة، مدنية أو عسكرية، أياً كانت تبعية هذه الطائرة وتبعية الشركة المالكة لها، سيشكّل خرقاً لإطلاق النار وبالتالي سيتم تدميرها بشكل مباشر". وبرّر المسماري هذا القرار بأنّ مطار معيتيقة يستخدم لغايات عسكرية من أجل استقدام مقاتلين من تركيا التي تدعم حكومة الوفاق. 

وعقب اعلان الجيش للحظر الجوي، أعلنت إدارة مطار معيتيقة الدولي مساء الأربعاء 22 يناير 2020، تعليق الملاحة الجوية "حتى إشعار آخر"، وقالت إدارة المطار في بيان إنّه تم "تعليق حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي لحين إشعار آخر ونقل الرحلات لمطار مصراتة الدولي" الواقع على بعد 200 كلم شرق العاصمة. 

ويعمد النظام التركي إلى ممارسة الضغوط لاستمرار عمليات تجنيد المرتزقة للقتال لصالحه في ليبيا. وفي هذا السياق، عمدت القوات التركية، إلى قطع رواتب عناصر التنظيمات الإرهابية والمرتزقة الذين يعملون بإمرتها في ريفي الحسكة والرقة الشماليين لإجبارهم على الالتحاق بالمجموعات الإرهابية التي يتم نقلها إلى ليبيا للمشاركة بالقتال الدائر هناك. 

وذكرت مصادر أهلية لوكالة "سانا" السورية الرسمية، أن "قوات الاحتلال التركي تعمد إلى قطع رواتب المرتزقة الذين لا يرغبون بالمشاركة في المعارك الدائرة في ليبيا وتلجأ إلى التجنيد القسري للمهجرين الموجودين في السجون التي أنشأتها قوات الاحتلال والتنظيمات الإرهابية ضمن الأراضي السورية". 

وافادت المصادر أن قوات الاحتلال التركي نقلت  1500 من عائلات المرتزقة  الإرهابيين لإسكانهم في منازل المواطنين في حيي الخرابات والحوارنة بمدينة رأس العين مما ادى الى صدام  بالأسلحة النارية بين الإرهابيين الذين لا ينصاعون لقرار الاحتلال بمغادرتهم وأسرهم من المدينة لإحلال مكانهم عناصر الشرطة من المرتزقة الذين تم إخضاعهم لدورات تدريبية في الأراضي التركية. 

وفي الوقت الذي يسوّق نفسه كأحد الدعاة إلى السلام وحقن الدماء في ليبيا، يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،  تعزيز وجوده ونفوذه العسكري في ليبيا من خلال المرتزقة وعناصر التنظيمات الجهادية، للقتال في صفوف حكومة الوفاق في محاولة لتأجيج الصراع في البلاد والإبقاء على حالة الفوضى والعنف التي تعانيها منذ سنوات جراء انتشار المليشيات المسلحة التي تسيطر على مؤسسات الدولة. 

وفي ظل هذه الأطماع الخطيرة التي تهدد ليبيا والمنطقة، تصاعدت وتيرة الرفض محليا ودوليا لمخططات أردوغان. وتتالت بيانات التنديد بالتدخل التركي من القبائل الليبية التي أعلنت النفير لمواجهة أطماع أردوغان. كما انطلقت احتجاجات في العديد من المدن الليبية تنديدا بالتدخل التركي الذي وصفوه بـ"الاحتلال"، مؤكدين دعمهم الكامل للجيش الليبي. 

وتندد عدد من الدول المعنية بالملف الليبي وجامعة الدول العربية، بقيام النظام التركي بإرسال مرتزقة من سوريا إلى ليبيا. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط جدد، خلال قمة برلين، رفضه كل مظاهر استقدام العناصر الإرهابية من الخارج والاستعانة بالمرتزقة الأجانب في الملف الليبي، موضحاً أن ذلك يؤدي إلى إذكاء الصراع وتعقيد المشهد العسكري والأمني على الأرض. 

وأكد مراقبون أن الاصطفاف الليبي الكبير ضد التدخل التركي يعتبر الأكبر في الباد منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، ويعكس مدى وعي الليبيين بالخطر الذي تمثله أطماع أردوغان الاستعمارية التي عانى ويلاتها الشعب الليبي ابان الاحتلال العثماني والذي تلاه الاحتلال الايطالي. ويشير هؤلاء الى أن أبناء ليبيا لن يسمحوا باحتلال أرضهم وأن أطماع أردوغان وحلفائه ستتحطم على صخرة الصمود الليبي.