في 19 يناير/كانون الثاني بعد عملية سياسية استمرت عاما بوساطة من الأمم المتحدة، أعلن مجلس رئاسي ليبي حديث النشأة، مقره تونس، تشكيل حكومة وفاق وطني. أمام البرلمان المعترف به دوليا في شرق ليبيا مهلة 10 أيام للموافقة على الحكومة.ولم تنل الحكومة الجديدة مساندة أي من الحكومتين المتنافستين ما قد يؤدي إلي تقسيم البلاد.

وعلي الرغم من أن الاتفاق يهدف لإنهاء النزاع على السلطة بين البرلمانيين الحالي والسابق منذ العام الماضي، فإنهما لم يوافقا رسمياً حتى الآن على اتفاق المغرب، ولم يعلنا عن تأييدهما له.وكان مجلس النواب قد اعترض على الحكومة الجديدة، حال رحيل المؤسسة العسكرية بقيادة خليفة حفتر، ولكن عقب إعلان السراج عن بقاء حفتر، تراجع المجلس وأعلن موافقته مناقشة بنود التوقيع،ودعا رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، أعضاء المجلس للتصويت على الاتفاق السياسي الاثنين 25 يناير الجاري.وبحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس المجلس، فإن عقيلة طالب الأعضاء بحضور الجلسة لمناقشة بنود الاتفاق السياسي والتصويت عليه، ويتضمنها الإعلان الدستوري للثورة.

أزمة داخل الجيش

أعلن المتحدث باسم لقوات المسلحة الليبية محمد الحجازي انشقاقه وعدد من أمراء وقادة المحاور عن قائد الجيش خليفة حفتر.وأكد أن حفتر أسس كتائب موازية للجيش ولاؤها له.وكانت هذه الكتائب تنفذ عمليات خاصة بها، منها الخطف والإخفاء القسري لبعض الشخصيات، مضيفًا أن حفتر كان يحول دون توزيع الآليات العسكرية ووصول الذخيرة لمحاور القتال، خصوصًا في مدينة بنغازي؛ مما جعل أفراد ومنتسبي الجيش هدفًا سهلًا للعدو.من جانبها نفت المؤسسة العسكرية تلك المزاعم، مؤكدة أن اتهامات الحجازي لا أساس لها من الصحة.ويرى محللون أن هذه التصريحات خطيرة جدًّا؛ حيث اعترف بجرائم ارتكبت باسم عملية الكرامة كعمليات الاغتيال والاختطاف والإخفاء القسري، إضافة إلى اعترافه بأن حفتر كان معنيًّا بإطالة أمد الحرب؛ من أجل الاستيلاء على الأموال وتحويلها لمصر والأردن لشراء عقارات.

وما يؤكد وجود انشقاقات واسعة داخل الجيش، أن القناة التي أعلن من خلالها الحجازي انقلابه على حفتر تابعة عمليا لقيادة الجيش، وأفسح هذا التطور المجال أمام الكثير من التكهنات حول دوافع الحجازي والجهات التي تدعمه في ظل هذا التوقيت الحرج.وعقب الضجة التي ظهرت بعد تصريحات الحجازي التي اتهم فيها حفتر بارتكاب تجاوزات مالية واستغلال منصبه، اضطر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية إلى إصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق، فكلف اللجنة بالاستماع إلى الحجازي وكل من ترى الحاجة إلى سماع أقواله وتقديم تقرير بنتائج التحقيق والتوصية باتخاذ ما تراه من إجراءات.

خلافات

موازة لذلك فقد كشفت مصادر ليبية مطلعة، أن هناك خلافات بين أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، برئاسة السراج.وقبل يومين فقط من الموعد المحدد لإعلان التشكيلة الرسمية الكاملة لحكومة السراج، والمرتقب أن يتم الأحد 24 يناير 2016، من المقر المؤقت لحكومة السراج في تونس، فإن أعضاء في مجلس حكومة السراج خرجوا علانية ليتحدثوا عبر وسائل الإعلام المحلية عن رفضهم لطريقة تشكيل اللجنة الأمنية التي يفترض أن تساعد الحكومة على العودة الى العاصمة طرابلس، لممارسة أعمالها بدلاً من تواجدها الحالي في تونس.كما أعلنت حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة طرابلس، مجدداً عدم اعترافها بأي شرعية لحكومة السراج وقراراتها، معتبرةً أنها انبثقت عن اتفاق السلام الذي لم توقع عليه الجهات المختصة بالطريقة القانونية السليمة.

بوادر تدخل خارجي

في ظل تنامي تنظيم داعش الإرهابي طالبت الحكومة المعترف بها دوليا بتدخل دولي لردع تنظيم "داعش" والحد من تمدده في أنحاء البلاد في الوقت الذي لا تزال السلطات الليبية تكافح من أجل إخماد نيران خزانات النفط المحترقة بالهلال النفطي.وقال حاتم العريبي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المؤقتة: طلبنا محدد وهو توفير غطاء جوي لقواتنا التي تناضل في منطقة الهلال النفطي بإمكانياتها البسيطة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي تحت مسمع ونظر العالم.وكان تنظيم "داعش" قد شن أكثر من هجوم على منطقة الهلال النفطي خلال الأسابيع الماضية مخلفاً أضرار بالغة بمنطقتي راس الانوف والسدرة قالت بعض المصادر إن أكثر من 7 خزانات نفطية تضررت بسبب النيران المندلعة فيها.وكان رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد أكد أن هناك حاجة لتحرك عسكري حاسم لوقف انتشار تنظيم "داعش" في ليبيا، محذرًا من أن التنظيم يريد أن يستغل ليبيا لتكون منصة لتنسيق الأنشطة في إفريقيا، مضيفاً أن التحرك العسكري يجب أن يتم بطريقة تدعم عملية سياسية طويلة المدى.

ويهدف التدخل العسكري إلى السيطرة على حقول النفط والغاز في ليبيا، وتجفيف منابع داعش ليبيا والحد من قدرته على تنفيذ هجمات في تونس والجزائر والمغرب وأوروبا.ورغم الحشد الدولي وبعض التقارير التي تشير إلى وصول قوات أمريكية وبريطانية وروسية لتمكين حكومة الوفاق الليبية،يبدو أن الحكومات الحالية ستستمر على نفس الوضع دون انضمام لحكومة الوفاق، ما يؤشر بانقسام البلاد إلي أكثر من حكومة.