قدم المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق خارطة طريق تساهم في حل الازمة الراهنة التي تمر بها البلاد على كافة الأصعدة بإمكانها استرداد سيادة وهيبة الدولة عبر بناء منظومة الأمن القومي وذلك عبر وسائل الإعلام الليبية للمؤتمر الوطني العام متمنيا الشروع بتطويرها بما يتلاءم مع التغييرات الجديدة والتصدي للمشاكل والتحديات التي باتت تشكل أخطارا لا حدود لها على وحدة البلاد واستقرارها وسلمها الأهلي.

و تتكون الخارطة من خمسة فصول وعشر صفحات ، رأى أنها  تعد رؤية استثنائية لواقع استثنائي من أجل الوصول إلى عبور آمن للأزمة وسهم في إنقاذ السيادة الوطنية ، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن . ونبهت الخارطة إلى أن التمديد للمؤتمر الوطني العام لما بعد 7/2 ضمن ذات المهام الفضفاضة الراهنة ، واستمرار أدائه وتأثيراته السياسية الحالية بذات الكيفية ، سوف يؤدي لا محالة إلى حدوث مواجهات وصدامات خطيرة مع محيطه ، إن لم تكن مع الشعب نفسه ، فسوف تكون مع أطراف تتطلع لتصفية حساباتها مع المؤتمر الوطني العام أو الحكومة. وأشارت خارطة الطريق إلى الإجماع شبه التام على فشل الحكومتين الانتقاليتين الأولى والحالية في إدارة شؤون البلاد ، وعجزهما عن تلبية استحقاقات استرداد سيادة وهيبة الدولة ، الأمر الذي راكم مشاكل وتحديات باتت تشكلأاخطارا لا حدود لها على وحدة البلاد واستقرارها وسلمها الأهلي.

ومن المعلوم أن مصطفى عبدالجليل هو قاض ووزير عدل سابق في فترة حكم القذافي (أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل)، إذ عمل في نظام معمر القذافي لأربع سنوات من 2007 وحتى فبراير 2011 ، وعرف عبد الجليل في وسائل الإعلام العالمية بمواقفه ضد انتهاكات حقوق الإنسان المختلفة في ليبيا ، وبمحاربة الفساد وملاحقة المسؤولين عنه ويعرف أيضًا بأنه هو من حكم على الممرضات البلغاريات في قضية الإيدز الليبية بالإعدام قبل تخفيف الحكم إلى المؤبد وثم إطلاق سراحهن أثناء ثورة 17 فبراير، كما عرف عبد الجليل كرئيس للمجلس الوطني الانتقالي وكأول مسئول ليبي يستقيل من منصبه بسبب القمع الوحشي للمتظاهرين .

ذاع صيت مصطفى عبد الجليل بعد أن كان أول مسؤول كبير يعلن استقالته من نظام العقيد معمر القذافي في يوم 21 فبراير عام 2011 بمدينة البيضاء، بعيد تفجر ثورة 17 فبراير عام 2011 م، محتجا على "الأوضاع الدامية واستعمال العنف المفرط" ضد المتظاهرين . ودفعت الخارطة بعدم صوابية اختيار أى من رئيسي المحكمة العليا أو المجلس الاعلى للقضاء لقيادة المرحلة الانتقالية ، بالنظر إلى أن الإشكال الليبي القائم ليس إشكالا دستوريا بل إن الإشكال باحالتنا الوطنية يقوم على "الفراغ المؤسسي نفسه" ، وخاصة المتعلق منه بالتغييب القسري لمؤسسات الأمن القومي للبلاد وبعدم صوابية توريط لجنة الستين بواجبي صياغة الدستور ، والإدارة السياسية الكلية لشؤون البلاد معا ،

وأوضح المستشار عبد الجليل أن الخارطة تقوم على خيارين ، وأربع مبادىء منها خيار التمديد للمؤتمر الوطني العام المشروط بقبوله باعتماد تطوير وضعه السياسي وفقا لقواعد هذه الخارطة واستبدال المؤتمر الوطني العام "بالمجلس الأعلى للدولة الليبية ، فيما تتضمن المبادئ التزام الخارطة التام بمبدأ الاحتكام عند تنفيذ أى عملية نقل لصلاحيات المؤتمر الوطني العام (لكينونة تشريعية بديلة) ، برضا المؤتمر الوطني العام ، وقبوله ، وترتيبه ، وتشريعه للمناقلة ، ومشاركته المباشرة بالتسليم والاستلام السلمي والقانوني للسلطة ، للطرف الذى ارتضى له بأن ينوب عنه بإدارة ما بقى من مرحلة انتقالية ، وقبوله بالتخلي عن كل مهامه التنفيذية مهما كانت شرعية . - القيام بتنصيب (حكومة أزمة) تتألف من كفاءات مستقلة (رئيسا واعضاء) عن كل القوى المكونة للمؤتمر الوطني العام "أحزابا ومستقلين" ، تملك برنامجا عمليا ، محددا بجدول زمني تنفيذي واضح ، على أن يتم اختيار رئيس وأعضاء حكومة الأزمة ضمن معايير محددة سلفا مع قبول المؤتمر الوطني العام بتعيين (المحكمة العليا ممثلة بدائرتها الدستورية) بالقيام بدور الطرف الثالث الضامن لالتزام (المؤتمر وحكومة الازمة المستقلة) بتنفيذ هذه الخارطة

وبين المستشار عبد الجليل التفاصيل الكاملة لخيارى الخارطة بحيث يقوم الخيار الاول لهذه الخارطة (وهو خيار التمديد) للمؤتمر الوطني العام لإتمام ما تبقى من مرحلة انتقالية ، على الشروط و الالتزامات والاستحقاقات التالية: يلتزم المؤتمر الوطني العام إلى جانب قبوله بالمبادىء الأربعة السالفة الذكر التي تمثل الشبكة العصبية الرئيسة لهذه الخارطة بما يلي من شروط والتزامات ، لأجل تهيئة الأجواء السياسية والمجتمعية بالبلاد لمرحلة (تمديد دستوري) آمنة و ناجعة ومنها : - قبول المؤتمر الوطني العام بتحديد صلاحيات رئيسه بشكل لا يتضمن أى صلاحيات تنفيذية مهما كانت الأسباب . - تنازل المؤتمر الوطني العام لحكومة الكفاءات المستقلة عن كل صلاحياته التنفيذية ، ورد كل ما بحوزته منها لقطاعاتها الأصلية ، وعلى رأسها إدارة شؤون السلك الديبلوماسي ، وتعيين القائد العام للجيش. - تنازل المؤتمر عن كل المهام الخارجية باستثناء المهام ذات الصلة بحضور المحافل البرلمانية. - توحيد منصبي وزير الدفاع ورئيس الأركان بمنصب واحد هو منصب : "وزير الدفاع والقائد العام للجيش" ، لإنهاء التضارب والصراع بين هاتين المؤسستين والذى تسبب بتسهيل التآمر على استعادة دور الجيش ، وتفشي صراع المصالح الخاصة ، والفساد المالي والإداري بمؤسساته. - قبول المؤتمر باضطلاع (رئيس حكومة الكفاءات المستقلة) ، بمسؤلية تعيين ومتابعة "وزير الدفاع والقائد العام للجيش". - التزام المؤتمر بالتحديد المسبق لمفهوم حكومة الأزمة المطلوبة الملائمة لطبيعة الأزمة الليبية ، وتحديد المواصفات الشخصية ، وشروط التكليف الخاصة بتولي رئاسة وعضوية حكومة الازمة بإدارة كفاءات مستقلة ، والأخذ بما تطرحه هذه الخارطة بحال عدم وجود أفضل منه. مهام مرحلة التمديد:

تقوم هذه الخارطة على حصر مهام المؤتمر بمرحلة (ما بعد 7/2 بمهتين رئيستين) وهما: - القبول بتشكيل (حكومة الأزمة الانتقالية الثالثة) ، من كفاءات مستقلة وفقا للإطار البرامجي لهذه الرؤية المبين أدناه ما لم تكن هناك رؤية أفضل منها.

- القبول بتقديم كل ما تحتاجه حكومة الأزمة من تشريعات وقوانين لتنفيذ برنامجها المتفق عليه مع المؤتمر ، والطرف الثالث الضامن ، للالتزام بخارطة الطريق ، على أن ينتهي مفعول هذه التشريعات والقوانين بانتهاء المرحلة الانتقالية ، وانتخاب أول سلطة سياسية طبيعية وقارة للبلاد ، وكذلك القيام عبر لجان المؤتمر المختصة ومؤسساته الرقابية بمتابعة أداء الحكومة ومراقبة التزاماتها تجاه برنامج حكومة الأزمة المتفق عليه.

- يكون للطرف الثالث "الضامن" للالتزام بتنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها بصورتها النهائية ممثلا بالمحكمة العليا ، وبدائرتها الدستورية تحديدا ، حق ممارسة الإشراف على (المؤتمر وحكومة الأزمة) ، لضمان التزام كليهما بتنفيذ التزاماته , متمتعا (أى الطرف الضامن) ، بكامل الحق بالتحول للخيار الثاني المطروح بهذه الخارطة ، بحال خالف المؤتمر التزاماته ، وكذلك باتخاذ ما يراه مناسبا حيال (حكومة الأزمة) بحال فشلت او انحرفت عن البرنامج الذي التزمت بتنفيذه أمام الأمة والمؤتمر.

وأشارت الخارطة إلى ماهية "حكومة الأزمة" وهيكلها المؤسسي وإطارها البرامجي المُلزم ، وأهم معايير كفاءاتها حيث حددت أهم الخصائص المطلوبة لإدارة الأزمة الليبية بحسب هذه الخارطة منها :

- الحد الأدنى للعمر المجاز لعضو الحكومة (رئيسا وأعضاء) 48 عاما. -مؤهل جامعي من جامعة معترف بها لدى السلطات التعليمية المحلية.

- عدم الانتماء لأى من الأحزاب أو التيارات أو الكتل الممثلة بالمؤتمر الوطني العام ، وألا يكون من المتمتعين بازدواج الجنسية. - ضمانا لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية يجب ألا يكون قد سبق له تقلد أى منصب سياسي خلال مرحلة حكم ثورة فبراير. - يجب أن يكون من أبناء الداخل لإحداث توازن بينهم وبين أبناء الخارج الذين نالوا النصيب الأوفر بقيادة البلاد.