يمر عالم المال السويسري بصعوبات عدة حالياً، دفعت بعض المحللين إلى التشكيك بنوايا المؤسسات والشركات السويسرية في الانخراط داخل دوامة العولمة الاقتصادية. وبدلاً من ذلك، تسعى هذه الشركات إلى تبني استراتيجيات دفاعية تحميها من المفاجآت غير السارة، وكان آخرها إقدام حكومة جنوب أفريقيا على إلغاء كل اتفاقات الاستثمار مع سويسرا.
ورجح خبراء محليون أن يتحرك أكثر من 75 في المئة من الشركات السويسرية، المالية وغيرها، العام المقبل لوقف أي زحف توسعي في الخارج. وفي ما يتعلق بحكومة جنوب أفريقيا، فان الاتفاقات الاستثمارية الثنائية لم تُلغ مع سويسرا فحسب، بل طاولت دولاً أوروبية أخرى مثل بلجيكا ولوكسمبورغ وإسبانيا وهولندا وألمانيا. وبدلاً من هذه الاتفاقات، ستهندس حكومة جنوب أفريقيا قوانين تحمي الشركات الأوروبية العاملة على أراضيها، بيد أن المعالم الهندسية لهذه القوانين لم تولد بعد نظراً إلى الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية في القارة الأفريقية عموماً، وجنوب أفريقيا خصوصاً، ما قد يدفع حكومة برن إلى إعادة النظر في خططتها في القارة السوداء.
وتصطدم التحركات التجارية، الأوروبية والسويسرية، في القارة السوداء بصعوبات كبيرة أبرزها الزحف الصيني التجاري الذي يترك مجالاً ضيقاً أمام الآخرين لاستغلال الثروات الأفريقية، من مواد أولية ونهضة عقارية وغيرها.
ويشكل إلغاء الاتفاقات الاستثمارية صدمة لحكومة برن التي لن تتأخر في العثور على البدائل المواتية نظراً إلى الفشل الذي طغى على خطوات معظم الدول الأفريقية إزاء ما يعرف بسياسة التنمية الاقتصادية المعروفة باسم «بلاك ايكونوميك ايمباورمنت».
وستجدد عقود الشركات السويسرية العاملة بجنوب أفريقيا تلقائياً، كما أن الاستثمارات السويسرية هناك ستلقى دعماً حكومياً خلال السنوات الـ20 المقبلة. ويُتوقع أن يحوّل جزء من الاستثمارات السويسرية، المقدرة بنحو 800 مليون فرنك (884.3 مليون دولار)، إلى دول أفريقية أخرى، مثل غانا ونيجيريا والكاميرون.
وأشار مراقبون في المرصد الاقتصادي الجامعي في برن إلى أن عدم توافر البارومترات الأمنية الضرورية لعمل الشركات السويسرية في جنوب أفريقيا لعب دوراً مهماً في زيادة إحباط حكومة جوبا حول الإصلاحات الاقتصادية وغيرها، كما أن أي استثمارات إضافية من شأنها جلب المتاعب، القانونية والقضائية.
وتُعتبر سويسرا سابع أكبر مستثمر في جنوب أفريقيا، فاستثماراتها المباشرة تبلغ نحو 2.4 بليون فرنك، وكان من المخطط رفعها إلى 3.6 بليون فرنك خلال العامين المقبلين، ولكن حال عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في جنوب أفريقيا، ستحول دون إنعاش الاتفاقات الاستثمارية الثنائية، على المدى المتوسط.
المصدر : صحيفة الحياة اللندنية