مازالت المصالحة الوطنية في ليبيا، تطرح كأولوية في المرحلة القادمة كونها بوابة للخروج بالبلاد من ازماتها وتحقيق الوحدة،خاصة في ظل الفشل السياسي المتواصل واستمرار مسلسل الانقسامات والخلافات الذي بات ينتج في كل مرة حكومات متصارعة لم تستطع توحيد مؤسسات الدولة ووقف الفوضى الامنية والنزيف الاقتصادي الخطير.
وشهدت ليبيا انقساماً حاداً منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وتغلفت البلاد بمشاهد العنف المتكررة خلال السنوات الماضية، ما تسبّب في نمو غريزة الكراهية بين أبناء المجتمع الليبي. حيث انتشر العنف بكافة أشكاله في ليبيا خلال الأعوام الأخيرة،وأسفر عن سقوط العديد من الضحايا وساهم في زيادة التفكك الاجتماعي.
مؤتمر للمصالحة
يقود المجلس الرئاسي الليبي،تحركات حثيثة نحو عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خلال الفترة القادمة.وعقد المجلس،الاسبوع الماضي،اجتماعا ناقش خلاله الخطوات العملية التي أقرتها اللجنة الاستشارية لمشروع المصالحة الوطنية، في اجتماعاتها الأخيرة، لانعقاد الاجتماع التحضيري للمصالحة الوطنية، ووضع كل المقترحات المتفق بشأنها موضوع التنفيذ، بما يعزز نجاح هذا المشروع الوطني، وتهيئة كل أسباب النجاح له.
وقال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي،إنه "تقرر انعقاد الاجتماع التحضيري خلال الفترة من الثامن وحتى 12 يناير/كانون الثاني المقبل في مدينة طرابلس".وأضاف أنه جرى "التأكيد على كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية لاختيار ممثليها للاجتماع الذي سيضم كل مكونات الشعب الليبي دون إقصاء لأي طرف".
وشهدت ليبيا انقساماً حاداً منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وتغلفت البلاد بمشاهد العنف المتكررة خلال السنوات الماضية، ما تسبّب في نمو غريزة الكراهية بين أبناء المجتمع الليبي. حيث انتشر العنف بكافة أشكاله في ليبيا خلال الأعوام الأخيرة،وأسفر عن سقوط العديد من الضحايا وساهم في زيادة التفكك الاجتماعي.
ويرى مراقبون،ان المصالحة تمثل اولوية قصوى وان تحقيقها يشترط أليات وتدابير معينة من شأنها القطع مع الاحداث التي شهدتها السنوات الماضية والوصل الى تسويات سياسية شاملة وانجاح الاستحقاقات الانتخابية القادمة في البلاد.
وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافيفي وقت سابق،خلال انطلاق فعاليات "الملتقى النسائي للمصالحة الوطنية" بالعاصمة طرابلس،الذي يشرف على تنظيمه المجلس الرئاسي، إن المصالحة الوطنية من أهم المشاريع التي يعمل عليها المجلس وإنهم يسعون "لأن تكون على أسس سليمة لضمان استقرار البلاد والوصول بها إلى الانتخابات.
وأوضح أن "المجلس الرئاسي منذ استلامه لملف المصالحة الوطنية كان حريصاً على إنجاحه، باعتباره المشروع الذي يؤسس للانتخابات التي يطمح إليها الليبيون جميعاً".وشدد على أن "هذا المشروع يعد من أهم أعمدة بناء السلام وهو ملكية لكل الليبيين، ويشرف عليه المجلس الرئاسي بالتعاون مع الخبراء المختصين في عديد المجالات من مؤسسات الدولة والجامعات الليبية".
دعم محلي ودولي
منذ أبريل/ نيسان2021، أعلن المجلس الرئاسي الليبي، تأسيس مفوضية وطنية عليا للمصالحة لحل الخلافات بين الليبيين.وهو ما يعتبر وفق كثيرين مجالا مهما لربط جسور التواصل مجددا بين أبناء الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)،وتحقيق توافق مجتمعي يمكن من الوصول الى تسويات للخلافات العالقة وانجاز الاستحقاقات السياسية بموافقة جميع الاطراف ضمانا لنزاهتها وقبول نتائجها.
ويسعى المجلس الرئاسي لحشد الدعم لمشروع المصالحة الوطنية في البلاد،حيث اجتمع عضو المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي،مع أعيان ومشايخ وحكماء بلدية الرياينة،الذين أعربوا عن استعدادهم للمشاركة في مشروع المصالحة الوطنية،من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد والوصول إلى الانتخابات، متمنين نجاح المؤتمر التحضيري للمصالحة المزمع عقده خلال يناير 2023، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.
وفي لقاء آخر مع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، استعرض اللافي مبادرة المجلس الرئاسي بلقاء يجمع رئاستي مجلس النواب، والأعلى للدولة لمعالجة النقاط الخلافية، والوصول إلى إنجاز قاعدة دستورية، ومناقشة ملف المصالحة الوطنية، والخطوات المتسارعة للمجلس الرئاسي لتنظيم المؤتمر الجامع من أجل تحقيق المصالحة.وأكد اللافي حرص المجلس الرئاسي على إنجاح مشروع المصالحة الوطنية، مشيرًا إلى أهمية الملتقى التحضيري الذي سيعقد في يناير القادم.
من جانبه، أشاد المبعوث الأممي، بمبادرة المجلس الرئاسي لتحقيق التوافق بين أطراف العملية السياسية.وأثنى على الخطوات التي قطعها مشروع المصالحة الوطنية، مجددًا دعم البعثة الأممية لهذه الجهود.
خطة توافقية
تسعى ليبيا للوصول الى توافق على إطار دستوري للانتخابات وتوحيد المؤسسات السيادية ،وانهاء الصراع على الشرعية بين حكومتي باشاغا المشكلة من مجلس النواب وحكومة الدبيبة الناتجة عن اتفاق تونس وجنيف السياسي.
وأكد رئيسُ المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي،خلال لقائه في القاهرة مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والمندوبين الدائمين للدول العربية، أن المجلس يسعى لحل الخلافات بين مجلسيْ النواب والدولة في ليبيا،لمعالجة النقاط الخلافية العالقة بينهما للوصول إلى توافق على قاعدة دستورية تقوم على أساسها الانتخابات.
وفشلت ليبيا منذ سنوات في صياغة القاعدة الدستورية، مما أوقف عجلة الانتخابات التي كادت أن تصل لآخر محطاتها في ديسمبر 2021.وأدى الأمر الى تركيز حكومتين في البلاد واحدة في الغرب والاخرى في الشرق،وهو ما عمق الخلافات وزاد من حدتها لتصل حد الاشتباكات المسلحة بين الحكومتين في اكثر من مناسبة.
وفي وقت سابق،قال قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر،أن القيادة العامة للجيش تعلن عن "فرصة أخيرة ترسم من خلالها خارطة طريق وتجرى الانتخابات"، مشيرا إلى أنه كان أول من نادى "بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة".وأكد حفتر أن "وحدة ليبيا خط أحمر ولن نسمح بالتعدي عليه أو المساس به"، وفق تعبيره.
وتشير التطورات السياسية التي تشهدها ليبيا، الى امكانية حدوث انفراجة في الأزمة المستعصية في البلاد منذ سنوات،لكن البعض يؤكد أن الكثير من الملفات الحارقة والتحديات تفرض نفسها بقوة وأن تحقيق المصالحة الوطنية الذي يعتبر الضامن الوحيد لاصطفاف كل مكونات الشعب الليبي والبدئ في اعادة بناء الدولة،يبقى رهين التزام الليبيين بنبذ الخلافات وتحقيق التوافق الشامل.