تباينت الإحصائيات في الجزائر حول العدد الحقيقي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن المعاناة تبقي واحدة. حيث تؤكد أغلب الجمعيات التي تعني بهذه الفئة أن المعاقين يعاملون "كمواطنين من الدرجة الثانية"، بنقص التكفل المادي و المعنوي الذي يتلقونه من طرف الدولة، لتبقي هذه الجمعيات تجدد صرخة المعاق في الجزائر في كل مناسبة من أجل أنصاف المعاقين والالتفاتة إليهم.
الإحصائيات الحكومية تتحدث عن مليوني معاق والجمعيات تقدر الرقم في حدود ثمانية ملايين. تشير آخر أرقام الديوان الوطني للإحصائيات قدمتها وزارة التضامن الوطني والأسرة الجزائرية إلى أن عدد الأشخاص المعاقين في الجزائر بلغ 1975084 شخصا منهم 284073 معاق حركي و73937 معاق سمعي و173362 معاق بصري و167331 معاق ذهني و85611 شخص يعانون من إعاقات متعددة و626711 شخص يعانون من أمراض مزمنة و50299 شخص يعانون من إعاقات أخرى بالإضافة إلى 29380 معاق غير مصرح بهم.
وبخصوص التقسيم حسب السّن تظهر نفس الإحصائيات أن 131955 طفل تتراوح أعمارهم من 0 إلى 5 سنوات يعانون من إعاقة، في حين بلغ عدد الأطفال المعاقين الذين يتراوح سنهم بين 5 و19 سنة 319945 وأولئك الذين تجاوزوا العشرين فقد بلغ عددهم 1493796 معاق، علما أن عدد الأشخاص المعاقين حركيا هو الأكثر ارتفاعا بين أنواع الإعاقات، حيث يمثلون نسبة 44 بالمائة من مجموع عدد المعاقين.
وبخصوص الأسباب الرئيسية للحالات المسجلة في الجزائر تظهر الإحصائيات أن 28.5 بالمائة من الإعاقات ظهرت منذ الولادة أو تعتبر وراثية في حين تعتبر 16.7 بالمائة آثار حوادث أو جراحات و14.2 بالمائة تمثل أعراضا إثر أمراض معدية. بالمقابل قدرت إحصائيات لمشاركين في ملتقى دولي حول التكفل بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر نظم العام المنصرم عدد المعاقين بأزيد من 8 مليون من بينهم 2000 معاق يخضع لتكوين مهني.
منحة زهيدة تعد الدولة برفعها ولعل المشكل الأول الذي يواجه المعاقين في الجزائر هو قلة التكفل المادي من طرف الدولة حيث يتقاضي المعاقون شهريا منحة زهيدة تصل إلى 4 ألاف دينار جزائري ما جعل شريحة واسعة من هؤلاء يعيشون على إعانات المحسنين والجمعيات، ومنهم من توجه للتسول في المساجد والشوارع، وفي هذا الإطار تطالب الجمعيات التي تتكفل بالمعاقين في الجزائر برفع هذه المنحة ليصل إلى مستوى الأجر الوطني المضمون المتمثل في 18 ألف دينار.
وفي الصدد تحدثت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة سعاد بن جاب الله في عدة مناسبات عن إمكانية” تنصيب مجلس أعلى لذوي الاحتياجات الخاصة . مؤكدة أن الرفع من منحة المعاق توجد “قيد الدراسة” ليبقي الرهان الحالي للقطاع يكمن في “تحسين ظروف حياة المعاق و التكفل بانشغالاته من تكوين وتشغيل”.
قانون ذوي الاحتياجات الخاصة معاق في حد ذاته من جهته قال رئيس الإتحاد الوطني للمعوقين الجزائريين محمد نبيل رزاق في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن القانون الخاص بالمعاقين في الجزائر معاق في حد ذاته. بحيث لا يخدم هذه الفئة ولا يساهم في اندماجها داخل المجتمع، مشيرا إلى أن التهميش والمعاناة مازالت عنوانا صارخا لهذه الشريحة في المجتمع الجزائري الذي يعرف -حسبه- خللا كبيرا في سير أنظمته، الأمر الذي عرقل من عملية تأقلم المعاقين داخل البيئة التي يعيشون فيها. وقال رزاق أن القانون الجزائري الخاص بفئة المعوقين والذي تمّ إصداره في سنة 2002 ومازال ساري المفعول إلى يومنا هذا، لم يتمكن من ضمان حقوق المعوقين داخل المجتمع ولم يستطع تكريسها بالرغم من أنه يضم 37 مادة ترمي إلى وضع أسس تعايش هذه الشريحة مع مختلف المجالات.
كما أضاف أن وضعية المعاق في الجزائر لا تتوافق مع التطورات العديدة التي نعيشها اليوم، حيث مازال يتخبط في البيروقراطية وسوء المعاملة والتحقير من طرف العديد من المدراء وأصحاب السلطة.
مطالب المعاقين لم تؤخذ بعين الإعتبار منذ عشرة سنوات وفي نفس الموضوع أكد رئيس الفيدرالية الجزائرية للمعاقين تواتي الطيب في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن مطالب المعاقين لم تُؤخذ بعين الاعتبار منذ أزيد من 10 سنوات. وهذا ما جعل العديد من الجمعيات تعتمد لغة التصعيد في المطالب بمقاطعة الاحتفالات باليوم العالمي للمعاقين المصادفة للثاني من ديسمبر من كل سنة، "لأن جميع المسؤولين المتعاقبين على السلطات التنفيذية والتشريعية وحتى الجمهورية لم يحسنوا من وضعية المعاق في الجزائر. لتعتمد أغلب جمعيات رعاية المعاقين على طلب المعونات من المحسنين ورجال الأعمال من أجل مساعدة المعاقين على العلاج والنقل".
المعاقين في الجزائر محرومون من ركوب الميترو والترمواي من جانبها، انتقدت رئيسة الجمعية الوطنية لمساعدة الأشخاص المعاقين فلورا بوبرقوط في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية واقع نقل المعاقين في الجزائر، والذين حرموا حسبها من ركوب الميترو والترامواي وحتى الحافلات بسبب انعدام مسالك خاصة بهم. وانتقدت المتحدثة أيضا وكلاء تسويق السيارات الذين امتنعوا عن استيراد سيارة خاصة بالمعاقين والتي تكلف أزيد من 200 مليون حيث يضطر المعاق باستيرادها بنفسه، وقالت السيدة فلورا "إن اهتراء طرقات الجزائر تسّرع من انتهاء صلاحية الكرسي المتحرك الخاص بالمعاق والذي لا تتجاوز صلاحيته في الجزائر سنتين، ما يجعل أغلب المعاقين يتنقلون بكراسٍ معطلة، وهذا ما يستلزم سّن قوانين جديدة تتيح للمعاق الاستفادة من كرسي جديد كل سنتين".