تحل بعد شهر من الآن الذكرى الثالثة لظهور حركة 20 فبراير الاحتجاجية في المغرب . اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات تقريبا على انطلاق الحركة ،  ما هو واقع الحركة ؟ مالذي بقي منها ؟ وما  خلفيات تراجع مداها وبريقها ؟

حركة 20 فبراير امتداد لحركات سابقة ..لكنها مختلفة

يرى عدد من المراقبين السياسيين في المغرب، أنه من  الصعب الجزم بأن ظاهرة الاحتجاج السايسي في المغرب الحديث  مرتبطة بحركة عشرين فبراير التي رأت النور قبل ثلاث سنوات فقط.

فالمغرب شهد على عهد الملك الراحل الحسن الثاني مجموعة من الحركات الاحتجاجية التي كانت على شكل مواجهة مفتوحة ومباشرة مع النظام .

إلا أن حركة 20 فبراير وإن كانت تعد امتدادا طبيعيا لمجموعة من الحركات الاجتماعية في المغرب، فإنها تتميز بخاصيات تجعلها متميزة عن التجارب السابقة.

 فالحركة كانت منذ نشأتها شبابية صرفة، لا يوجد من أعضائها أي من قادة الأحزاب أو النقابات أو جمعيات المجتمع المدني ، الذين يعطون الانطباع في كل فرصة وحين أنهم يلعبون الأدوار الطلائعية في حل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد ، وهو ما يعفي حركة 20 فبراير من أي لون سياسي.

أكثر من ذلك، فالحركة أعطت الانطباع بأن عناصرها على انسجام كبير، على الأقل من حيث الأهداف، هذا إذا أغمضنا الأعين عن حالات معينة، خاصة حالة أحد مؤِسسيها الرئيسيين ، أسامة الخليفي، الذي غير لونه السياسي أكثر من مرة،  قبل أن يجد نفسه في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، والذي لم يكن أحد مؤسسيه، إلا فؤاد علي الهمة المستشار الحالي للعاهل المغربي الملك محمد السادس.

ففي البدايات الأولى للحركة جلس الإسلامي إلى جانب الحداثي إلى جانب العلماني دون أي مشاكل.

وتميزت الحركة برفعها لمطالب ذات طبيعة شمولية جلية، وصفها البعض بالواقعية والمعتدلة، كونها لم تذهب قط إلى المطالبة بإسقاط النظام، كما حدث في عدد  من الدول العربية.

لذا لم تخرج بيانات الحركة و شعاراتها المرفوعة بالشارع عن المطالبة بدستور ديمقراطي يمهد لقيام ملكية برلمانية، كما الشأن بالملكيات في إسبانيا وبريطانيا، ولم تخرج عن المطالبة بإجراء انتخابات حرة، تقطع نهائيا ودون رجعة مع سلوكات التزوير ، مع تأكيدها على تشبثها بمتابعة الفاسدين والمفسدين أمام جهاز قضائي طالب المحتجون بأن يكون مستقلا نزيها غير مرتش ومتبرئا من ثقافة الإملاءات والتوصيات، والتي سادت وتسيدت طيلة عقود ما بعد مرحلة خروج المستعمر من البلاد.

ولما كانت الانتفاضات العربية قد تقوت ، واستطاعت قلب مجموعة من الأنظمة، التقط الملك محمد السادس الإشارة مبكرا ، فأعلن بخطاب له في التاسع من شهر مارس 2011، أي أقل من عشرين يوما على  ميلاد الحركة،  تفهمه لمطالب الحركة، لدرجة تبنيه لمعظمها في الشكل كما في الجوهر. فبادر إلى إصلاح دستوري "واسع"، قلص بموجبه من صلاحياته الفعلية، وأوكل بعضا منها للحكومة، والبعض الآخر للبرلمان، مع التنصيص على استقلالية القضاء، وسمو مقامه بوجه كل السلطات الأخرى.

وتلا ذلك إجراء انتخابات برلمانية كانت نظيفة إلى حد بعيد، ترتب عنها فوز حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية، هو الذي يقود الحكومة المغربية من تاريخه ولحد الساعة.

حركة 20 فبراير .. تراجع الوهج

ثلاث سنوات على ميلاد الحركة، التي ملأ  ضجيجها المغرب في العشرين من فبراير من العام 2011، لم يبق حسب المراقبين منها إلا الشعارات التي تتنافس بعض الأحيان الأحزاب السياسية على تبنيها.

فلم يعد للحركة الوهج الجماهيري الكبير الذي واكب نشأتها، والانتفاضات العربية على أشدها، بل عرفت تراجعا في مداها، وليونة في شعاراتها، وتواضعا كبيرا في مطالبها.

 كما لم تعد الحركة  تستقطب متعاطفين جدد، بل اكتفت بما بقي لديها من رصيد جماهيري يتناقص عدده يوما عن يوم، واقتصرت على ترديد ما سبق من شعارات، دونما قدرة على التجديد في أفق التطور أو التأقلم مع واقع الحال الجديد، على الأقل إلى حين ابتكار أدوات الاحتجاج المناسبة لمواجهة ذات الواقع.

ولم تستطع  الحركة  إفراز زعامات تؤسس لها المرجعية و توضح لها الرؤية، وترسم لها الإطار والآفاق المستقبلية. فهي اشتغلت بالفضاء العام تحديدا، بطرق عفوية، وبإيقاع بدا من أول وهلة أنه لن يستطيع الاستمرار كثيرا.

محللون آخرون يعزون انحسار حركة 20 فبراير في المغرب إلى عوامل خارجية ، فالانتفاضات العربية بتونس ومصر وليبيا، لم تحقق الكثير من مطالب التغيير،  بل تعيش أوضاعا صعبة حول ربيعها إلى كل الفصول،  باستثناء فصل الربيع.

ثم لا ننسى الدور المضاد الذي قامت به  حركة تدعى حركة الشباب الملكي ، وهي حركة شعبية ، تنظم مسيرات مضادة لحركة 20 فبراير ،  شعاراتها تركز على تأييد الملك محمد السادس،  وتقول أن أي تغيير سيكون بوجود الملك ومعه. كما لا تقبل الحركة أي تغيير يمس النظام الملكي والوحدة الترابية.