تشهد أسعار المواد الاستهلاكية بالمغرب، ارتفاعا مهولا سواء الفلاحية كالخضر والفواكه والتي تزرع في المملكة أو الصناعية والغذائية وذلك بالرغم من أن الحكومة المغربية وعدت بالحد من ارتفاع أسعار المواد الأساسية عبر إجراءات مصاحبة، كدعم وسائل النقل، لكن هذا "الدعم " اتجه نحو نوع من الجدال بين مالك وسيلة النقل والعامل عليها، وهو الخلاف الذي لم يعرف طريقه للحل بالشكل السليم.

كما أن الحكومة، حسب اغلب الخبراء، عجزت رغم وعودها في ضبط سلسلة الوسطاء " الشناقة كما يسمون محليا" أسواق الجملة بأغلب مناطق المغرب، والذين يجنون أرباحا كبيرة دون أي مجهود من قبلهم.

بيانات ومداخلات ممثلي الجبهات الاجتماعية والنقابات، نبهت الحكومة الى أن احتكار اللوبيات  للسلع،  يعد  المتسبب الرئيسي في موجة الغلاء غير المسبوقة الذي تعرفها الأسواق المغربية، معتبرة أنها المستفيدة الوحيدة من هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

قبيل اسابيع من شهر رمضان المبارك، يجد المواطن المغربي، نفسه امام موجة من الزيادات في عدد من المواد الغذائية الاساسية وبعض السلع الموسمية الخاصة بمواد المغاربة في هذا الشهر الكريم، لكن حكومة  عزيز أخنوش بدلا من الإجابة عن سبب الارتفاع المهول للأسعار، اكتفت بالقول بأن الأسواق :"ممونة بالمواد الأساسية"، وحال المواطن  البسيط  يردد " لا قدرة لنا على شراءها".

مواقع التواصل تعج بـ "هاشتاغ"  "خليها تخمج"  في إشارة الى أسعار الخضر كالطماطم والفواكه المغربية ، والتي أصبحت أسعارها في أفريقيا  وبعض البلدان الأوروبية ، أقل بكثير من أسعارها في أسواق الجملة التقسيط بالمغرب ،  كدليل على فشل السياسة الفلاحية التصديرية في ضمان الأمن الغذائي وتوفير المنتوجات الغذائية بأسعار معقولة، وعدم  العمل على تسبيق الاكتفاء الذاتي قبل تصدير الفائض، والذي قد يتم الاحجام عنه في بعض الحالات الاجتماعية كما هو الحال حاليا تثمينا للمنتوج الوطني.

واذا كانت حكومة أخنوش، تقول  الوزيرة السابقة حكيمة حيطي :"تتعلل  الغلاء بتأثيرات  الحرب في أوكرانيا بالنسبة لبعض المواد المستوردة من الخارج، فما هي مبرراتها بالنسبة  لغلاء أسعار المنتجات المغربية، والتي كان على الحكومة تطبيق إجراءات فعلية من اجل عدم ارتفاع اسعارها الى أرقام تجعل المواطن غير قادر على شراءها، مما قد يتسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الداخلي المغربي."

وكان رئيس الحكومة المغربية، قد خصص إحدى مداخلته الشهرية لإجراءات الحكومة في مواجهة ارتفاع الاسعار، ووعد بالحد من الارتفاع المهول للأسعار، لكن الواقع أن الاسعار أخذت في ارتفاع تصاعدي دون أي أثر للإجراءات التي وعدت بها الحكومة، مما جعل العديد من الخبراء حال الأستاذ الجامعي بنعلي، يحذرون من الإضرار بالسلم الاجتماعي.

نداءات الجبهة الاجتماعية المغربية والاحتجاج الأسبوعية في عدة مدن ، تنبئ عن واقع اجتماعي، مأزوم، ربما لا يبدو للحكومة المغربية، وإذا كانت هناك اجراءات حقيقة تم اتخاذها بالفعل للحد من الأسعار " كما تقول الحكومة"، فما هي نتائجها  بعد أشهر من إقرارها ؟

مما سبق نخلص إلى أن الارتفاع المهول للأسعار، يعود بالأساس "اضافة إلى التأثيرات الخارجية وإن بشكل أقل"، إلى محدودية الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة للتخفيف من وطأة الغلاء، وفشلها في كبح جماح اللوبيات والاحتكار، وهو الأمر الذي حذر منه العاهل المغربي في أحد خطاباته.