تسعى المملكة المغربية إلى اجتثاث الإرهاب ومكافحته وذلك بسن قوانين وفرض عقوبات صارمة على كل من يحاول تهديد استقرار البلاد وأمنها، فمناهضة أعمال العنف الممنهجة تقوم أساسا على عدم التساهل والتهاون مع مرتكبيها ولكنها لا تلغي إمكانية التحاور مع المتشدّدين خاصّة الشباب منهم، باعتبارهم ضحايا لمنظومة فكرية متــطرفة.

أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن خيار الحوار مع ما يعرف بتيار “السلفية الجهادية” ببلاده “دائما مطروح ومثمر".

وأكد الوزير، في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الرباط، أنّ “ما ينبغي تسجيله هو أن الموضوع لم يعد قضية هامشية، بالنسبة إلينا، فتقوية قدراتنا في مواجهة ما يستهدف استقرارنا شكّل إطارا حاضنا لعموم المعنيّين بهذه القضية".

إلى ذلك اعتبر الخلفي بأن “التهديدات الإرهابية لا يمكن بأيّة حال التساهل معها”، مشيرا إلى أن بلاده “تبنت منذ سنوات سياسة واضحة في مناهضة الإرهاب والتعاطي الاستباقي معه ومواكبة التحولات التي تعرفها الظاهرة الإرهابية لضمان أمن البلاد".

وأشار إلى أنّ هذه السياسة “أثمرت العديد من النتائج، خاصة في ما يتعلق بالقدرة على تفكيك الخلايا المتهمة بالتخطيط أو التورط في عمليات إرهابية. وقد تمت مواكبة ذلك بسياسة تواصلية تطلع الرأي العام على مستجدات هذه السياسة الرامية إلى مواجهة التهديدات الإرهابية”، على حدّ تعبيره. وشدّد في الوقت نفسه على ضرورة “تقوية التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف من أجل تفعيل هذه السياسة".

وذكّر، في هذا السياق، بمساهمة المغرب، بمعية مجموعة من دول الساحل والصحراء، في “إحياء تجمع دول الساحل والصحراء المعني بصيانة السلم والاستقرار في المنطقة واعتماد سياسات تأخذ بعين الاعتبار التعاون الأمني”، إضافة إلى “إيلاء أهمية لمناهضة الجذور الفكرية المغذية للإرهاب، واعتمــاد سياسة تنموية مستديمة للحيلولة دون استغــلال أزمــات التنــمية لنشر الإرهــاب".

وتأتي هذه التصريحات غداة إعلان وزارة الداخلية المغربية، بداية الأسبوع، عن اعتقال خلية “إرهابية”، يعمل أعضاؤها على تجنيد متطوعين مغاربة وإرسالهم للقتال في صفوف “الجماعات الإرهابية” بسوريا والعراق، وذلك بالتنسيق مع “قياديي التنظيمات الإرهابية” التي تنشط في هذه البلدان.

وأوضح بيان للوزارة أن “هذه الخلية كانت تقوم باستقطاب مقاتلين مغاربة وتعمل على تجنيدهم، عبر تدريبات عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات، في أفق تنفيذ عمليات انتحارية بكل من العراق وسوريا”، فيما توفر لهم الدعم المالي عبر “التبرعات المالية والاتجار في السلع المهربة".

وتعلن السلطات المغربية بين الحين والآخر عن تفكيك خلايا إرهابية تتهمها بالسعي “لزعزعة أمن البلاد واستقرارها”، آخرها خلية قالت السلطات إنها تعمل على تجنيد شباب مغاربة للقتال في صفوف تنظيم القاعدة في الجزائر.

وكانت السلطات الأسبانية قد أعلنت في أواخر شهر مايو الماضي عن تفكيك خلية إرهابية تجند مقاتلين لإرسالهم إلى ليبيا ومالي في مدينة مليلية.

ومع تصاعد التوتر في منطقة الساحل والصحراء، غداة اندلاع الحرب في مالي بداية السنة قبل الماضية، وتزايد العنف في منطقة الشرق الأوسط، شدد المغرب مراقبة حدوده البرية، إلى جانب تكثيفه التعاون مع عدد من الدول الإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب وحماية الحدود، ومنع تسلل المهاجرين.

يذكر أن السلطات المغربية كانت قد اعتقلت المئات من المنتمين إلى التيار السلفي في البلاد، عقب التفجيرات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في 16 مايو سنة 2003 بتهمة ضلوعهم في التخطيط لهذه التفجيرات وتنفيذها.