بات بإمكان أبناء الجالية المغربية المُقيمة بالخارج، في جميع بلدان الإقامة، أن يتعلموا اللغة العربية والثقافة المغربية، عن بُعد، بعد إطلاق برنامج تعلم اللغة العربية عبر شبكة الانترنت، من طرف مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج e-madrassa.ma.
ولا يشكل إطلاق برنامج تعلم اللغة العربية والثقافة المغربية عن بعد، بديلا للنظام التعليمي الحالي، بل مكمّلا له ، وجاء لاعتبارات عِدّة، منها تجاوز إكراهات النظام التعليمي المعتمد حاليا، والمتمثلة على الخصوص في محدودية التغطية الجغرافية، وقيود الزمان والمكان، حيث يشتغل أكثر من 90 في المائة من الأساتذة المكلفين بتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج وكذا المتعلمين في ثلاثة بلدان، كما أنّ أكثر من 70 في المائة من الأساتذة يقطعون أكثر من 50 كيلومترا من أجل الوصول إلى أماكن التدريس. ومن بين الإكراهات الأخرى التي جعلت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تطلق برنامج تعليم اللغة العربية عن بعد، غياب الإطار التنظيمي بين المغرب وبعض الدول، وهو ما سيجعل البرنامج عاملا مساعدا على تجاوز هذا العائق .
ويهدف برنامج تعلم اللغة العربية والثقافة المغربية عن بعد والذي من المقرر أن يتبعه لاحقا برنامج لتعليم الأمازيغية ، إلى أن يكون "رافدا من روافد صيانة الهوية المغربية، ووسيلة أساسية لإثراء الحمولة الوطنية الثقافية والروحية الموحّدة للجالية المغربية في الخارج، ويجسد المرجعيات ويختزل مكونات الهوية المغربية، بجميع روافدها الوطنية، ثقافية كانت أو حضارية أو دينية".
وستكون الاستفادة من البرنامج الذي تمّ اعتماده بعد استشارة ذوي الخبرة من العاملين في الميدان، والاستشارة مع أبناء الجالية، محصورة على أطفال الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مع إمكانية فتح مجال الاستفادة لجنسيات أخرى مستقبلا، حيث ستكون الاستفادة من البرنامج مرتبطة بالهوية المغربية وصفة المغربي المقيم بالخارج، كما أنّه سيكون موجَّها خلال المرحلة الأولى من التطبيق للأطفال المغاربة المقيمين بالخارج الناطقين باللغة الفرنسية.
ويركز المخطط البيداغوجي للمشروع، على عدّة أهداف أساسية، يأتي على رأسها اكتساب رصيد لغوي وظيفي يمكّن، في المقام الأول، من استعمال اللغة العربية نطقا وكتابة وفهما، من أجل التواصل مع الغير، كما أنّ البرنامج سيركّز على تنمية الكفاءات الثقافية والروحية المرتبطة بالهوية المغربية.
وبخصوص اللغة التي سيتمّ اعتمادها في التدريس، ستكون لغة عربية ميسّرة قابلة للتداول، دون الإغراق في القواعد، مع اعتماد طرائق تعليمية سهلة، يتمكّن بواسطتها المتعلّم من سماع الكلمات المقروءة والشروحات المتعلقة بالصور باللغتين العربية والفرنسية.
ويهمّ تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأفراد الجالية حاليا أربع فئات، الفئة الأولى تهمّ الأطفال ما قبل مرحلة التمدرس، والتي لا تتجاوز 1.25 بالمائة، ثم التعليم المندمج، الذي يُدرّس داخل المؤسسات التعليمية النظامية في أوقات الدراسة الرسمية، والذي يمثل 14 في المائة، ثم التعليم المُدرّس في المؤسسات التعليمية النظامية خارج أوقات الدراسة، ويمثل 56 في المائة، ثم التعليم الذي يتأتّي من خلال مبادرات أخرى تقوم بها الجمعيات، ويسمى التعليم الموازي والذي يدرس في مقرات الجمعيات، ويمثل 26 في المائة.
وفيما يخصّ التوزيع الجغرافي لأفراد البعثة، تستحوذ فرنسا على نصيب الأسد في عدد الأساتذة، إذ تتمركز فيها نسبة 65 في المائة منهم، تليها إسبانيا بـ16 في المائة، ثم بلجيكا بنسبة 12 في المائة، فيما تتوزع 7 في المائة المتبقية على مجموعة من بلدان إقامة الجالية؛ وعلى غرار الأساتذة، فإنّ النسبة الأكبر من أبناء الجالية المستفيدين من تعلم اللغة العربية والثقافة المغربية تتمركز بدورها في فرنسا، حيث تصل النسبة إلى 66 بالمائة، ثم بلجيكا بـ 14 في المائة، ثم إسبانيا بنسبة 12 في المائة، فيما تتوزع 8 بالمائة المتبقية من المتعلمين على بلدان أخرى.