عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبداللطيف الحموشي، مديرا عاما للأمن، مع الاحتفاظ بمنصبه على رأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية)، في خطوة لا تخلو من دلالات عميقة، داخليا وخارجيا، سواء من حيث التوقيت أو الاختيار.

على المستوى الداخلي، يشكل مشروع الجهوية المتقدمة، مع ما يكتنفه من تحديات محلية وإقليمية خصوصا في تدبير أمن الحدود المشتركة بين الجهات داخليا والحدود المشتركة مع الجار الجزائري وتلك المرتبطة بالأقاليم الجنوبية، إلى جانب استحقاقات الانتخابات المقبلة محلية وبرلمانية وما تتطلّبه من تأمين للعملية الانتخابية، من الملفات المهمة والتحديات الأبرز لهيئة الأمن الوطني في شكلها الجديد، حسب صحيفة العرب.

وتمّ الإعلان عن تعيين حمروش عشية ذكرى أحداث 16 مايو، عندما ضربت قنابل الإرهابيين الدار البيضاء عام 2003، ما يعني أن المغرب أراد توجيه رسالة مفادها أنه سيصعّد في معركته ضد الإرهاب، والجماعات النشطة في محيطه الإقليمي؛ وضدّ مختلف الأنشطة التي تهدّد أمنه واستقراره، وتهدد المنطقة ككل، حيث يعتبر المجتمع الدولي المغرب أساس الاستقرار في المنطقة، خاصة وأنه قدّم النموذج الأمثل للتعامل مع قضيتين رئيسيتين: الهجرة غير الشرعية والحرب على الإرهاب.

ويؤكّد ذلك باتريك دوبريز، الذي يتولى الرئاسة المشتركة لحزب البيئة البلجيكي، قائلا إن المغرب يشكل فضاء أساسيا للاستقرار؛ سواء في منطقة المغرب العربي أو حوض البحر الأبيض المتوسط.

وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أوروبا واعية بارتباطها بالمغرب العربي ومقتنعة تماما بأهمية المغرب كفضاء أساسي للاستقرار سواء في منطقة المغرب العربي أو حوض البحر الأبيض المتوسط.

بدورها تراهن الولايات المتّحدة والأمم المتّحدة والقوى الإقليمية العربية، على دور المغرب محوريا في الحرب على التنظيمات الإرهابية في المنطقة، خاصة بعد مبايعة عدد كبير منها لتنظيم الدولة الإسلامية.

وتعكس خطوة تعيين الحموشي، صاحب التجربة الطويلة في ملاحقة الخلايا الإرهابية وشبكات الهجرة السرية والمخدرات، عن توجه لإعادة هيكلة إدارة الأمن في المغرب، سواء فيما يتعلّق بالتكوين السياسي والحقوقي، وأيضا بتأهيل الجيل الجديد من رجال الشرطة لوجيستيا ونفسيا للتعامل مع الأزمات المستجدة التي تفرض نفسها.

ولا شك أن التزامات جهاز الاستخبارات المغربي دوليا والاعتراف بأدواره وجديته سيعطي نفسا جديدا في إعادة هيكلة مرتقبة لجهاز الأمن الوطني.

وارتفع منسوب التهديد الإرهابي خلال السنوات الأخيرة لدول شمال أفريقيا، ومنها المغرب الذي فكّك خلال الفترة الأخيرة عددا كبيرا من الخلايا الإرهابية.

ومن المتوقع أن يزداد هذا الخطر خلال الفترة المقبلة في ظل توجه عدة جماعات متطرفة إلى إعلان مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي يتطلب وفق المراقبين تطوير قدرات الأجهزة الأمنية وضمان التنسيق بينها.

وسبق تعيين حمروش للإشراف على المديريتين العامتين (الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني)، إنشاء مكتب التحقيقات القضائية، أو ما اصطلح عليه بـ “أف - ب - آي” المغرب، في 20 مارس، ما يعني المضي قدما في تفكيك الخلايا الإرهابية.