حل بالعاصمة المالية باماكو العاهل المغربي الملك محمد السادس في زيارة رسمية تستغرق بضعة أيامن، وكان في استقباله بمطار باماكو الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا.

وقد خصص للملك محمد السادس بمطار باماكو استقبال كبير، ضم حشودا عديدة من المواطنين الماليين والمغاربة بالإضافة إلى فرق فلكلورية وشعبية حيت مقدم ملك المغرب إلى باماكو لثاني مرة في ظرف بضعة أشهر.

ويقوم الملك محمد السادس بجولة إفريقية تقوده بعد مالي إلى كل من غينيا كوناكري وساحل العاج والغابون.

وحسب المتابعين للشأن الإفريقي فإن زيارة الملك محمد السادس لعدد من البلدان الإفريقية للمرة الثالثة خلال فترة لا تتجاوز السنة تأكيدا لالتزامه بالتعاون جنوب-جنوب، كجانب تم الارتقاء به إلى محور رئيسي في الدبلوماسية المغربية وسياستها التنموية على الصعيد الدولي.

والتزم المغرب أيضا، في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس خلال حفل تنصيب الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا،  بعدم ادخار أي جهد لمواكبة هذا البلد في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية ذات الأولوية، من خلال تقديم دعمه للبرامج المالية للتنمية البشرية، ولاسيما في مجال تكوين الأطر والتجهيزات الأساسية وفي المجال الصحي.

ومن المبادرات المجسدة لهذا الالتزام تكوين 500 إمام مالي بالمغرب، ثم أئمة من غينيا وأيضا من تونس وليبيا، وهي المبادرة التي تؤكد توفق النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، الذي يقوم على تعاليم المذهب المالكي ونهج التسامح والوسطية. وباعتباره مهدا للإشعاع الديني والثقافي بالنسبة لبلدان غرب إفريقيا منذ فجر التاريخ، وخاصة لمريدي الزوايا الصوفية، فقد شكل المغرب أيضا قبلة مفضلة لآلاف الطلبة من إفريقيا جنوب الصحراء الذين تلقوا تكوينهم في جامعاته ومختلف مدارسه وأكاديمياته المدنية والعسكرية،  ليختار بعضهم الاستقرار ومواصلة مساره المهني بالمملكة. وعلى غرار هذه الأطر التي استقرت بالمغرب، ينتهي المطاف بفئات أخرى من المهاجرين، في سعيها إلى الالتحاق بأوروبا، إلى تفضيل العيش والاستقرار بالمغرب.

ومن خلال مساعي المغرب إلى التضامن الفعال والشراكة الاستراتيجية مع بلدان الجنوب، ولاسيما تلك الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء.

وقد  عبر الملك محمد السادس دوما عن قناعته بأن حل الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية في هذه البلدان يكمن في التنمية المشتركة وفي أن تمسك هذه المنطقة مصيرها بيدها.

وفي مواجهة الإشكاليات المرتبطة بالهجرة السرية وعدم الاستقرار والكوارث الطبيعية كالجفاف والتهديدات الإرهابية والتهريب بكافة أشكاله، كان المغرب، حاضرا على الدوام لمساعدة ودعم البلدان المتضررة في احترام تام لسيادتها وكرامتها.

ومن خلال تبنيه لهذا النهج التضامني،  أبان ملك المغرب عن مدى استشعاره للمسؤولية المشتركة لمواجهة هذه الظواهر التي لا تقض مضجع إفريقيا لوحدها، بل المغرب العربي وأوروبا أيضا، اقتناعا منه بأن هذا المسعى البناء يعد السبيل الأمثل لرفع هذه الرهانات خلافا لما تعمد إليه بعض "البلدان الجارة" التي لا تتوانى عن معاكسة مكتسبات الاستقرار والسلم الإقليميين.

هذا المعطى يعكسه واقع مالي، التي تحررت مؤخرا من قبضة الجماعات الجهادية، وحيث المغرب انخرط في "مهمة إعادة الإعمار"، من خلال إقامة مستشفى ميداني عسكري متعدد التخصصات، مدعم بمساعدة طبية وإنسانية مستعجلة.