دخل رأسا في صلب الموضوع منذ عودته إلى أرض الوطن واستقبله الكثير من الأفراد وسيل من التنويه والنقد ليعيد السباق الرئاسي إلى نقطة البداية مراهنا على عبارة "إبن الشعب" التي التصقت بمسيرته الطويلة.

في هذا الحديث يتطرق المنذر الزنايدي إلى دوافع ترشحه بصفة مستقل وعلاقته بالعائلة الدستورية ورؤيته لمستقبل البلاد ومواضيع أخرى عديدة.

*  ما هي دوافع زيارتك لواشنطن ؟

هذه الزيارة تأتي تلبية لدعوة كنت تلقيتها من جامعة "جون هوبكينز" في لقاءات وحلقات حوار مع العديد من الشخصيات والنخب سأسعى من خلالها إلى إبراز الميزات التفاضلية التي تمتلكها تونس سواء على الصعيد الحضاري أو التنموي والتي تؤهلها لتكون مثالا في الجمع بين الديمقراطية والازدهار والأمن مراهنة في ذلك على قدراتها الذاتية بالأساس ولكن أيضا على دفع التعاون الاقتصادي مع شركائنا وأصدقائنا ولي قناعة راسخة في هذا الإطار بأن حجم التعاون التونسي الأمريكي هو دون الإمكانيات المتاحة بكثير سواء في مجال السياحة أو التبادل التجاري أو الاستثمار خاصة في التكنولوجيات المتطورة التي تحتاجها تونس لخلق الطفرة المنشودة في التنمية بكل أبعادها واستيعاب الأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل.

*  أنت معروف بانتمائك للعائلة الدستورية ومع ذلك قررت خوض الانتخابات بصفة مستقل... ألا تعتقد أنك اخترت المسلك الصعب ؟

هذا مرتبط بالزاوية التي تنظر منها إلى هذا الإختيار... من ناحية المبدأ فإن إفتقار أي مترشح لحزب قوي يدعمه سيضعف حظوظه ليس في ذلك شك... أما على المستوى الشخصي أعتقد أن هذا الخيار يفتح أمامي آفاقا أوسع لخدمة تونس... ترشحت بصفة مستقل لأن الكثير من المواطنين من مختلف جهات البلاد والعديد من النخب والحساسيات السياسية والمدنية وشخصيات معروفة في كل الميادين تثق في الزنايدي أي المقاربة التي أتبناها لخدمة البلاد والقائمة على الإيمان بقدرات تونس وشعبها وقناعتي بأن المدخل الملائم لإصلاح كل الأوضاع هو القدرة على تجميع التونسيين بقطع النظر عن انتماءاتهم الجهوية والإجتماعية السياسية وإنعاش الأمل في المستقبل.

 

* ألا تعتقد أن تعدد ترشحات المحسوبين على العائلة الدستورية يضعف من حظوظها أمام بقية المترشحين ؟

أنا أحترم مثلما ذكرت منذ حين إرادة كل المترشحين من هذه العائلة وغيرها... تقدمت لهذه الانتخابات لاعتقادي أني قادر على خدمة بلادي... أنا فخور بالانتماء إلى المدرسة الدستورية ولي علاقات احترام وتواصل مع كل مكوناتها وأتمنى لها النجاح في الانتخابات التشريعية لمصلحة تونس... لكني أيضا إبن الشعب والدولة التونسية... لي رصيد من الاحترام وتصور للوضع الراهن وسبل الارتقاء بأوضاع البلاد أعتقد أنه يشاركني فيه الكثير من التونسيين.

 

* البعض يتكهن بأن الدساترة قد يلتقون حول مرشح واحد بعد التشريعية ؟

الاتصالات لم تنقطع في هذا الشأن... أعتقد أن الواعز الوطني الذي جعل هذه المدرسة تتوفق في تأطير الجهد الوطني على مدى عقود طويلة ثم إعادة استقراء ماضيها والانخراط الفعلي في المسار الديمقراطي لما بعد 14 جانفي سيكون محرارا أساسيا في خياراتها بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية.

وعموما فإن الأمر لا يتعلق بتنافس بين الدساترة وإنما بمنافسة حقيقية في السباق الرئاسي هي من ثمار المناخ الديمقراطي ... ولكل ورقاته... لكني أعتقد أن إرادة الشعب ستحسم المسألة بناءا على تجربة السنوات الأخيرة بسلبياتها وإيجابياتها وإعادة استقراء الماضي والحاضر معا.

 

* هذا يجرني إلى الحديث عن أوضاع البلاد خلال السنوات الأخيرة البعض يرى أننا كسبنا سياسيا وخسرنا على بقية الأصعدة ... كيف تنظر إلى هذه المسألة ؟

أعتقد أن بناء المستقبل المشرق للبلاد يتطلب ترميم الجسور بين الحاضر والماضي والقيام بقراءة موضوعية لكليهما... خلال الحقبة السابقة تحققت مكاسب كبيرة على الصعيد الإقتصادي والاجتماعي والمعيشي لكننا لم نتقدم بنفس النسق على مستوى بناء الديمقراطية والنهوض بالمناطق الداخلية وتفكيك قضية البطالة... بعد 14 جانفي عرفت البلاد تراجعا لافتا في عديد الميادين ... تدهور التوازنات الكبرى... تباطؤ نسق التنمية... تردي الأوضاع المعيشية للمواطن واستفحال البطالة... لكن مقابل ذلك تقدمنا كثيرا في التأسيس لديمقراطية حقيقية قوامها التعددية وحرية التعبير ... هذه مكاسب كبيرة لا ينكرها أحد.

تونس لم تكن في الماضي لا جنة ولا خراب... وهذا الوصف ينسحب أيضا على الحاضر ... وبالتالي فإن مصلحة البلاد تقتضي التوفق في ربط مكاسب الحاضر والماضي وتفادي سلبيات هذا وذاك... والتفاتة الجميع إلى المستقبل وإيمانهم بقدرات بلادهم وشعبها.

 

* على ذكر المستقبل ... هل تعتقد أن تونس قادرة على الخروج من الأزمة الراهنة ؟

تونس تواجه كما ذكرت منذ حين صعوبات على عديد الأصعدة لكن من منطلق معرفتي بالواقع المعيش للتونسيين وتطلعاتهم من جهة والخبرة التي اكتسبتها في التسيير وإدارة الأزمات بفضل الدولة التونسية من جهة ثانية أعتقد أن الشعب التونسي قادر على تحقيق المعجزات إذا أحس بصدق النخبة وتضامنها وابتعادها عن كل أشكال إضاعة الوقت.

تونس مازالت تحتفظ بالكثير من الورقات الرابحة وفي مقدمتها مهارة اليد العاملة بما في ذلك خصوصية البطالة التي تتكون في أغلبها من شباب حصل قدرا مهما من المعرفة يؤهله للتكيف مع أرقى التكنولوجيات ... تونس تمثل أيضا بوابة كبرى للاستثمار على سوق بنحو مليار مستهلك بفضل عشرات اتفاقيات التبادل الحر التي تجمعها بمحيطها المغاربي والأورومتوسطي والعربي والإفريقي. الإمكانيات إذن لا تعوزنا بل نحتاج إلى التوفق في استغلالها.

 

* أي برنامج يخوض به المنذر الزنايدي السباق الانتخابي ؟

أعتقد أن السياق يحتاج إلى أكثر من برنامج ... أنا أخوض هذا الموعد الانتخابي بتصور شامل ينطلق من تشخيص دقيق لأوضاع البلاد وقدراتها وسبل استغلالها على أكمل وجه لتحقيق تطلعات الشعب التونسي إنطلاقا من الدور الموكول لمؤسسة رئاسة الجمهورية.

هذا يقتضي بالأساس إعادة الاعتبار إلى هذه المؤسسة باعتبارها رمزا لوحدة التونسيين وتضامنهم وتوظيف صلاحياتها لخدمة البلاد وشعبها خاصة من خلال دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي وتنشيط العلاقات الخارجية في الاتجاه الذي يخدم تونس ويجلب لها الاحترام والثروات وترميم هيبة الدولة وسلطة القانون وهي كلها شروط جوهرية لإنعاش الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية عبر تثمين الورقات الرابحة التي ذكرتها منذ حين وخاصة الذكاء البشري وتموقع تونس كبوابة كبرى للاستثمار.

 

* لكن الأوضاع الصعبة في تونس لم تكن نتاجا لعوامل داخلية فقط ... بل أيضا لتأثيرات خارجية ... كيف تنظر إلى المعطى الإقليمي والدولي ؟

المعطى الإقليمي والدولي يطرح بلا شك تحديات جسيمة على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والثقافية... لكنه أيضا يوفر فرصا هامة لتحقيق طفرة غير مسبوقة في التنمية بكل أبعادها علينا أن نحسن استغلالها.

هناك مجالات واسعة لدفع الشراكة والتبادل التجاري مع البلدان المغاربية والعربية ولنا الإطار القانوني الملائم لذلك... قطاع الخدمات يمتلك قدرات تصديرية هامة لا فقط نحو البلدان الإفريقية والعربية وإنما مع الشريك الأول لتونس الاتحاد الأوروبي الذي علينا أن نواصل التفاوض معه لإزالة كل العراقيل أمام تصدير الخدمات التونسية وخاصة مسألة حرية تنقل الأشخاص والاعتراف المتبادل بالشهادات والكفاءات.

الفرص متاحة أمامنا في كل المناطق في أمريكا... في آسيا...علينا أن نحسن استغلالها لفتح مزيد من الأسواق أمام الصادرات التونسية واستقطاب الاستثمار والشراكة في الميادين التي تتلاءم مع خصوصياتنا وخياراتنا... تكنولوجيا المعلومات والاتصال ... الصناعات والخدمات المرتبطة بالبيئة والطاقة... البيوتكنولوجيا...الصناعات الميكانيكية والالكترونية...الخدمات الصحية.

أنا أستعد لزيارة واشنطن ولي قناعة راسخة بأنه توجد مجالات واسعة لدفع الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في قطاعات السياحة والتبادل التجاري والاستثمار في القطاعات الواعدة التي ذكرتها منذ حين.

إذا توفقنا في استغلال هذه الفرص سنرتقي بمعدلات النمو إلى المستوى الذي يستجيب لتطلعات التونسيين في كل جهات البلاد...في التشغيل والرفاه...ومحيط العيش...وستتوفر للدولة الإمكانيات التي تجعلها قادرة على القيام بأدوارها على أكمل وجه وخاصة الارتقاء بجودة الخدمات العمومية في التعليم والصحة وغيرها.

أعتقد كما ذكرت منذ حين أننا نمتلك كل الإمكانيات حتى تكون تونس مثالا في الجمع بين الديمقراطية والرفاه والأمن ...وهو ما جعلني أضع إنعاش الأمل في المستقبل محورا مركزيا في تصوري لسبل بناء تونس الجديدة.

 

 

 

 

 

 

3 Attachments