حذر عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ضو المنصوري، من مساعي من وصفهم بـ "معارضي مشروع الدستور" لإطالة أمد الأزمة الليبية للحفاظ على مصالحهم.

وقال المنصوري في ورقة بحثية خص بوابة أفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "لم يكن المعارضين لمشروع الدستور يصدقون بأن الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ستنجز المهمة التي تكفل الإعلان الدستوري بإسنادها لها وفقاً لانتخابات حرة و نزيهة، وعزف الكثير منهم على وتر الاختلافات بين أعضاء الهيئة منذ صدرت مسودة الدستور في 2016/4/19 م، وإحالتها إلى مجلس النواب وصدور أحكام قضائية بوقف نفاذها ، وسيطرت حالة من الجمود على العملية الدستورية ، إلى أن أدرك أعضاء الهيئة بضرورة التوافق بينهم وهو ما تم تجسيده بصدور قرار الهيئة التأسيسية رقم (1) لسنة 2017م ، بتشكيل لجنة التوافقات الدستورية من أثنى عشر عضواً، وباشرت اللجنة عملها برئاسة الدكتور (عبدالحميد جبريل) ، واستمعت لجميع الآراء على كل مواد الدستور "مادة-مادة" بل سمحت اللجنة لكل أعضاء الهيئة أن يقدموا مقترحاتهم و رؤيتهم على كل نصوص المشروع ، وعند عرض مشروع الدستور الذي انتهت إليه لجنة التوافقات الدستورية مقابل عدة أطروحات أخرى، حصل مشروع لجنة التوافقات الدستورية على 35 صوتاً مقابل حصول بقية المشاريع على 3 أو أربعة أصوات في أحسن الأحوال،  ومع ذلك استمرت اللجنة في الاتصال بجميع أعضاء الهيئة لإحداث تنقيحات على نصوص المشروع ، إلى أن وصل يوم التصويت لي الصورة التي صدر بها حيث صوتت الهيئة على هذا المشروع في 2017/7/29 م ، ب(43) صوتاً من أربعة وأربعين ، أي وفقاً للنسبة التي أشترطها الإعلان الدستوري وزيادة عليها".

وتابع المنصوري، "هذه المقدمة أضحت ضرورية للقائلين بأن هناك مشروعين للدستور. (2016/4/19) و ( 2017/7/29)م، وحتى تكون الصورة واضحة فإن مشروع 2016/4/19م لم يحصل على النصاب الذي أشترطه الإعلان الدستوري، وأصدرت محكمة استئناف البيضاء قراراً بوقف تنفيذه لحين الفصل في الموضوع مشيرةً إلى عدم حصول المشروع على (41) صوتاً وهي النسبة الموصوفة في الإعلان الدستوري، وهذا ماحدا بالهيئة التأسيسية إلى إصدار القرار رقم ( 1) لسنة2017 م ، بتشكيل لجنة التوافقات الدستورية تفادياً محاولة الجمود وتنفيذاً لحكم قضائي. وهو ما يقطع بأن المشروع الذي أقرته الهيئة في 2017/7/29 م ، هو مشروع الدستور وحده دون غيره، ولا حاجة لنا للتدليل وفقاً لأسس القضاء الإداري والقرارات الإدارية التي نعتقد أنها لا تغيب عن كل قريب من الصناعة القانونية ،هذا أولاً، وثانياً:- الأثر الأول للصدمة، فلم يعد أمام المناوئين للعملية الدستورية وقد فلت الزمام من بين أيديهم إلا امتشاق أبواق القنوات الإعلامية للقول بأن هناك قضايا رفعت أمام محكمة استئناف البيضاء،ومحكمة استئناف بنغازي ونفخ في هذه الأحكام المبتدأة إلى أن أصدرت دائرة القضاء الإداري بالمحكمة العليا حكماً تضمن مبدأ قضائياً مفاده ( عدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعاوى المتعلقة بالمسار التأسيسي) وأوضح بجلاء حالة الهيئة التأسيسية وتعريفها ومهمتها التأسيسية ، وأنها ليست سلطة قضائية أو تشريعية أو تنفيذية . بل هي سلطة تأسيسية من مهمتها إعداد دستور دائم للبلاد ولا يجوز لأي من السلطات الثلاثة التدخل في أعمالها، هذا الحكم التاريخي الذي توافق مع الفقه والقضاء المقارنين جعل من المناوئين لمشروع الدستور توجيه بوصلتهم نحو مفاهيم أخرى عائمة، غامضة، مشوشة كالقول بأن مشروع الدستور (كارثي) أو (مسودة معيبة) أو مسودة (ستدخل البلاد في حرب) أو ( إنها تُرسخ المركزية) أو إنها (تؤسس للدولة الدينية) انسجاما مع نفس الأنغام التي تعزف في هذا السياق ، هذه الصرخات الملتبسة ظلت حبيسة البرامج الموجهة من القنوات والمحطات التي تمول من الخارج بغرض تنفيذ مخطط من بعض الدول يهدف إلى عدم استقرار ليبيا وضرب مشروع الدستور الذي يعتبرونه خطراً على بلدانهم ومتقاطعاً مع سياساتهم ، و وضع شروطاً لا تتوفر في عملائهم المستترين، فرفعوا عيار المعارضة لمشروع الدستور بتعليلات لا تنطلي حتى على الأطفال ، عدم وجود استقرار ، وجود المليشيات، انعدام الأمن، للوصول إلى التقرير بانتخابات بدون مشروع الدستور ، بعد أن اشترطوا قاعدة دستورية بطريقة هلامية يصعب تحديدها أو الاتفاق عليها أو حتى الاجتماع لتكوين من سيقوم بإعدادها".

وأضاف "إذا ظهرت نتائج الصدمة و اختلفت الرقصات ، لكنها جميعاً تتفق مع (نحن نرفض مشروع الدستور) مع إخفاء أن هذا المشروع يهدد مصالحهم لأنه يؤسس لبناء الدولة. والتداول السلمي علي السلطة ، وتحقيق المساواة بين الليبيين ، وإحداث تنمية اجتماعية، وتنمية اقتصادية، وتنمية مكانية ، وتحقيق اللامركزية الموسعة ، وتثبيت الهوية الليبية الجامعة، واللغة العربية لغة الدولة ، وليبيا جزء من الوطن العربي ، وإعطاء مكنة احتكار الدولة للسلاح إلا عن طريق الجيش والشرطة، وحماية المال العام ، وعدم سقوط الجرائم المتعلقة به بالتقادم، وقيام الوظيفة العامة على الجدارة والكفاءة وتكافؤ الفرص، وفحص المؤسسات وفقاً لأحدث معايير العدالة الانتقالية ، وتحقيق المحاكمات العادلة وفقاً لأحدث شروطها على المستوى الدولي الذي تضمنته الاتفاقيات الدولية، وكذلك وحدة ليبيا وسيادتها التي لا تقبل التجزئة، هذه المبادئ المرعبة في نظر المناوئين هي التي أفزعتهم وأحدثت (مساً )في تصرفاتهم على أصعدة عدة بدأت تظهر معالمه-صالونات ثقافية -إذاعات موجهة -أكاديميين طامعين في السلطة -منظومات اقتصادية تخشى على مكاسبها من قوت الشعب الليبي ومعاناته، وهو ما يقودنا إلى الإشارة بأن طوابير المصارف و شح السيولة، بل انعدامها و تدني الخدمات الصحية إلى مستوى لم تشهده أكثر الدول تخلفاً ، وعدم قدرة المواطن على الوفاء لعائلته بأقل المتطلبات المعيشية، وانعدام الأمن وانتشار المجموعات المسلحة في كل حي ، وشبح الحرب الذي يلوح في الأفق كل يوم، وحكومات تفرقت من بعضها ، وسلطات تشريعية تستخدم السلاح عند نقاش قانون الاستفتاء على مشروع الدستور، كل هذه المعيقات المعيشية المتوالدة لا يشعر بها المناوئين لمشروع الدستور، والذين يريدون ترسيخ الأمر الواقع للحفاظ على مصالحهم، ولا يعانون من ضـنك العيش مثل بقية الليبيين، ولهذا فهم لا يريدون دستور(هذا المشروع أو غيره)، لا يمكن فهم ما تقدم بأنه ترويج لنصوص مشروع الدستور الذي أعدته هيئة منتخبة من الشعب ولكنها كلمات تستمد حرارتها من معاناة الليبيين وحاجتهم إلى بناء الدولة فإن كان بالمشروع عثرات فهو عمل من صنع البشر يمكن تصحيحه بعد تجربته وهو ما يكفله المشروع، من أجل بناء الدولة والتقدم خطوة نحو سُلم الحياة التي أرادها الله لنا".