افتتح، مساء الأربعاء، بالجزائر العاصمة مهرجان الجزائر للسينما المغاربية في نسخته الثانية بحضور شخصيات تعنى بالفن السابع من مخرجين سينمائيين ونقاد وباحثين وإعلاميين من البلدان المغاربية الخمسة: الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا.

وسيمتد المهرجان،الذي يعتبره الجزائريون واجهة للحدث الثقافي بالجزائر، على مدى أسبوع كامل من الفرجة والمنافسة وعقد ندوات ومحاضرات لبسط النقاش حول واقع ومستقبل السينما المغربية ودورها في البناء الثقافي والحضاري للمنطقة المغاربية.

وقالت نادية العبيدي، وزيرة الثقافة في الحكومة الجزائرية الجديدة، والتي لم يتعد عمرها عشرين يوما على تشكيلها، في كلمة افتتاحية للمهرجان: "إن السينما المغاربية ليست مجرد مفهوم فكري أو أمنية، وإنما يجب الإقرار والتكفل به، فهي موجودة فعلا من خلال إنتاج هام من حيث الكم والنوعية ومن خلال التبدل المستمر والمثمر بين البلدان حيث نجد نفس الانشغالات ونفس الالتزامات".

وأضافت العبيدي، وهي مخرجة سينمائية وأستاذة جامعية، أنها جاءت إلى الوزارة عن طريق الصدفة وتتقمص دورا رسميا يحتاج إلى مخرج والذي هو المثقف الذي يجب أن يقوم بدور الترشيد والإشراف على الجانب الثقافي.

كلمة الوزيرة الجديدة في الحكومة الجزائرية الجديدة كانت مقتضبة وحاولت من خلالها أن تخلع الرداء الرسمي وتتحدث كمثقفة أمام زملائها الذين بادلوها التحية بأحسن منها، وذلك بمقاطعتها بالتصفيقات، عرفانا وتقديرا بموقعها الثقافي الذي تعهدت بالمحافظة عليه.

وفندت الوزيرة "الزعم الذي يشكك في وجود سينما مغاربية" بالقول: " هناك سينما مغاربية بعالمها ورموزها القصصية وشخصياتها وثقافتها وقيمها الحضارية، وحين ننسى في بعض الأحيان، نجد من يذكرنا بذلك في المهرجانات الدولية".

واستطردت كون المجال واسع في الفن السابع، كما يقال عادة، لذلك يمكن أن يشمل الفن السابع جميع أطوار الفن السينمائي، ابتداء من التكوين ووصولا إلى التوزيع، ومرورا بالتبادل التقني والإنتاج المشترك والترويج في الفضاء المغاربي وفي العالم قاطبة، لذلك، تقول الوزيرة، "من واجبنا أن ندعم الإنتاج ندعم الإنتاج السينمائي في المنطقة المغاربية، وأن نقدر صناع السينما أحسن تقدير ونوفر لهم الإمكانيات التي هم بحاجة إليها".

ودعت الوزيرة في معرض كلمتها إلى مضاعفة الشراكة في الإنتاج لأنه أحد السبل بتقريب المهارات والمواهب وضمان التبادل الدائم بين صناع السينما المغاربية، وذلك عبر "سوق إقليمية من خلال إعطاء الفرصة للإنتاج لتحقيق مردودية على نطاق واسع، سيعزز تطوير صناعة السينما المغاربية".

وفي ذات السياق اقترحت لعبيدي تدعيم وتثمين التكامل على كافة المستويات: مواقع التصوير والاستديوهات والوسائل التقنية وشبكات دور السينما والمهرجانات دون أن تنسى نوادي السينما، والتي تتولى تربية النشء "تربية فنية وحضارية وتشكل خزانا لهواة السينما والسينمائيين".

الوزيرة استشعرت أن أمام إقامة هذه المشاريع الثقافية والفنية التي تعنى بالسينما في المجال المغاربي تعترضه عقبات باتت معروفة لدى العامة قبل الخاصة، وقالت متسائلة: "أليس كل عمل مهما كانت طبيعته ونطاقه وحجمه هو وليد الرغبة أو الحاجة إلى تجاوزها؟ يجب أن نحلم أولا، ثم نتقاسم الحلم، ومن بعدها يمكن لنا أن نحققه".

وأضافت: "عندما اقترح علماء الآثار ومحافظي المتاحف المغاربيين فكرة "شهر التراث" لم يكونوا يعرفون أن مؤتمر وزراء الثقافة لبلدان المغرب العربي عام 2013، ستعتمد فكرة هذه التظاهرة، التي أصبحت منذ ذلك الحين تظاهرة ثقافية متميزة في منطقتنا".

وأكدت المتحدثة أن مهرجان الجزائر للسينما المغاربية هو بمثابة نقطة الانطلاق لدعم مبادرة التقارب المثمرة والدائمة عبر المنافسات في مجال الثقافة والسينما ودعم ما يجمع ويحفز للعمل من أجل القضايا المشتركة، ألا وهي قضية تطوير ونشر السينما المغاربية.

أما محمد عبد الكريم آيت أومزيان، محافظ المهرجان، فقد اشار في معرض كلمته إلى أن نجاح النسخة الأولى من المهرجان كانت حافزا كبيرا للمنظمين، إذ بمجرد نشر إعلان الترشح في المهرجان تلقى المنظمون كما هائلا من طلبات التسجيل من لدن رجال السينما المغاربيين.

وكشف آيت أومزيان أن الجزائر ستكون الجسر لكل "المشاريع الطموحة في فضاء هذا المهرجان الذي تغلب عليه صفة الإنسانية وجو الأخوة".

ولعب مهرجان الجزائر للسينما المغاربية منذ تأسيسه من قبل وزارة الثقافة بموجب الأمر الصادر 28 جمادى الأولى الموافق 13 ماي 2010، دوارا تجسد في تعريف الجمهور بآخر ما أنتجته شاشات دول المغرب العربي من انفتاح على الكتاب والمبدعين لمناقشة إشكالية السيناريو وإمكانية اتخاذ الإنتاج الأدبي والموروث الثقافي منطلقا لصياغة حكاية درامية قابلة للمشاهدة من خلال الطابع التنافسي الذي يلزم إدارته بانتفاء أفضل الأعمال السينمائية من حيث المستوى الفني والجمالي والتقني للحفاظ على السقف العالي للمهرجان.

 

 

*نقلا عن هسبريس