يواجه المواطن الليبي ضغوطا اقتصادية متزايدة مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم وضعف القدرة الشرائية، مما يؤثر بشكل مباشر على مستوى المعيشة. 

وفقا لتقديرات البنك الدولي، بلغ معدل التضخم في ليبيا حوالي 2.8% خلال عام 2024، ومن المتوقع أن يستقر عند 2.6% في عام 2025. ورغم أن هذه النسب تُعد منخفضة مقارنة ببعض الدول الأفريقية الأخرى، إلا أن التحديات الاقتصادية المستمرة تجعل التأثير أكبر على حياة المواطنين.

وفي ظل الضغوط التضخمية التي تؤثر على اقتصادات أفريقيا، تواجه ليبيا صعوبات متزايدة في الحفاظ على استقرار القدرة الشرائية للمواطنين، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لمعيار تعادل القوة الشرائية (PPA) حوالي 17,588 دولارا سنويا، وفقا لتقرير نشره Business Insider Africa استنادا إلى بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وتأتي ليبيا بعد الجزائر، التي سجلت 18,348 دولارا للفرد، مستفيدة من استقرار نسبي في معدلات التضخم، في حين تجاوزتها دول مثل جنوب أفريقيا (16,009 دولارا) وتونس (14,718 دولارا) التي تعاني من تحديات اقتصادية أبرزها ارتفاع التضخم والبطالة.

ويشير التقرير إلى أن انخفاض قيمة الدينار الليبي وارتفاع أسعار السلع الأساسية يفاقمان من الضغوط المعيشية، مما يقلل من القوة الشرائية للمواطنين، رغم الموارد الطبيعية الكبيرة التي تمتلكها البلاد.

في ظل المؤشرات الاقتصادية الحالية، يجد المواطن الليبي نفسه في مواجهة صعوبات متزايدة لتلبية احتياجاته الأساسية. فمع متوسط الدخل الفردي الذي يقدر بحوالي 7,570 دولارا سنويا، يبدو أن هذا الرقم لا يعكس القدرة الفعلية على تغطية تكاليف المعيشة، خاصة مع التقلبات المستمرة في أسعار الصرف والارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود.

وتعتبر تقلبات سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية أحد العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين. يواجه المواطن الليبي تباينا كبيرا بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة. هذا التباين يساهم في رفع الأسعار بشكل ملحوظ ويزيد من معاناة الأسر الليبية، خصوصا تلك التي تعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة التي ترتبط بشكل مباشر بهذه التقلبات.

أما السلع الأساسية، فقد شهدت أسعار العديد من المنتجات الحيوية زيادة ملحوظة، ما جعل العديد من الأسر الليبية في حالة صعبة، إذ باتت الحاجة إلى الغذاء والوقود تشكل عبئا إضافيا على ميزانيات الأسر. يتزامنذلك مع تراجع القدرة على الادخار أو الاستثمار في مجالات أخرى، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الحياة اليومية للمواطنين.

كل هذه التحديات تتطلب اتخاذ خطوات عاجلة من قبل السلطات المعنية لتطبيق سياسات اقتصادية ونقدية فعّالة من شأنها السيطرة على تقلبات سعر الصرف، وتحقيق استقرار اقتصادي يحسن من القدرة الشرائية للمواطنين، ويسهم في تعزيز استقرار السوق المحلي في مواجهة العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية.