نشر موقع المونيتور المتخصص في التحليلات السياسية مقالا للصحفي والسياسي الليبي الدكتور مصطفى الفيتوري تحدث فيه عن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع في ليبيا، ورغبة واشنطن في توسعة وتكثيف هذا الدور مع بداية تركيز الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن على الشؤون الدولية.

عينت إدارة بايدن للتو أول مبعوث خاص لها إلى ليبيا وهو السفير ريتشارد نورلاند الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ أغسطس 2019. وسيتضاعف الآن دوره كمبعوث خاص.

ومن سفارة الولايات المتحدة في العاصمة التونسية تونس الجارة كان نورلاند يتحدث عن الشؤون الليبية ، ويزور البلاد بانتظام ويغرد يوميًا تقريبًا حول سياساتها. وفي مرحلة ما بدا أنه الدبلوماسي الأمريكي الوحيد الذي يتابع الصراع الليبي عن كثب بينما بدا أن إدارة ترامب تنأى بنفسها.

وتتحمل الولايات المتحدة بعض المسؤولية الأخلاقية تجاه ليبيا لأنها كانت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما قد شاركت في التدخل العسكري عام 2011 لدعم التمرد المسلح -الذي أطلق عليه اسم الثورة الليبية- والذي أطاح بالزعيم السابق معمر القذافي والذي انتهى به الأمر إلى إرسال ليبيا إلى الفوضى والصراع وانعدام القانون.

وفي ما يُنظر إليه على أنه نهج أمريكي نشط جديد تجاه ليبيا زار القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي جوي هود طرابلس في 18 مايو حيث التقى بنظيرته نجلاء المنقوش ورئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. وهود هو أعلى مسؤول أمريكي يزور البلاد منذ عام 2014 عندما انتقل موظفو السفارة الأمريكية إلى تونس بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد.

وقال هود في مؤتمر صحفي مشترك مع المنقوش في طرابلس إن "هدف الولايات المتحدة هو إقامة ليبيا ذات سيادة ومستقرة وموحدة بدون تدخل أجنبي وأن تكون دولة قادرة على محاربة الإرهاب"، وأضاف "نحن نعارض وجود المقاتلين الأجانب. نحن نعارض الحرب بالوكالة ". رددت مضيفته بقوله "التدخل الأجنبي –تقصد في ليبيا- يجب أن ينتهي". كما دعت الولايات المتحدة إلى إعادة فتح سفارتها وقنصليتها في طرابلس اللتين تم إغلاقهما منذ سبع سنوات.

والقوات الأجنبية والمرتزقة قضية خلافية في ليبيا وخارجها. ويخشى الكثير من أن وجودهم قد يعرقل العملية السياسية برمتها بما في ذلك انتخابات 24 ديسمبر الموعودة.

في ديسمبر الماضي قدّرت القائةم بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز عدد المقاتلين الأجانب بنحو 20 ألف يتمركزون في 10 قواعد مختلفة على الأقل. ولا تخضع أي من هذه القواعد لأي نوع من السيطرة الليبية.

وقالت ويليامز -التي تركت منصبها في الأمم المتحدة في مارس- لـ "المونيتور" إنها تعتقد أن إدارة بايدن أكثر جدية بشأن ليبيا في كل من السياسة والاستراتيجية، مضيفة أنها لاحظت هذه "النغمة الجديدة" خلال إحاطتها الأخيرة لمجلس الأمن الدولي في 3 يناير. وقالت أيضا إن تعيين نورلاند مبعوثا لليبيا هو "إشارة جيدة" تشير إلى عودة الولايات المتحدة إلى ليبيا.

وهي تعتقد أن الولايات المتحدة تمر بـ "عملية شاملة في السياسة" تهدف إلى العودة إلى التعددية في معالجة الشؤون العالمية بما في ذلك النزاعات. يتناقض هذا بشكل صارخ مع الإدارة السابقة التي اتبعت سياسة أكثر أحادية الجانب تحت شعار "أمريكا أولاً".

وقبل تعيينه مبعوثًا حذر نورلاند المعروف بتغريداته المنتظمة حول ليبيا "من مخاطر الوجود الروسي في ليبيا".

وحذر الرئيس جو بايدن روسيا مرارًا وتكرارًا من أنها يمكن أن تتوقع منافسة أمريكية شديدة بشأن القضايا العالمية وليبيا ليست استثناء على الأرجح. واختتم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين للتو جولته في الشرق الأوسط التي أخذته إلى مصر من بين دول أخرى. لا بد أن التطورات الليبية قد نوقشت في القاهرة لأن مصر حليف قوي لقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ولها مصالح أمنية واقتصادية في جارتها الشرقية. تشير زيارة هود إلى طرابلس إلى رسالة مهمة لجميع المتورطين في الصراع الليبي على الصعيدين المحلي والإقليمي. وقالت ويليامز إن إمكانات الولايات المتحدة "للاجماع دوليًا" تجبر وتشجع الآخرين على أن يحذوا حذوها.

كما أنها تقارن إلى حد ما الوضع في العراق بعد غزو عام 2003 والتدخل العسكري في ليبيا عام 2011، مشيرة إلى أنه في ليبيا "لم يتم تعلم دروس العراق".