أكد عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، أن حل الأزمة الليبية يكمن في إرادة الشعب الليبي.
وقال النعاس، في رسالته التي وجهها إلى البعثة الأممية بعنوان (كفاكم تغييب الشعب وتجاهل إرادته) –وخص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها- "إن حل المسألة الليبية لا يقبع في دهاليز باريس أو باليرمو أو برلين، ولكن الحلّ يكمن في إرادة الشعب الليبي من الليبيين والليبيات، عُقدت العديد من المؤتمرات والملتقيات حول المسألة الليبية، ومنها في باريس وباليرمو، والدعوة لعقد ملتقى وطني جامع، والمجهودات الأخيرة الحثيثة لعقد مؤتمر دولي في برلين حول الوضع في ليبيا، ، ولكن الجدير بالملاحظة هو تغييب الشعب الليبي وتجاهل إرادته بالكامل، رغم أن هذا الشعب هو صاحب الحق وصاحب الكلمة وصاحب القرار في تقرير مصيره وبناء مستقبله وتأسيس دولة القانون والمؤسسات، وبكل تأكيد يتبادر إلى ذهن القارئ هذا السؤال: كيف تم تغييب صاحب الحق؟ ولماذا؟".
وتابع النعاس، "إن الشعب الليبي هو صاحب الحق وصاحب كلمة الفصل وصاحب القرار النهائي لتقرير مصيره، فلا مصادرة لحق الشعب الليبي ولا وصاية عليه من أحد، وهذه حقيقة يجب أن تكون ماثلة أمام الأعين. إن تجاهل البعثة الأممية لإرادة الشعب وتغييب صوته، جاء كعمل مقصود وممنهج، وذلك من شقين: الشق الأول: تجاهل البعثة الأممية للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور التي أنشأها الإعلان الدستوري وتم انتخابها انتخابا حراً مباشراً من الشعب الليبي صاحب السلطة التأسيسية الأصلية، كهيئة تأسيسية شرعية مناط بها وحدها دون غيرها مهمة الخروج بالبلاد من مرحلة انتقالية يسود فيها الصراع على السلطة إلى مرحلة استقرار يسود فيها الدستور والتداول السلمي على السلطة، وينعم فيها الليبيون والليبيات بالحرية والسعادة. وقد ترسّخ هذا التجاهل من خلال عدم اجتماع البعثة الأممية بالهيئة التأسيسية والاستماع إلى قول الهيئة في العمل الذي انجزته والمتمثل في مشروع الدستور باعتباره الحلّ الأنسب المستمد من شرعية الشعب الليبي".
وأضاف، "الشق الثاني: تجاهلت البعثة الأممية عمل الهيئة التأسيسية الذي عبّرت به عن إرادة الشعب الليبي حيث قامت يوم 2017/7/29 بإقرار واعتماد مشروع الستور الليبي الدائم بأغلبية دستورية صحيحة ومعزّزة بالتصويت العلني الحرّ المباشر بمقرّ الهيئة التأسيسية بمدينة البيضاء، وبموافقة (43 عضوا) يمثلون مناطق ليبيا وكل الدوائر الانتخابية ( 11 عضو من برقة ، 15 عضو من طرابلس ، 17 عضو من فزان)، وقد تم حسم كل الجدل القانوني حول مشروع الدستور والهيئة التأسيسية من خلال أحكام القضاء المدني والإداري والتي توّجت بالحكم التاريخي للمحكمة العليا يوم 2018/2/14، وكان واجبا على البعثة الأممية التمسّك بمشروع الدستور كمبادرة للحلّ الفعلي".
كما قال، "‘إنني أؤكد على وجوب احترام الشعب الليبي وعدم تغييبه أو تجاهل إرادته استنادا إلى الأسس الآتية: 1/ حق الشعب الليبي في تقرير مصيره وبناء دولته بكل حرية ودون مصادرة هذا الحق أو الوصاية عليه من أحد، واحترام إرادته الحرّة في انتخابه الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور والتي أوكل لها مهمة صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد وفق ما جاء في الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 3 أغسطس 2011 وتعديلاته اللاحقة. 2/ إن المسار التأسيسي الذي رسمه الشعب الليبي لنفسه والمتمثّل في مشروع الدستور يجب أن يكون بمثابة ورقة أساسية مطروحة في كل الملتقيات الوطنية والدولية التي تناقش المسألة الليبية باعتبار أن مشروع الدستور الصادر بتاريخ 2017/7/29 هو الحلّ الوحيد الحقيقي النابع من إرادة الشعب الليبي لتأسيس الدولة الليبية الحديثة. 3/ ضمان حق الشعب الليبي في تقرير مصيره وقول كلمته الفاصلة ووضع بصمته النهائية من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور للقبول به أو رفضه، علماً بأن مجلس النواب كان قد أصدر القانون رقم (6) لسنة 2018 المعدّل بالقانون رقم (1) لسنة 2019 بشأن الاستفتاء على مشروع الدستور الدائم للبلاد الذي أقرّته الهيئة التأسيسية، كما تم إحالة قانون الاستفتاء إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لإتمام إجراءات الاستفتاء وتمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه الدستوري. 4/ حيث أن أحد الأساليب الحديثة لصناعة الدساتير هو انتخاب الشعب هيئة تأسيسية لكتابة الدستور كما حدث في تونس بانتخاب المجلس التأسيسي/2011، وصدور دستور/2014 دون استفتاء، وحيث أن الهيئة التأسيسية منتخبة من الشعب الليبي، وفي حال عدم امكانية إجراء الاستفتاء لأي ظرف، ومن أجل قيام مؤسسات منتخبة تكون خاضعة للقانون، فإن هذا الأمر يتطلب وجود قاعدة دستورية متينة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تنطبق عليها كل معايير الشفافية والنزاهة، وليس هناك قاعدة دستورية أمتن وأقوى من هذه القاعدة الدستورية الصلبة النابعة من إرادة الشعب الليبي والتي شارك في صناعتها من البداية حتى النهاية، وهي مشروع الدستور الليبي الصادر بتاريخ 2017/7/29، وتقديراً لظروف البلاد وترجيحاً للمصلحة الوطنية العليا، فإن الحلّ الأنسب يكون بتوافق أبناء الشعب من الليبيين والليبيات، وتوافق كل القوى الوطنية والدولية على إقرار مشروع الدستور كدستور نافذ لمدة خمس سنوات على الأقل، وتجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية وفق أحكامه. 5/ يتم العمل بالدستور للمدة المحددة لضمان مرحلة استقرار وقيام مؤسسات دستورية حقيقية، وخلال هذه المرحلة تلتزم مؤسسات الدولة وبمساعدة الأمم المتحدة بإجراء توعية دستورية شاملة لكل أبناء الشعب من الليبيين والليبيات داخل البلاد وخارجها، للتعريف بمفهوم الدستور وتوضيح نصوصه، ولإقرار إجراء استفتاء عام لتمكين الشعب من قول كلمته ووضع بصمته النهائية من خلال صناديق الاقتراع سواء بقبول الدستور أو رفضه".
وأضاف عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، قائلا "في ختام رسالتي، ومع التأكيد على أن مشروع الدستور هو المبادرة الوحيدة النابعة من إرادة الشعب الليبي لضمان وحدة البلاد وقيام دولة القانون والحريات، فإنني أحيي كل الجهود الوطنية المخلصة، والجهود الدولية والأممية، المبذولة من أجل تمكين الشعب الليبي من بناء دولته، دولة الدستور والحقوق والحريات، دولة المؤسسات والتداول السلمي على السلطة، حتى تكون ليبيا دولة فاعلة في محيطها الاقليمي والدولي لإرساء مبادئ التعاون والمصالح المشتركة والتنمية، ومكافحة الارهاب والفساد، وتحقيق الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي".