كشف عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، عن ضوابط إصدار التشريعات بمجلس النواب، قائلا "إن مجلس النواب تحكمه وثيقة فبراير الدستورية".
وخص النعاس،"بوابة أفريقيا الإخبارية" بورقة تحليلية أوضح خلالها هذه الضوابط والتي جاءت كما يلي:
أولاً- التعديل الدستوري السابع هو من أوجد مجلس النواب في الفقرتين (11 ، 12).
السؤال الواجب طرحه هو:
هل مجلس النواب امتداد للمؤتمر الوطني العام؟ أم هو جسم مستقل منتخب من الشعب؟
الجواب هو: المؤتمر الوطني العام انتهت ولايته منذ انتخاب مجلس النواب كسلطة تشريعية.
أصدر المؤتمر الوطني العام التعديل الدستوري السابع يوم 11 مارس 2014م، وجاء في (المادة 1):
(فقرة 6): " تصدر التشريعات عن المؤتمر الوطني العام بأغلبية 120 عضوا على الأقل في الموضوعات الآتية... ". وجاء في النص عدد من موضوعات القوانين "حصرياً" ولم يرد ضمنها قانون الاستفتاء.
(فقرة 9): " فيما عدا ما سبق تصدر التشريعات بالأغلبية المطلقة للحاضرين".
الخلاصة: هذه النصوص تتعلق مباشرة بالمؤتمر الوطني العام والذي انتهت ولايته بانتخاب مجلس النواب كسلطة تشريعية للمرحلة الانتقالية وممارسته لسلطة التشريع وذلك وفق الفقرتين ( 11 ، 12).
(فقرة 11): "يعمل بمقترح لجنة فبراير على أن يقوم مجلس النواب المنتخب بحسم مسألة انتخاب الرئيس المؤقت بنظام انتخاب مباشر أو غير مباشر خلال مدة لا تزيد عن 45 يوما من عقد أول جلسة له".
التوضيح: تم إيجاد مجلس النواب وفق "تعديل فبراير الدستوري" الصادر في 11 مارس 2014م استنادا إلى الفقرة (11) من التعديل الدستوري السابع. أي أن ما جاء في الفقرة (6) من التعديل السابع لا علاقة له بمجلس النواب والذي تم إيجاده وانتخابه وفق الفقرة (11) من التعديل الدستوري السابع اللاحقة للفقرة (6).
الخلاصة: إن الفقرة (6) من التعديل السابع لا تحكم ولا تقيّد مجلس النواب على الإطلاق، لأن ما يحكم مجلس النواب هو "تعديل فبراير الدستوري" الذي جاء وفق الفقرة (11) من التعديل الدستوري السابع.
تساؤلات مطروحة: هل من الجائز القول بأن يقبع مجلس النواب تحت عباءة المؤتمر الوطني العام؟
هل على مجلس النواب أن يخضع للأحكام التي أقرّها المؤتمر الوطني العام لنفسه؟
أقول بكل وضوح؛ أنه لا علاقة للنص الوارد في الفقرة (6) بمجلس النواب لأنه يتكلم عن المؤتمر الوطني العام، والمؤتمر قد انتهى، ولا يُسأل مجلس النواب عن الكيفية التي كان المؤتمر الوطني العام يدير شؤونه. ولنا في قول الله تعالى العبرة، حيث يقول الحق عزّ وجلّ: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}- البقرة134 - صدق الله العظيم.
ثانياً -(الضوابط الدستورية لإصدار التشريعات بمجلس النواب)- وثيقة فبراير الدستورية لسنة 2014:
النص الحاكم لمجلس النواب هو "تعديل فبراير الدستوري" الصادر في 11 مارس 2014م والذي بين آلية اتخاذ القرارات في مجلس النواب وفقا للنصوص الصريحة الآتية:
نص المادة (6): (يتولى مجلس النواب سلطة التشريع بسن التشريعات للمرحلة الانتقالية...).
نص المادة (9): ( لا يكون انعقاد مجلس النواب صحيحا إلا بحضور الأغلبية المطلقة للأعضاء. وتصدر القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين إلا في الحالات التي يشترط فيها أغلبية موصوفة).
التوضيح: إن نصاب عقد جلسة صحيحة هو الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، وأن إصدار القوانين تكون بأغلبية أصوات الحاضرين،ولم يحدّد النص الدستوري أي تفرقة أو تمييز بين القوانين في حد ذاتها.
حالات اشتراط الأغلبية الموصوفة وردت في نصوص المواد الآتية من "وثيقة فبراير الدستورية":
المادة (26): (منح امتياز للاستثمار الأجنبي تكون بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس.أغلبية موصوفة.
المادة (28): (..إسقاط العضوية بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس).. أغلبية موصوفة.
المادة (29):( سحب الثقة من الحكومة بأغلبية الأعضاء).أغلبية موصوفة.
المادة (55):أي تعديل دستوري يجب أن ينال (أغلبية موصوفة لا تقل عن ثلثي أعضاء المجلس).
ثالثاً-(الضوابط القانونية لإصدار التشريعات بمجلس النواب)-القانون رقم 4/2014النظام الداخلي:
نص المادة (7): (صحة انعقاد المجلس بالأغلبية المطلقة للأعضاء لحظة بدء الجلسة، وتصدر القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين إلا في الحالات التي يشترط فيها أغلبية موصوفة).
نص المادة (194): (سحب مجلس النواب ثقته من الحكومة بأغلبية أعضائه).(أغلبية موصوفة).
الخلاصة:
1/نص الفقرة (6) من المادة (1) من التعديل السابع الصادر عن المؤتمر الوطني العام يخاطب المؤتمر الوطني ويحكمه عندما كان قائماً، وبانتهاء المؤتمر انتهى مفعول النص، وهو لا يحكم "مجلس النواب".
2/ "وثيقة فبراير الدستورية"جاءت وفق الفقرة (11)؛ وهي الوثيقة الدستورية الحاكمة لمجلس النواب، وتضمنت آلية إقرار مجلس النواب للقرارات بأغلبية أصوات الحاضرين، وبيّنت حالات الأغلبية الموصوفة.
3/ ليس هناك في وثيقة فبراير الدستورية أي خصوصية معينة أو تمييز لقانون الاستفتاء بشأن إصداره وفق أغلبية دستورية موصوفة، وأن محاولة التمسّك أو التذرّع بالفقرة (6) من المادة (1) من التعديل السابع هي محاولة باطلة لا سند لها، وتذرعا واهيا لا أساس له، وذلك لانعدام الجسم الموجّه له الخطاب في الفقرة (6) من المادة (1) من التعديل السابع؛ وذاك الجسم هو المؤتمر الوطني المنتهية ولايته منذ سنة 2014.
4/ ليس هناك في النظام الداخلي لمجلس النواب ما يشير إلى أغلبية موصوفة لإقرار قانون الاستفتاء.
إن قانون الاستفتاء مثله مثل أي من القوانين التي يصدرها مجلس النواب منذ سنة 2014 وحتى اليوم.
السؤال: ما هي الأغلبية التي أقرّبها مجلس النواب القوانين المهمّة الآتية؟:
قانون رقم1/2014 بتعديل قانون انتخاب مجلس النواب رقم 10/2014،قانون رقم 3/2014 بشأن مكافحة الإرهاب، قانون رقم 4/2014 بشأن اعتماد النظام الداخلي، قانون رقم 7/2014 بشأن الميزانية العامة، قانون رقم 1/2015 بشأن صلاحيات المستويات القيادية بالجيش الليبي، قانون رقم 2/2015 بشأن العزل السياسي، قانون رقم 3/2015 بشأن مرتبات أعضاء مجلس النواب والحكومة المؤقتة، قانون رقم 5/2015 بشأن تقاعد أعضاء مجلس النواب، قانون رقم 6/2015 بشأن العفو العام، قانون رقم 7/2015 بشأن المعاملات الربوية..
رابعاً- النص الدستوري الحاكم لطرح مشروع الدستور للاستفتاء (التعديل الدستوري السابع) المادة (1):
الفقرة (12): "... إذا وافق الشعب الليبي بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق الهيئة على اعتباره دستورا للبلاد، ويحال إلى مجلس النواب لإصداره... وإن لم تتم الموافقة عليه تقوم الهيئة بإعادة صياغته وطرحه مرة أخرى للاستفتاء خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول".
الخلاصة: إن أي تعديل دستوري يتحدث به البعض يجب أن يتحصّل على موافقة أغلبية موصوفة دستورياً لا تقل عن (134 عضوا) باعتبار أن أعضاء مجلس النواب (200 عضو) وفق القانون رقم (10) بانتخاب مجلس النواب، والأغلبية الموصوفة هي (ثلثي الأعضاء) وفقاً لنص المادة (55) من تعديل فبراير الدستوري.