النهر الصناعي الليبي العظيم أو "النهر الأخضر" هو أضخم مشروع نقل مياه على مر التاريخ البشري، أسس له معمّر القذافي ووجه الليبيين إلى تبنيّه في 3 أكتوبر 1983، مشروع ضخم أنقذ ليبيا من الجفاف وشح المياه و جعلها البلد الوحيد عالميا الذي أوجد الحل الجذري،رغم تشكيك الكثيرين في أنه مؤقت، لمشكلة الجفاف وشح المياه. لكنه الآن كغيره من المكاسب و الثروات الليبية الضخمة يرزح تحت وطأة التدمير و التخريب و ينضاف إلى مشكلة الكهرباء ليجعل العديد من المناطق الليبية تعاني الظلمة و العطش معا.

يعتمد النهر الصناعي أساسا على نقل المياه الجوفية العذبة في الجنوب عبر أنابيب ضخمه مدفونة في الأرض، يبلغ قطر كل منها أربعة أمتار وطولها سبعة أمتار وتتجمع مياه النهر في خمس بحيرات صناعية معلّقة أقلها سعة أربعة ملايين متر مكعب، وأكبرها سعة أربعة أضعاف هذا الحجم مملؤة بالمياه طوال العام .ويستهدف بالدرجة الأولى توفير مياه الشرب لجميع سكان ليبيا وإقامة مشروعات زراعية استيطانية وإنتاجية ضخمة جداً. و قد بلغت كلفة المشروع 30مليار دولار موّلتها الحكومة الليبية دون قروض.

لكن الصناعي العظيم يعاني منذ 2011 من الهجمات حيث تم قصفه من قبل حلف الناتو ثم تخريبه و سرقة معداته من  قبل تنظيم داعش ، الذي سيطر على منظومة ضخ وتشغيل المياه فى النهر بمدينة سرت في 2015. و يتواصل الإعتداء على النهر و تخريبه حيث أعلنت إدارة منظومة النهر الصناعي ،يوم الإربعاء الماضي، اعتداء مجموعة من المخربين الخارجين عن القانون على 15 بئر بالحقل الجنوبي وتخريب المعدات بداخل غرف التحكم وقطع الأسلاك الكهربائية.

وقالت الإدارة إن هذا الحقل من الحقول الأقل اعتداءً في السابق كونه يقع وسط الحقول وأن الاعتداء عليه مؤشر خطير وإصرار على توقف تدفق المياه، محملاً الأطراف الليبية مسؤوليتهم على تقاعسهم بتوفير الحماية الأمنية لمنطقة حقول الآبار، مضيفة  أنه في نفس اليوم، تعرض 4 آبار بالحقل الجنوبي للتخريب، مؤكدة أن إجمالي عدد الآبار المعتدي عليها 152 بئرا ما أدى إلى توقف ضخ ما مقداره 650 ألف م3 من المياه يوميا.

و ظل النهر الصناعي العظيم خلال السنوات الماضية و منذ 2011 يعاني من الإنقطاع المتواصل لتدفق مياهه، جرائم متكررة يرتكبها المخربون في حق "قلب ليبيا النابض حياة" و الذي يضخ المياه بكل قوة إلى كل شبر من ليبيا حيث يؤكد خبراء على أهمية النهر الصناعي العظيم الكبرى و الحيوية، والذي يعد أضخم مشروع أقيم في العالم لنقل المياه الجوفية من الصحراء إلى المدن والمناطق الزراعية، ويبلغ طول شبكة الأنابيب الممتدة في هذا النهر حوالي 4000 كم، فيما يبلغ عدد الآبار المحفورة في محيطه نحو 1300 بئر. ويمثل النهر رئة ليبيا المائية، التي تغذيها بحوالي 80% من احتياجاتها المائية.

كما حذرت منظمات أممية و محلية على غرار بعثة الأمم المتحدة بليبيا من ضرورة حماية النهر الصناعي من أيادي المخربين و من تداعيات الحرب في ليبيا نظرا لكونه مكسبا عظيما لا غنى عنه و لا بديل و أكدت البعثة أن عديد العائلات في طرابلس و في كافة المناطق الليبية يعانون من انقطاع متواصل للمياه.
ليبيا الغنية بثرواتها و بنفطها وغازها و بانجازاتها العظمى على غرار النهر الصناعي العظيم الذي يظل إلى حدود اليوم أعظم إنجاز مائي بشري على مر تاريخ الإنسانية، تئن تحت وطأة الحرب و التفرقة و التدخلات الخارجية و الأطماع التركية و يطلق شعبها العظيم و دول جوارها نداءات عديدة لعودة السلم و الهدوء إليها و حق شعبها في تقرير مصيره.إرثها الكبير و العظيم يحتاج أن يبقى ليبيا-ليبيا.