عقدت حركة النهضة ظهر اليوم اجتماعا لمكتبها السياسي برئاسة راشد الغنوشي رئيس الحزب وتناولت فيه موضوع الاستعدادات للانتخابات التشريعية دون أن يتم الإفصاح عن تركيبة قائماتها ورؤسائها التي ستشارك بها في كل الدوائر داخل البلاد وخارجها٠

ورغم أن أقل من أسبوع بات يفصل عن بدء تقديم القائمات الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فان الحركة الاسلامية لم تخرج للعلن رسميا أسماء رؤساء قائماتها ، رغم أن التسريبات تؤكد أن الحركة مقبلة على نسبة تجديد وتغيير فيها لن تقل عن 50 بالمائة ، وهو تغيير غير مرتبط فقط بأداء نوابها السابقين في التأسيسي بل خاصة في رغبتها في التخلص من " صقورها" الذين غلبوا التيار المتشدد داخلها ورفضوا تطبيعها مع الأحزاب العلمانية والأحزاب ذات المرجعية الدستورية والتجمعية٠

ومن الوجوه المتشددة التي لن تكون في قائمات الحركة الاسلامية نجد شخصيات أشرفت لفترات متفاوتة على قيادة الحركة آمثال الحبيب اللوز والصادق شورو ، وربما وليد البناني وأيضاً نجيب مراد ، وكلهم أثاروا مشاكل سياسية وصدرت عنهم مواقف وتصريحات متشددة استنكرها جزء مهم من الرأي العام التونسي٠

وتحاول الحركة الاسلامية ، التي ترى نفسها مؤهلة لمواصلة حكم البلاد ، أن توجه رسائل طمأنة للرأي العام الوطني والدولي على أنها حزب إسلامي معتدل ، غير متحمس لتطبيق الشريعة ، ويريد اقامة نظام مدني ديمقراطي يوفر العدالة ويتمسك بقيم الحريات وحقوق الانسان٠

هذه الصورة الجديدة التي تعمل الحركة على تسويقها أعدت لها استراتيجية إعلامية جديدة سيطبقها مكلف جديد بالاعلام في الحزب ، وهو زياد العذاري ، وهو شاب غير ملتح ، وعائد من فرنسا ، وتم تأهيله لهذه الخطة من خلال تكليفه في البداية بمهمة الناطق الرسمي للحركة وتمكينه من حضور البرامج الحوارية في التلفزات والإذاعات والظهور بمظهر الشخص الهاديء والمحاور والمتقبل للاخر المختلف٠

والمتتبع لتصريحات زعيم الحركة راشد الغنوشي الاخيرة يلاحظ بكل يسر هذا الاتجاه الجديد في خطاب الحركة الاسلامية ، اذ صرح بأن حزبه لن يفرض على النساء الحجاب بل وأن قائماته ستتضمن نساء غير متحجبات أو سافرات ، وهو خطاب كان أعلن عنه الغنوشي قبل الانتخابات الماضية عندما صرح في بريطانيا أن حزبه لن يعارض ارتداء البيكيني على البحر٠

هذه المواقف الجديدة لقيادة الحركة قبيل الانتخابات آجبرتها على خوض "حربين" الاولى مع أنصارها وقواعدها المتشددين المتمسكين بالعمل الدعوي والرافضين ل "التطبيع" مع الأحزاب اليسارية والقريبة من النظام السابق ، وهي معركة ستفقدها جزءا من أصوات هؤلاء الغاضبين ، رغم أن العارفين بطبيعة الأحزاب العقائدية والأيديولوجية يستبعدون ذلك٠

"الحرب" الثانية التي تخوضها الحركة الاسلامية وهي تستعد للانتخابات القادمة ستكون مع خصومها الابديين ، الذين لن يصدقوا إمكانية تحولها الى حزب يؤمن بمدنية الدولة وبالديمقراطية أو يتنازل عن حلم الخلافة وإقامة الدولة الاسلامية وتطبيق الشريعة٠

هذا الموقف الرافض لإمكانية تحول فكر الحزب الاسلامي اللهم في تونس نحو الاسلام  السياسي المعتدل ، الذي تروج له النهضة تأثرا بالنموذج التركي ، تتزعمه الأحزاب اليسارية "المتطرفة" وجزء مهم من النساء الحداثيات وجزء من الرأي العام الذي لن يصوت للحركة ويعتبر أن فترة حكمها كانت فاشلة وأسقطت البلاد في المشاكل وخاصة أتون الإرهاب٠