في تطور لافت يعكس عمق الخلافات المؤسسية في المشهد السياسي الليبي، أصدر مجلس النواب الليبي بيانًا حازمًا أكد فيه عدم الاعتداد قانونًا بالقرار الصادر عن رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، والقاضي بتكليف أحمد عون ضو بمهام رئيس ديوان المحاسبة.

وقد استند المجلس في بيانه الصادر عن مدير مكتب شؤون الرئاسة المكلف، مبروك امقيطيف، والذي اطلعت عليه وسائل الإعلام، إلى تأكيده المطلق على أن سلطة تعيين شاغلي المناصب السيادية في البلاد هي من صميم الاختصاص الحصري لمجلس النواب المنتخب. وشدد البيان على أن هذه الصلاحية الدستورية والقانونية لا تنتقص منها حتى المشاورات التي قد تجري مع المجلس الأعلى للدولة، مؤكدًا أن القرار النهائي والبت في هذه التعيينات يبقى حكرًا على مجلس النواب وحده.

وفي سياق تصعيدي للخطاب، وجّه مجلس النواب تعليمات واضحة ومباشرة إلى جميع الجهات والمؤسسات الليبية بضرورة الامتناع التام عن تنفيذ أو التعامل بأي شكل من الأشكال مع ما ورد في الكتاب الصادر عن السيد تكالة بشأن تكليف رئيس ديوان المحاسبة. ودعا المجلس كافة الأطراف إلى التقيد الصارم بما نص عليه القانون الليبي والاتفاق السياسي الإطار للعملية الانتقالية، مؤكدًا على ضرورة وضع توجيهاته موضع التنفيذ الفوري ودون تأخير.

يُعد هذا البيان الصادر عن مجلس النواب تصعيدًا ملحوظًا في الخلافات القائمة بين المؤسستين التشريعيتين الرئيسيتين في ليبيا، ويثير تساؤلات حول مستقبل التوافقات السياسية وإمكانية تجاوز حالة الانسداد المؤسسي التي تشهدها البلاد. كما يسلط الضوء على حساسية منصب رئيس ديوان المحاسبة ودوره الرقابي الهام على المال العام، مما يجعل التنازع حول صلاحية تعيينه ذا دلالات عميقة على مسار إدارة الدولة ومكافحة الفساد.

ويأتي هذا التطور في ظل ترقب محلي ودولي للجهود المبذولة لتوحيد المؤسسات الليبية وتمهيد الطريق نحو انتخابات شاملة تنهي حالة الانقسام السياسي الراهن. ويبقى السؤال مطروحًا حول الآثار المترتبة على هذا الخلاف الجديد على هذه الجهود ومستقبل العملية السياسية في ليبيا.