يتزامن قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في نيجيريا مع بدأ بوكو حرام في هجوم منظم ضد النيجر، يبدو أن البلدين الجارين سيدخلان منعطفا جديدا قد تكون فيه الديمقراطية أكبر الضحايا.
كان قرار تأجيل الانتخابات النيجرية من تاريخ يوم 14 فيفري إلى يوم 18 مارس 2015، قد تم على أساس خيارات أمنية حيث أن الجيش النيجيري أعلن بأنه غير قادر على تأمين العملية الانتخابية لأنها تقتضي إعادة انتشار لقواته، وهو أمر غير ممكن في ظل تواصل الحرب مع تنظيم بوكو حرام في شمال شرق البلاد.
لا يشاطر العديد من المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وكذلك محللون ومراقبون، رأي اللجنة المستقلة المكلفة بالسهر على العملية الانتخابية، واعتبر معظمهم أن القرار لم يكن بخلفية أمنية وحدها وإنما له خلفيات سياسية أيضا، حيث يعتقد معظمهم أن تأجيل الانتخابات يخدم الرئيس الحالي غودلوك جوناتان وحزبه "الحزب الديمقراطي الشعبي" الماسك بمقاليد الحكم منذ أكثر من عشر سنوات.
يشير هؤلاء أن موعد 18 مارس سيكون هو الآخر في خضم الحرب ضد بوكو حرام، اذ لن تكفي مهلة 6 أسابيع لإنهاء خطر بوكو حرام الذي ظهر منذ 6 سنوات. ويرى أنصار أهم مرشح أمام جوناتان، الجنرال السابق محمدو بوهاري، أن مرشحهم متقدم في كل التوقعات، وفكرة تأجيل الانتخابات هي آخر ورقة يلعبها نظام الرئيس جوناتان.
من الناحية اللوجيستية، يعتبر تنظيم انتخابات في الظروف الحالية التي تعيشها نيجيريا أمرا معقدا للغاية. فعدد الناخبين يقارب الـ 70 مليون ناخب، من بين 173 مليون نسمة تعداد نيجريا أكبر بلد افريقي على المستوى البشري. ويتعقد الأمر أكثر فأكثر في ولاية بورنو التي يسيطر على جزء كبير منها تنظيم بوكو حرام. وتقول التوقعات انه لو بقيت الانتخابات في موعدها الرئيسي لتم إقصاء هذه الولاية وهو ما سيغير من النتائج وينقص مصداقيتها. علما أن بورنو ذات أغلبية مسلمة وهو ما يعتبر في مصلحة محمد بوهاري، إضافة إلى كون أهاليها يتذمرون مما يعتبرونه تقاعسا في أداء حكومة أبوجا ضد الخطر الارهابي.
من الجانب الآخر من الحدود، وبعد أشهر مطولة من التهديدات، دخل مقاتلو بوكو حرام إلى النيجر. وشهد يوم السبت 7 فيفري أول هجوم منظم على مدينة نيجرية، هي ديفا، قبل أن تتدخل القوات العسكرية النيجرية بدعن من القوات التشادية لردع الارهابيين.
في اليوم الموالي، استبدلت عناصر بوكو حرام تكتيكا بآخر حيث تم القاء قنبلة في سوق وهو السيناريو الذي عاشت عليه المدن النيجيرية منذ سنوات. وبذلك تصبح النيجر البلد الثالث الذي يتعرض لهجومات منظمة من بوكو حرام بعد نيجيريا والكاميرون.
لكن من منظور مقابل، يعتبر أداء الجيش النيجري أفضل من نظيره النيجيري اذ أنه قد تم التصدي لكل هجومات بوكو حرام ووقع القضاء على ما يقارب على 200 مقاتل في ظرف يومين مقابل مقتل 4 جنود نيجريين. وكانت النيجر قد خصصت 3000 جنديا منذ أشهر من قواتها لحراسة المناطق الحدودية، كل هذا يدلل على جدية التناول الأمني النيجري بالمقارنة مع أداء الجيران.
رغم كل ذلك، فإن هجومات بوكو حرام تدخل النيجر في دوامة اضطراب. علما أن الحكومة قررت في بداية الشهر الجاري ارسال قوات نيجرية لدعم القوات النيجيرية والتشادية والكاميرونية في حربها على بوكو حرام داخل معاقلها في التراب النيجيري، وهو قرار لا ينتظر الا موافقة البرلمان وهو امر بديهي في ظل وصول بوكو حرام إلى النيجر.
في الداخل النيجري، يتخوف نشطاء الحياة السياسية من استغلال هذه الحرب لصالح النظام، خاصة وان التجربة في نيجيريا بدأت تلوح بسيناريوهات التأجيل وبالتالي الانقلاب التدريجي على الديمقراطية. لتظل الدولتين مهددتان أمنيا وديمقراطيا، وكل ذلك بسبب بوكو حرام.