حضر الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، أمس، في الاحتفالات المخلدة لذكرى إنزال “بروفانس”، بتكليف من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ضمن مشاركة تميزت بـ”هدوء” في الداخل والخارج، على عكس حضور الجزائر ذكرى احتفالات 14 جويلية التي واجهت بمعارضة شديدة وأعادت ملف الذاكرة واعتذار فرنسا على جرائهما للواجهة بقوة.

حرص الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في خطابه، أمس، بمناسبة احتفال بلاده بالذكرى 70 لـ”إنزال بروفانس” سنة 1944، على التركيز على اعتراف بلاده بما قدمه قدامى المحاربين من شمال إفريقيا، الأغلبية الساحقة منهم جزائريون، مشيرا إلى أن “واجب فرنسا تجاه هؤلاء المحاربين أن تعترف لهم بما قدموه بتحرير فرنسا من الاستعمار النازي.

وركز هولاند، في خطاب الاحتفالات، على أن “هذه المناسبة فرصة للتذكير بالروابط الموجودة بين الشعوب التي شاركت في إنزال بروفانس، والتي خلقها ذلك الكفاح المشترك منذ 70 سنة، وقت كان مصير أوروبا مرهونا بين الأيادي النازية”، مضيفا: “في هذا اليوم (أمس) الموافق لـ15 أوت تتشرف فرنسا بأن تستقبل من جديد في بروفانس الذين ساعدوها في الخروج من حرب دامت أكثر من 1800 يوم”.

ومثل الجزائر الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي كان برفقة زوجته بمعية وفد هام، إلى جانب ممثلين عن 27 دولة من بينهم 19 بلدا إفريقيا، على متن حاملة الطائرات “شارل ديغول” التابعة للبحرية الفرنسية، والمتواجدة بعرض مياه مدينة تولون التي يشكل “مرساها الفضاء الرئيسي للاحتفال الرسمي”.

ووصل سلال إلى حاملة الطائرات، في الفترة المسائية من الاحتفالات، على متن طائرة “هيليكوبتر” تابعة للقوات الجوية الفرنسية، بمعية 28 رئيس دولة ورؤساء حكومات، الذي استقبلهم الرئيس الفرنسي “واحدا واحدا”.

وكّم الرئيس الفرنسي حوالي 200 من قدماء المحاربين ممن استدعوا لحضور الحفل، حيث خصص لهم “تكريما استثنائيا”، بحكم أن أكثر من 230 ألف مقاتل، حسب شهادات مؤرخين، قد نزلوا على سواحل المتوسط من بينهم 90 بالمائة من شمال إفريقيا والأغلبية الساحقة من الجزائر.

والملاحظ أن مشاركة الجزائر في ذكرى احتفالات “إنزال بروفانس” مرت في هدوء سواء في الجزائر أو فرنسا، على عكس حضور الجزائر في احتفالات 14 جويلية، التي انتفضت بشأنها الطبقة السياسية ومجاهدون في الجزائر، واعتبرتها محاولة من السلطات لـ”القفز” على ملف الذاكرة وقضية اعتذار فرنسا على جرائمها إبان حقبة الاستعمار، وكذا من اليمين المتطرف في فرنسا.

في المقابل، أصدرت السفارة الفرنسية بالجزائر، أمس، بالمناسبة، بيانا، قالت صحيفة “الخبر” إنها تسلمت نسخة منه، جاء فيه أنه “تخليدا لذكرى أبطال هذه الملحمة، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كل رؤساء الدول التي شارك جنودها في هذه الحلقة الهامة من الحرب العالمية الثانية، للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ70 المنظمة بتاريخ 15 أوت بتولون، ومن بينها الجزائر”.

وأضافت أن “وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، دعا وفدا كبيرا من المقاتلين القدامى الجزائريين الذين شاركوا في تلك المعارك، للعودة إلى الميادين التي وطأتها أقدامهم منذ 70 سنة، حيث تم إنزالهم على الأراضي الفرنسية للمشاركة في معارك تحرير مرسيليا”، ويعد “الوفد الجزائري الأكبر من حيث العدد بين الوفود الأجنبية الأخرى، بـ12 عضوا من قدماء المحاربين، أربعة منهم يحملون وسام فارس جوقة الشرف”.