يُحتفل في 23 مارس من كل عام باليوم العالمي للأرصاد الجوية إحياءً لذكرى بدء سريان الاتفاقية التي أُنشئت بموجبها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) في عام 1950م، ويسلِّط الاحتفال بهذا اليوم أيضاً الضوء على الإسهامات الكبيرة التي تقدمها المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا من أجل سلامة ورفاه المجتمع.
وموضوع اليوم العالمي للأرصاد الجوية لهذا العام هو «الطقس والمناخ: إشراك الشباب». فشباب اليوم سيستفيدون من تعاظم قدرتنا على فهم الطقس والمناخ والتنبؤ بهما، وفي الوقت ذاته، سيعيش معظم هؤلاء الشباب في النصف الثاني من هذا القرن، وسيواجهون التأثيرات المتزايدة للاحترار العالمي، وتشجع المنظمة (WMO) الشباب على تعلم المزيد بشأن نظام الطقس والمناخ وعلى أن يسهموا في الأنشطة المتعلقة بتغيُّر المناخ.
وبهذه المناسبة وجَّه السيد «ميشيل جارو» الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية رسالة جاء فيها:
تسليماً بالأهمية الكبيرة للشباب في المستقبل، اختارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) موضوع «الطقس والمناخ: إشراك الشباب» ليكون موضوع اليوم العالمي للأرصاد الجوية لهذا العام.
فالشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15و 24) عاماً يشكلون اليوم سدس سكان العالم، ونحو (85) في المائة من هؤلاء الشباب البالغ عددهم (1) بليون شاب وشابة يعيشون في البلدان النامية، وهؤلاء الشباب مقارنة بأقرانهم منذ (50) عاماً فقط، يتمتعون إجمالاً بصحة وتعليم ومهارات أفضل. فالتكنولوجيا التي يعيشون في كنفها تمكنهم من تحسين تفاعلهم مع العالم من حولهم. ومع ذلك لايزال الكثير منهم يعاني الفقر والتمييز وعدم المساواة والاستغلال؛ ولايزال يتعذَّر على الكثير منهم الحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى.
وتتفاقم هذه المشاكل بفعل الأخطار الناجمة عن تغيُّر المناخ والطقس القاسي، التي تميِّز حياة الشباب اليوم، والتي سيكون لها أثر أقوى في العقود المقبلة، فدرجات حرارة الغلاف الجوي والمحيطات تواصل ارتفاعها، والغطاء الجليدي والأنهار الجليدية تتقلص باطراد في شتى أنحاء العالم، ومستوى سطح البحر يرتفع، والظواهر الجوية والمناخية المتطرفة تصبح أكثر تواتراً أو أكثر حدة.
ولاشك أن الأنشطة البشرية تؤثر على النظام المناخي. فمعدلات التركيز العالمي لثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى في الغلاف الجوي تواصل الارتفاع بلا هوادة، وستصل إلى مستويات لم تشهدها البشرية من قبل، ومواصلة اعتمادنا الحالي على الوقود الأحفوري سيؤدي إلى احترار الكوكب بشكل كبير، قد تزيد درجة الحرارة بحلول نهاية القرن بمقدار (4) درجات مئوية قياساً بما كانت عليه قبل العصر الصناعي، ولايزال من الممكن الحد من هذا الاحترار إلى أقل من درجتين مئويتين، لكن الأمر يتطلب تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل عاجل وكبير.
وتحقيق هذا الهدف يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة وجريئة، ويمكن أن يكون شباب العالم طرفاً فاعلاً قوياً لإحداث التغيير في هذا الصدد. واتخاذ إجراءات بشأن المناخ لا يقتصر على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكنه يتعلق أيضاً بالناس وبقيمهم المشتركة وكذلك بمدى استعداد كل منا عمله لتعزيز هذه القيم. والشباب مصدر للابتكار وتقديم رؤى جديدة لمعالجة المشاكل وإيجاد حلول لها، وهم ينادون بحلول عادلة ومنصفة.
وبينما يستعد الجيل المقبل للعيش في ظل طقس ومناخ متغيرين، يمكن للشباب أن يؤدي دوراً فاعلاً في مراقبة طقس ومناخ اليوم والغد وفهمهما والتجاوب معهما. فالشباب لديهم القدرة على إذكاء الوعي بشأن المناخ والتخفيف من آثاره والتكيُّف معه، ولكن من أجل إطلاق العنان لإمكانات الشباب كاملة لمعالجة تغيُّر المناخ، يلزم علينا إيجاد السبل لإشراكهم في صياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر فيهم اليوم وغداً.
وهناك تحسُّن في الفهم العلمي لكيفية التفاعل بين الغلاف الجوي والمحيطات واليابسة والماء، والذي ينتج عنه الطقس والمناخ، ما يجعل من الأيسر بشكل متزايد إصدار تنبؤات متواصلة ومتسقة بالطقس والمناخ، وقد طورت دوائر المنظمة (WMO) بالفعل أدواتٍ لفهم الطقس والمناخ والتنبؤ بهما، وستصبح هذه الأدوات في العقود المقبلة أكثر مهارة وانتشاراً واستخداماً، وستعزز نواتج وخدمات المعلومات المستندة إلى التنبؤات المناخية من قدرتنا على التخفيف من تغيُّر المناخ والتكيُّف معه، وكذلك على مواصلة التنمية المستدامة – ما سيمكننا من الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة العواصف والفيضانات وموجات الحرارة التي ستحدث في المستقبل، وسيساعد المزارعين على تحسين تنظيم فترات الغرس والحصاد، وسيزيد من سلامة السفن والملاحة الجوية… وسيتمكن الشباب الذين يختارون الأرصاد الجوية أو الهيدرولوجيا أو علم المناخ ليكون مجال عملهم من أداء دور تتزايد أهميته، ومن ثم سيسهمون بشكل حيوي في سلامة ورفاه مجتمعاتهم وبلدانهم.
إن تغيُّر المناخ يجعل المستقبل غير واضح المعالم، ومع ذلك، وعلى الرغم من عدم وضوح صورة المستقبل، فإن ثمة شيئاً واضحاً، ألا وهو أن مجتمعنا لا يتحمل المسؤولية عن نفسه فحسب، بل عن الأجيال القادمة أيضاً، فشباب اليوم سيعيش في النصف الثاني من هذا القرن، وما لم نتخذ إجراءات عاجلة، فإنه سيشهد الآثار القاسية لتغيُّر المناخ التي ينص عليها آخر تقييم صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، ورهناً بنتيجة الخيارات التي نتخذها اليوم، سيضطلع الشباب بدور رئيس في تشكيل مستقبل الأرض. ولئن كانت التحديات التي تواجه الأجيال القادمة هائلة، فإن الفرص المتاحة للتصدي لها لم تكن قط أكبر مما هي عليه الآن.
الجدير بالذكر أن ليبيا بدأت في خدمات الأرصاد الجوية بوجه عام قبل 1950، وكان انضمامها للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في 1955/12/29 ، وهي العضو رقم (67) من بين (185) عضواً ويمثل المركز ليبيا لدى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من خلال العضوية في الاتحاد الإقليمي الأول (إفريقيا)
كما هو معروف بدأ نشاط الأرصاد الجوية بعدد محدود من محطات الرصد الجوي التي كانت مهامها لا تتعدى إصدار بعض التقارير المناخية والتنبؤات الجوية الخاصة بالملاحة الجوية،
واستمر ذلك إلى أن صدر القانون رقم (13) لسنة 1991 ، الذي حدَّد نشاط قطاع الأرصاد الجوية بليبيا وفق ما استجدَّ من تطورات علمية واحتياجات محلية ودولية طرأت على مجالات الأرصاد الجوية المختلفة خلال النصف الأخير من القرن العشرين ، ومنها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الخاصة بتغيُّر المناخ في 2002/6/29م، واتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال بشأن حماية طبقة الأوزون ، ومنذ ذلك الوقت شرع العاملون بقطاع الأرصاد الجوية بالسعي لتحقيق أهم ركائز البنية الأساسية لقطاع الأرصاد الجوية بليبيا والمتمثلة في الآتي:
1 – مشروع إنشاء المركز الوطني للأرصاد الجوية.
2 – مشروع تطوير خدمات الأرصاد الجوية بالتعاون مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
3 – الاهتمام بالتنمية البشرية وذلك من خلال رفع كفاءة العاملين بقطاع الأرصاد الجوية على المستوى الداخلي والخارجي
*نقلا عن صحيفة ليبيا الجديدة