انتهت سنة 2014 بإيجابياتها و سلبياتها. و استقبل التونسيون اليوم الخميس 1 يناير 2015 عامهم الإداري الجديد برئيس منتخب و حكومة في طور التشكل، و بآمال عريضة في غد أفضل بعيدا عن غول الإرهاب الذي فتك بأبرز قادة المعارضة و بعدد كبير به من أفراد الجيش و الأمن و حتى مواطنين. 

و بعيدا عن إرهاصات المصاعب الإقتصادية و الإجتماعية، على أمل يستعيد التونسيون أمنهم و أمانهم و أيامهم الملاح وكذلك عنفوان دولتهم و قيم جمهوريتها الرائدة.

إذن، قضى التونسيون ليلتهم أمس بعين مفتوحة و أخرى حالمة بالتغيير المنشود، بما أن دوام الحال من المحال. و بين ألم من أحداث فاجعة مضت و أمل بمستقبل تنهض فيه البلاد من الكبوة التي عاشتها في مرحلة الإنتقال الديمقراطي، يأمل التونسيون أن تكون سنة 2015 طالع خير عليهم راجين أن يحقق رئيسهم المنتخب و كذلك حكومتهم المقبلة  تطلعاتهم و أمانيهم في الأمن و الكرامة و الحرية.

"بوابة إفريقيا الإخبارية"  سعت إلى رصد جملة  هذه التطلعات و الإنتظارات لدى التونسيين من مختلف الأعمار و الشرائح الفكرية و الإجتماعية، في الريبورتاج التالي.

سليم (معلم تطبيق 41 سنة)  أجابنا بأن انتظاراته كمواطن تكمن في طي صفحة الماضي و البدء في بناء مرحلة جديدة تقوم أساسا على العمل و التكاتف بين التونسيين لخدمة وطنهم الذي ما زال  يواجه صعوبات شتى رغم تجاوزه وضع الخطر.  و تابع بأن "الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" مؤكدا أن المطلوب من أبناء شعبه هو الوعي بدقة المرحلة و الإنخراط في مشروع الإنقاذ السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي بالكد و الجد لنفع البلاد و العباد حسب تعبيره.

و لاحظ سليم أن الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي مطالب بالإيفاء بالإلتزامات التي قطعها على نفسه للتونسيين، و أهمها تكريس الأمن و القضاء على الإرهاب و كشف حقيقة إغتيال رموز المعارضة و كذلك ضمان الحريات.  وأضاف أن الرئيس الجديد  والحكومة التي ستمسك بالسلطة قريبا لا يمتلكان عصا سحرية لإصلاح كل السلبيات و تغيير وجه البلاد بين عشية و ضحاها.

الكف عن التجاذبات

و شدد معلم التطبيق على أن مسيرة الإنقاذ طويلة جدا و شائكة و تستوجب مساعدة الحكام الجدد عبر تفعيل التضامن بين التونسيين و إعادة الاعتبار لقيمة العمل بالكف عن التجاذب و الكلام غير المجديين. و عبر عن  أمله في غد أفضل لتونس موضحا أن وطنه بصدد لملمة جراحه و أنه سيتعافى قريبا من كل أدوائه بفضل وطنيته أبنائه من حكومة و مواطنين.  منهيا كلامه بأن "حب الوطن إيمان" دون أن ينسى التعريج على بعض من  أحلامه الشخصية يود تحقيقها في 2015 , و هي امتلاك منزل و نجاح إبنه الوحيد في الدراسة.

عام مبارك بهطول الغيث

مريم ( ربة بيت 36 سنة)، أفادت بأنها جد متفائلة بالعام الجديد لسبب بسيط و هو اقتران حلوله بهطول كميات هائلة من الأمطار و الثلوج في عدة جهات من الجمهورية.  و أكدت في الأثناء أن  المطر طالع خير و إشارة ربانية تدل على الرحمة الإلهية و التغيير نحو الأحسن و أنه لذلك تشعر بالإطمئنان على تونس على حد قولها.

الأمن و التنمية

و أشارت مريم إلى أن آمالها للسنة الجديدة تنحصر في الصحة و السعادة لها و لأهلها و في الإستقرار و الرخاء لوطنها. و أوضحت أنها على ثقة بأن الرئيس الحالي سيحمي تونس من كل الهزات التي يمكن أن تصيبها و سيفرض الإستقرار الأمني و هيبة الدولة. و استطردت أن هذا الأخير ينتمي إلى العائلة البورقيبة و من "ريحة الزعيم" و لذلك فلا خوف على تونس في المستقبل.

و طالبت مريم رئيسها الجديد بتفعيل التنمية و محاربة الفقر في الجهات المحرومة التي تعاني الأمرين في الحر و القر، مستشهدة في الأثناء بما يعانيه سكان جهات الشمال الغربي خلال هذه الأيام جراء تساقط الثلوج وفق كلامها.

تحقيق وعود التشغيل

عمر (  صاحب شهادة جامعية و معطل عن العمل 27 سنة) قال  إنه لا ينتظر الكثير من أية حكومة قادمة مشددا على أن وعود التشغيل التي قدمتها كل الحكومات المتعاقبة مجرد وهم و طعم للوصول إلى السلطة. و أعقب بأن عدد المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا رهيب و أن الدولة عاجزة عن استيعابهم إضافة إلى أن التشغيل في تونس يتم عن طريق آلية وحيدة تقريبا وهي  معروفة لدى القاصي و الداني و تتمثل في "المحسوبية" حسب قوله.

و بين في الأثناء أن الصعوبات التي يلاقيها هو  و الآلاف من المتخرجين من الجامعات لا يجب أن تعيقه أو تمثل حجر عثرة في طريقه حتى يركن للتواكل و الكسل مثلما يفعل البعض. و شدد على أنه آلى على نفسه التمرد على واقعه بالعمل في غير تخصصه في شركة خاصة حتى لا يشعر بأنه عالة على أحد في انتظار توفر فرصة عمل أفضل في المستقبل أو توفر عقد عمل بالخارج حسب تعبيره.

تونس جميلة بشرط

و تابع عمر بأن تونس جميلة و يحلو العيش فيها لكن هذا الأمر رهين تكريس العدالة الإجتماعية بين جميع أبناءها و تفعيل حق الجميع في العمل والخبز والحرية. مضيفا أنه رغم جميع الفترات الحالكة التي مرت بها البلاد منذ 2011 يبقى الأمل قائما بنسبة كبيرة في التغلب على آفة الإرهاب. و أشار إلى أن هذه الآفة هي أس التحديات الخطيرة التي تواجهها تونس لأن زوالها سيمكن الدولة و شعبها من الوقوف بشموخ من جديد لترتكز كل الجهود الأخرى بعد ذلك في تكريس التنمية و القضاء على البطالة وفق ما جاء على لسانه.

ملف الإغتيالات أولوية

صفاء (ممرضة 30 سنة) بابتسامة عريضة، أجابت عن سؤالنا بأن انتظاراتها عديدة و متعددة من رئيس تونس الجديد  و من 2015. و أوضحت أن قائد السبسي وكذلك الحكومة المقبلة عليهما تفعيل المصالحة الوطنية و إعادة اللحمة إلى التونسيين. و أكدت أن هذه المهمة لن تتم إلا عبر محاسبة كل من ألحق الأذى بتونس و شعبها. و شددت على أن الأولوية القصوى هي كشف حقيقة الإغتيالات السياسية و اغتيال الأمنيين و الجنود لأن عودة الإستقرار لوطنها رهين حلحلة هذا الملف. و تابعت في سياق متصل بأن هذا الملف تحد مفصلي في طريق الإنتصار على الإرهاب مبينة من جهة أخرى أنها تأمل في إسترجاع الدولة التونسية لفخامتها و هيبتها المعهودتين و أن لا يبقى فقيرا أو محتاجا على ترابها على حد قولها.

في البال أغنية

وعلى المستوى الشخصي، قالت صفاء إن هدفها لهذه السنة يتمثل في شراء سيارة لتريحها من التعويل على وسائل النقل العمومي في طريقها  من و إلى مقر عملها. و ختمت بقولها  بأن أمانيها  كثيرة جدا و على رأي درويش:" في البال أغنية"  لكن الأهم من كل ذلك هو أن يعم الخير بلادها حسب كلامها.

تونس بخير و عودها صلب

التيجاني( متقاعد 74 سنة) أكد أن تونس بخير لأن عودها صلب البنيان مبينا أن كل شيء سيكون على ما يرام في المستقبل من الناحية الأمنية و الإقتصادية و الإجتماعية. و أضاف أنه على ثقة بأن العام الجديد سيكون مباركا على شعبه الذي عانى الكثير خلال السنوات الأخيرة ملاحظا أن تونس خرجت منتصرة رغم مرارة الأوجاع و الأحزان. و اعتبر أن نجاح الإنتخابات التشريعية و الرئاسية و تغير المشهد السياسي بصفة كلية أكبر مؤشر على أن تونس ستكون بخير في المستقبل حسب تعبيره.

القضاء على الإرهاب و محاربة الفقر

و وجه التيجاني ما اعتبره نداء إلى الحكام الجدد مفاده ضرورة القضاء على الإرهاب و إعادة الهيبة لدولة القانون و المؤسسات و تحقيق ولو النزر القليل من الوعود المقدمة في مجال محاربة الفقر المدقع  في الجهات الداخلية.

تجاوزنا المحنة و لكن

إلياس ( صاحب محل تجاري خاص 49 سنة) أشار إلى أن السنة الفارطة لم تكن سيئة في مجملها لأنها تضمنت كسب أهم الإستحقاقات وهي تطويق الظاهرة الإرهابية و إجراء الإنتخابات. و تابع بأن الحكام الجدد مطالبون بتدعيم هذه المكاسب و مضاعفتها من خلال بناء الدولة الديمقراطية و إنهاء المخاطر الإرهابية جذريا و كذلك من خلال ضمان الحريات الدستورية. و أكد محدثنا أن تونس تمكنت من تجاوز محنتها أخيرا ولكن ما تزال هناك عدة عراقيل اجتماعية واقتصادية لا بد من حلحلتها بتوفير الإكتفاء الذاتي من الغذاء و من الخدمات الاجتماعية كالصحة و المسكن و النقل و غيرها لجمبع أبناء الشعب على حد كلامه.

و استطرد أن المواطن مطالب من جهته بالعمل على تطوير نفسه و المساهمة في تطوير وطنه راجيا أن يكون عام 2015 طافحا بالإنجازات على الصعيد الوطني و الشخصي.

إصلاح التعليم

من جانبها أوضحت إنصاف (طالبة جامعية 19 سنة) أن إعادة هيكلة قطاع التعليم و التربية ملف هام يجب أن يتم إيلائه أهمية كبرى في المرحلة المقبلة لأن مسيرة إزدهار الأوطان رهينة  تطور الأدمغة. و أضافت أن واقع التعليم في تونس أصبح مترديا من حيث الجودة و نجاعة البرامج التربوية بكافة مراحلها الإبتدائية والثانوية و الجامعية حسب كلامها.

كما اعتبرت إنصاف أن التوجه نحو خوصصة التعليم خطأ جسيم في حق الأجيال القادمة داعية الرئيس المنتخب إلى النظر في عملية إصلاح شاملة للقطاع.

و عن تطلعاتها الخاصة بالعام الجديد، قالت إنصاف إنها تطمح إلى التميز  في دراستها و تحلم بأن تستعيد تونس استقرارها المعهود وكذلك الشأن بالنسبة إلى كل البلدان العربية وفق تعبيرها.