يواصل العالم تلقي "صدمات" موجعة مما تخلفه الجائحة العالمية التي تسبب بها الفيروس التاجي كوفيد 19 فبالإضافة إلى الإصابات المتسارعة و التي بلغت حسب آخر التحيينات 22,462,529 إصابة مؤكدة حول العالم والموجة الثانية للفيروس التي ضربت العديد من الدول و أدت إلى اندلاع التفشي الفيروسي من جديد و إجراءات الإغلاق التي أثقلت كاهل الدول، يعيش العالم وضعا إقتصاديا "حرجا" بل وهبوطا حادا لكل المؤشرات بدءا بأقوى الإقتصادات حتى أدناها دون استثناء.

الإقتصادات العظمى تغرق في ركود غير مسبوق

تراجع إجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة، أكبر اقتصاد عالمي، بنسبة 9.5 في المئة خلال الفصل الثاني من هذا العام، بعد تراجع بنسبة 1.3 في المئة في الفصل الأول، وفق الأرقام التي نشرتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. فيما أعلنت اليابان، ثالث أكبر اقتصاد عالمي، بداية هذا الأسبوع،تسجيل تراجع غير مسبوق لإجمالي ناتجها الداخلي خلال نفس الفترة  بنسبة 7.8%، مقارنةً بما كان عليه بين يناير و مارس .


أما منطقة اليورو فقد  تراجع إجمالي ناتجها الداخلي لمنطقة 12.1% حيث سجلت ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، التي لم تشهد تفشياً كبيراً كما في دول أوروبية أخرى للوباء، انكماشاً بنسبة 10,1% في الفصل الثاني من العام لإجمالي ناتجها الداخلي، بعد تراجع بنسبة 2% في الفصل الأول، في حين سجل إجمالي الناتج الداخلي لفرنسا انكماشاً نسبته 13.8% في الربيع، مقابل 5.9% بين يناير ومارس. كما دخلت إيطاليا التي كان نموها ضعيفاً منذ ما قبل الأزمة الصحية، والتي كانت لومبارديا أكثر مناطقها ثراءً، بؤرة الوباء في أوروبا لأسابيع، في ركود مع انكماش إجمالي ناتجها الداخلي بنسبة 5.4% في الفصل الأول، ثم 12.4% في الفصل الثاني. كما تراجع الاقتصاد الإسباني بـ 18.5 % خلال نفس الفترة أما المملكة المتحدة، فقد كانت  أكثر الدول الأوروبية تضرراً من الوباء من حيث عدد الوفيات،فإنها تشهد الركود الأسوأ في القارة، فيما لا يزال اقتصادها مرتبطاً باقتصاد الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام.



النفط و الطيران في هبوط حاد

أكدت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري إنها خفضت توقعاتها للطلب على النفط في العام الحالي، كما حذرت من أن انخفاض معدلات السفر جوا بفعل جائحة كورونا سيقلص الطلب العالمي على النفط في 2020 بمقدار 8.1 مليون برميل يوميا.

وأوضحت الوكالة في نفس التقرير،"انخفاض عدد كيلومترات السفر الجوي بنحو 80% في أبريل،على أساس سنوي وفي يوليو كان التراجع بنسبة 67% ما يجعل معاناة قطاعي الطيران والنقل بصفة عامة اللذان هما أساس استهلاك النفط، لا تزال مستمرة".و شهد النفط خلال هذه الأزمة الوبائية هبوطا حادا في سابقة تارخية إلى ما دون الصفر في أسوأ ركود نفطي يمر به العالم و البلدان المنتجة و المصدرة لهذه الخامة.

اقتصاد البلدان العربية يتعثر و يتهاوى

توقع تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، أن تسجل اقتصادات المنطقة العربية في المجمل انكماشاً بنسبة 5.7 في المئة هذا العام بسبب جائحة "كوفيد-19"، بما يمثل خسارة إجمالية بنحو 152 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي. وتتوقع التقرير أيضا أن يسقط 14.3 مليون شخص آخرين في براثن الفقر، ليرتفع العدد الإجمالي للفقراء في العالم العربي إلى 115 مليون نسمة، (أي مايقارب ربع مجموع السكان العرب).

وأصدر صندوق النقد العربي النسخة الـ12 من تقرير آفاق الاقتصاد، والذي يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية بحوالي 4٪ في العام 2020. كما يشير التقرير إلى توقعات تعافي الاقتصادات العربية في العام 2021 بنسبة 2.6٪.


أمام هذه الصدمات العالمية تجنبت الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي ومنشأ وباء كوفيد- 19 و بؤرته الأولى، الدخول في ركود عبر تمكنها من احتواء الوباء، مما أتاح لها الدخول في طريق النمو من جديد. وارتفع إجمالي ناتجها الداخلي نسبة 11.5 في المئة بالفصل الثاني، بعد تراجعه بنسبة 10 في المئة في الأول. وبالمقارنة مع العام الماضي، يبلغ تراجع النمو في الفصل الأول 6.8 في المئة، مقابل ارتفاع بنسبة 3.2 في المئة بالفصل الثاني.

و تبقى التوقعات الأكثر سوءا قائمة حسب الخبراء خاصة مع تواصل انتشار الفيروس التاجي و صعوبة السيطرة على تفشيه خاصة مع عودته لبعض البلدان التي انتهجت إجراءات كسر الغلق و الفتح التدريجي لمجالاتها ما كلفها عودة جديدة إلى نقطة الصفر. وضعيات كثيرة تقود إلى نفس النتيجة و تجعل العالم يقف "عاجزا" منتظرا أولى بوادر الإنفراج مرتبطة بلقاح يقضي على الفيروس و ينعش الأوضاع الاقتصادية.