يواصل الجيش الوطني الليبي، معاركه ضد القوات الموالية لحكومة الوفاق والمدعومة بمرتزقة تركيا على تخوم العاصمة الليبية طرابلس. معركة بات ينتج عنها تضعضع نفوذ المليشيات وتصاعد الخسائر في صفوفها وصفوف داعميها ما دفعها لتكثيف انتهاكاتها في محاولة للتغطية عل خسائرها،وهو ما يهدد بمزيد الصراعات والانقسامات في بلد يعاني منذ سنوات تبعات التدخلات الخارجية.

إلى ذلك، كثفت قوات حكومة الوفاق بدعم من الطيران المسير التركي ضرباتها الجوية مستهدفة المدنيين والشحنات الانسانية وخاصة في مدينة ترهونة.وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، إن ميليشيات تابعة لقوات الوفاق قصفت الأحياء السكنية في مدينة ترهونة فجر اليوم السبت.


وأوضح المسماري عبر تدوينة على "فيسبوك" أن مدينة ترهونة تعرضت فجر السبت لقصف صاروخي "غراد" قامت به مجموعة من الميليشيات المسنودة بعناصر إرهابية.وأشار المسماري إلى أن الأحياء السكنية بمدينة ترهونة استهدفت بأكثر من عشرين صاروخا أصابت جميعها أهدافا مدنية بما فيها مساكن المواطنين، مضيفا أن السلطات المحلية والأمنية تجري حصرا للأضرار وتوثيقها.

وطالب الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي،البعثة الأممية في ليبيا بضرورة الاضطلاع بواجباتها وإدانة الإرهابين الحقيقيين،مشيرا إلى أن استهداف المدنين جريمة حرب يعاقب عليها القانون.وتوعد المسماري الميليشيات المهاجمة بالقول "رد القوات المسلحة الليبية جاهز وقادم لا محالة".وفق المنشور.

وفي سياق متصل،دان مجلس مشايخ وأعيان قبائل ترهونة، السبت، استهداف الأحياء المدنية بالقصف الصاروخي الذي تسبب في سقوط ضحايا في منازلهم.وأكد المجلس، في بيان له، أن تركيا أصبحت تحارب في ليبيا بشكل علني أمام العالم، وسط حالة من الصمت الدولي والعربي، مبيناً أن ترهونة تعانى من انقطاع التيار الكهربائي والوقود والمؤن والماء والدواء لأكثر من أسبوعين.وشدد البيان على صمود قبائل ترهونة وثبات موقفهم في دعم الجيش.


يذكر أن ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق مدعومة بعناصر من المرتزقة وبمساندة جوية من الطيران المسير التركي، فشلت خلال الأسبوع الماضي في اقتحام مدينة ترهونة من أكثر من محور، وهو ما دعاها للجوء لشن قصف عشوائي على أحيائها وفرض حصار في محاولة لتركيع المدينة  التي تعد أبرز الداعمين للجيش الوطني الليبي في معركته لاستعادة البلد من الميليشيات الإسلامية المدعومة تركيّا.

وأكد عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة د. محمد عامر العباني تواصل انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة.وأضاف العباني في تصرح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن مدينة ترهونة تعاني انقطاع التيار الكهربائي بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وشح السلع الأساسية والأدوية والمحروقات مثل غالبية المدن الليبية بسبب الحصار ومنع وصول السلع وقصف الطيران التركي المسير لشاحنات السلع والأدوية وناقلات الوقود، وجائحة كورونا.

وتكتسب ترهونة  التي تبعد 88 كم جنوب شرقي العاصمة الليبية أهمية استراتيجية من قربها للعاصمة طرابلس وتعدادها السكاني الذي يقارب المليون نسمة إضافة إلى كونها أكبر المدن المؤيدة للجيش الليبي في عمليته لتطهير طرابلس من المليشيات والتنظيمات الإرهابية.وبعد أن باءت محاولتهم في استمالة مدينة ترهونة لسحب دعمها عن الجيش، يضغط الإسلاميون في اتجاه ارتكاب الانتهاكات في حق المدينة التي تشارك بقوة في معركة تحرير طرابلس باللواء التاسع.

وسبق أن أكد المفتي المعزول الصادق الغرياني، المعروف بتصريحاته المحرّضة ضد الجيش الليبي والداعمة للإرهابيين،إن حسم المعركة يتطلب اجتياح ترهونة للقضاء على المفسدين، أعداء القرآن".على حد زعمه. وقال الغرياني في استضافة عبر برنامج "الإسلام والحياة" المذاع عبر قناته التناصح، إن "المدافعين عن طرابلس لن يتمكنوا من حسم المعركة ما لم يحسموا أمر ترهونة بالقضاء على من وصفهم بالعصابات المتواجدة فيها على غرار عملية غريان".

وزعم الاخواني خالد المشري، رئيس مجلس الدولة إنهم سيحتفلون قبل شهر رمضان بتحرير مدينة ترهونة وعديد المناطق حسب زعمه.وأوضح المشري في مداخلة سابقة مع قناة "ليبيا الأحرار" التي تبث من تركيا وتمولها دولة قطر، أن تقديراته جاءت وفقا للخطط العسكرية وأن تلك العمليات ستكون بأقل الخسائر بما يمكن من عودة عديد النازحين إلى مناطقهم، وفق قوله.


ويرى مراقبون أن قوات الوفاق تحاول من خلال نقل المعركة الى ترهونة دفع اللواء التاسع، لسحب وحدات من قواته من محاور القتال جنوبي طرابلس للدفاع عن مدينته، ما سيضعف تمركزاته القوية في مطار طرابلس وفي مناطق قصر بن غشير، وعين زارة، ووادي الربيع، جنوبي العاصمة،وبذلك تخفف الضغط القائم على قواتها المتراجعة في عدة مواقع.

من جهة أخرى تواصل حكومة الوفاق تواطئها مع النظام التركي في استجلاب المرتزقة الى الأراضي الليبية،وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان ،السبت ،عن ارتفاع أعداد المرتزقة السوريين في ليبيا،لتصل إلى نحو 7400 مرتزق في حين أنّ عدد المقاتلين الذين وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب تمهيدا لإرسالهم بلغ نحو 2500 مقاتل.

وبحسب المرصد السوري، فإن عملية إرسال المقاتلين إلى ليبيا للقتال إلى جانب ميليشيات الوفاق، ضد الجيش الوطني الليبي، تشهد تصاعدا لافتا رغم ارتفاع عدد القتلى في صفوفهم إلى 223 قتيلا.وأوضح المرصد أن فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا، يقوم بتسجيل قوائم جديدة، بإشراف الاستخبارات التركية.ونقل المرصد عن مصادره، أن عدة فصائل رفضت إرسال مقاتلين جدد، بينما تمارس تركيا ضغوطات عليها لإيقاف الدعم في حال رفض تسلم قوائم مقاتلين جديدة.

و تابع أن حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا بلغت إلى الآن 223 مقاتلا، منوها بأن القتلى من فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه".ووفق المرصد، فإن القتلى سقطوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

وتأتي هذه الانتهاكات التركية للقرارات الدولية بالتزامن مع رفض حكومة الوفاق رسميا العملية "إيريني" التي أطلقتها أوروبا لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.وبعث رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج برسالة للبرلمان الأوروبي،الخميس 23 ابريل/نيسان 2020، أبلغ خلالها باعتراض حكومة الوفاق  على خطة الاتحاد الأوروبي بشأن العملية إيريني.

وكان الاتحاد الأوروبي أطلق في 13 مارس/آذار الماضي العملية "إيريني"، التي تعني باليونانية "السلام"، لمراقبة الشواطئ الليبية، ولمدة عام، بهدف منع توريد الأسلحة إلى ليبيا، و"ستكون قادرة على إجراء عمليات تفتيش للسفن المتجهة من وإلى ليبيا ويشتبه في أنها تحمل أسلحة أو مواد ذات صلة".وقال الاتحاد الأوروبي إن مهمتها الأساسية تتمثل في تنفيذ حظر الأمم المتحدة على الأسلحة من خلال استخدام الأصول الجوية والأقمار الصناعية والبحرية.


وفي غضون ذلك وجه وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكبير دبلوماسي الاتحاد الأوروبي دعوة مشتركة السبت بضرورة تفعيل هدنة إنسانية في ليبيا في وقت تواصل فيه حكومة الوفاق وميليشياتها عرقلة الجهود الدولية لإرساء دعائم وقف إطلاق النار لتركيز الجهود على مواجهة كورونا في وقت تمر فيه ليبيا بظروف أمنية وسياسية معقدة.

ودعت الأوساط الأوروبية جميع الأطراف الليبية إلى استئناف محادثات السلام.وجاء في البيان "نود ضم أصواتنا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والقائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا ستيفاني توركو وليامز في دعوتهما إلى هدنة إنسانية في ليبيا".وأضاف البيان "ندعو جميع الأطراف الليبية إلى استلهام روح شهر رمضان المبارك واستئناف المحادثات في سبيل وقف حقيقي لإطلاق النار.

وتشهد محاور القتال بجنوب العاصمة وجنوب مدينة مصراتة وغرب سرت، معارك طاحنة بين قوات الجيش الليبي وقوات الوفاق المدعوة بالمرتزقة والتي تواصل انتهاكاتها وخرقها للهدنة المعلنة.وشهدت ليبيا خلال اليومين الماضيين مسيرات شعبية ودعوات من شخصيات ومكونات ليبية عديدة بإسقاط الاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي الذي بات بوابة للغزو التركي للبلاد،وتفويض القيادة العامة للجيش بإدارة شؤون البلاد.