سلطت صحيفة اندبندنت عربية الضوء على الواقع الأمني في ليبيا من خلال تقرير بعنوان "هل تصبح ليبيا مركزا لتصدير الميليشيات إلى أفريقيا؟".
وقالت الصحيفة أن تقارير دولية تشير إلى أن عدد الكتائب والميليشيات المسلحة في ليبيا تصل إلى 300 متنوعة التسليح والأعداد، بعضها موال لأشخاص والبعض الآخر محسوب على تيارات سياسية ومدن معينة.
وبحسب الصحيفة حذر مراقبون من عسكرة المجتمع الليبي بعد تنامي الحركات والكتائب المسلحة، منوهين بتأثير ذلك في السلم والأمن الاجتماعيين في البلاد، وكذلك ما يمكن أن ينتج منه من "ملشنة" تزيد أوج الصراع في ليبيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن "العسكرة" أو "الملشنة" تعرف بأنها "عملية تحول فئات المجتمع إلى وحدات عسكرية أو شبه عسكرية أو ميليشيات يطغى عليها الصراع والعنف".
وقالت الصحيفة إن ليبيا احتلت المرتبة الأولى في قائمة الدول الأفريقية صاحبة القوة العسكرية الأسرع نمواً في عام 2024، بحسب موقع Global Firepower)، وجاءت في المرتبة الثانية موزمبيق، بينما احتلت تشاد المرتبة الثالثة.
وأكدت اندبندنت عربية أن تقارير دولية تشير إلى أن عدد الكتائب والميليشيات المسلحة في ليبيا تصل إلى 300 متنوعة التسليح والأعداد، بعضها موال لأشخاص والبعض الآخر محسوب على تيارات سياسية ومدن معينة.
وسبق وحذرت الأمم المتحدة من أخطار توسع رقعة الميليشيات وانتشار السلاح خارج الإطار القانوني، وقالت في تقرير لها عام 2020 إن "ليبيا تضم أكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة يقدر بنحو 29 مليون قطعة سلاح".
وبحسب الصحيفة قال المتخصص في الشأن الأمني عادل عبدالكافي إن القوة العسكرية تشكل الركيزة الرئيسة لتعظيم القوة الشاملة للدول والمعيار الرئيس لتقييم وزنها السياسي في النظام الدولي، وهذا ما يدفع الدول إلى تحسين قدراتها العسكرية وزيادة موازناتها الدفاعية لتطوير منظومات الأسلحة والأفراد لارتباطها بصناعات دفاعية وبنية تقنية متقدمة لتعزيز صدقية الردع الاستراتيجي.
وأكد عبد الكافي أن القوة العسكرية تندرج ضمن أدوات القوة الخشنة والناعمة التي تلجأ إليها الدول لتنفيذ أهدافها السياسية والخارجية في إدارة الصراعات والأزمات الخارجية، وهو ما يطلق على" القوة العسكرية الأقوى" التي يندرج ضمنها جيوش نظامية مرتبة ضمن مؤسسة عسكرية ملتزمة.
وتابع المتخصص الأمني أنه فيما يخص القوة العسكرية الأسرع نمواً وتوسعاً التي تنطبق على الوضع الليبي فإنها تضم تشكيلات مسلحة كثيرة، وعدد كبير منها منفلت ولا يندرج تحت مؤسسة نظامية واحدة.
وأضاف المتخصص في الشأن الأمني أن ترتيب ليبيا في المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول الأفريقية الأكثر نمواً عسكرياً ليس "اعتباطياً"، بل هو أمر واقعي ينطبق على طرفي الصراع في ليبيا، فالقطب الشرقي يعتمد على القوة العسكرية الروسية لدعم وضعه عسكرياً وسياسياً، وفي المقابل تعتمد المنطقة الغربية على تحالفها العسكري مع تركيا عبر مذكرة تفاهم ومع الأميركان لتعزيز قدراتها العسكرية أمام التحالف الروسي مع خليفة حفتر وتغول مرتزقة الفيلق الروسي - الأفريقي الذي عزز مواقعه أيضاً في ليبيا وأفريقيا.
وأبرز عبد الكافي بحسب الصحيفة أن مفهوم القوة العسكرية الأسرع نمواً في أفريقيا يقاس بسرعة تكون الجماعات والتشكيلات المسلحة تحت عدة تسميات منها القبلية والمناطقية، إضافة إلى انتمائها السياسي والعقائدي، وليس بمفهوم القوة العسكرية للدولة واحتكار الدولة القوة والسلاح مقابل توفير الأمن للمواطن.
وأشار المتخصص الأمني إلى أن هذا النمو العسكري الأسرع لعملية "الملشنة" في المنطقة أصبح يشكل خطراً على استقرار الدولة، لأن الميليشيات في الحالة الليبية تأخذ شرعيتها من الدولة ولكنها لا تنصاع لقيادة الدولة بل إن جلها يستخدم كذراع للحروب بالوكالة.
ولم يخف عبدالكافي تخوفه على المسار الديمقراطي في ليبيا، باعتبار أن هذه القوة العسكرية تنمو وتستفيد من الفوضى الأمنية للتمدد والتغول، وفي المقابل فإن قيام دولة القانون يشكل تهديداً حقيقياً لها، موضحاً أنها تعد أداة فعالة لخدمة عدد من الأجندات الخارجية التي يهمها بقاء ليبيا في مربع العنف، منوهاً بالتهديد الذي تمثله هذه القوة العسكرية الليبية الأسرع نمواً في أفريقيا على جيرانها، إذ من المتوقع أن تصبح ليبيا مصدراً أساسياً لتصدير المرتزقة.
وبحسب الصحيفة وصف المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي أشرف الثلثي حصول ليبيا على المرتبة الأولى أفريقياً ضمن الدول التي تمتلك القوة العسكرية الأكثر نمواً بـ"السلبي"، مؤكداً أن هذا الترتيب جاء نتيجة المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد وعدم وجود بدائل أخرى للشباب لاستكمال الدراسة والتوظيف، مما دفعهم إلى الانتماء لهذه التشكيلات المسلحة التي توفر لهم مزايا وحوافز.
وبينت الصحيفة أن الثلثي قال "إن العسكرة تتربص بالمجتمع الليبي لا سيما في ظل وجود 29 مليون قطعة سلاح خارج القانون"، موضحاً أن هذا الترتيب الصادر عن (Global Firepower) يشكل خطراً داهماً على السلم الاجتماعي والحريات العامة.
ودعا المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي المجتمع الدولي إلى مساعدة ليبيا حتى لا تنزلق إلى العسكرة باعتبار أنها تتعارض وقيام مجتمع حر، كما أنها أحد أبرز العوائق التي ستقف أمام قيام نظام سياسي موحد يسيطر على كامل التراب الليبي، لأنه لا يستقيم بناء نظام ديمقراطي وسط هذه القوة العسكرية.