أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي ضرورة اتفاق الزعماء السياسيين في ليبيا لتشكيل حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات.

وقال باتيلي في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة أنه في ظل الانقسامات التي تشهدها ليبيا اليوم، هناك ضرورة لمؤسسة سياسية موحدة، ومؤسسة أمنية موحدة، ومؤسسات عسكرية موحدة. ولهذا السبب، تعتقد البعثة الأممية أن مسألة توحيد الحكومة ليست مجرد مسألة قانونية أو دستورية، إنها مسألة سياسية للغاية. لذا يتعين على الزعماء السياسيين أن يجتمعوا ويتوصلوا إلى اتفاق لتشكيل حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات

وأضاف باتيلي: عندما أتحدث عن حكومة موحدة، فهي ليست حكومة مؤقتة أخرى. فالبلاد لا تحتاج ولا تستطيع حتى أن تتحمل حكومة مؤقتة أخرى وإنما هناك حاجة إلى حكومة موحدة من شأنها أن تهيئ الظروف المناسبة لخلق بيئة سياسية مواتية لإجراء الانتخابات

وأشار باتيلي إلى اعتقاده أن هذا هو الشيء الذي يريده جميع الليبيين اليوم حيث أنهم لا يريدون المزيد من وجود حكومتين أو ثلاث حكومات في نفس الوقت وإنما يريدون حكومة واحدة لليبيا وجيشا واحدا لليبيا. يريدون جهازا أمنيا واحدا لليبيا ليس فقط لتأمين العملية الانتخابية، وإنما أيضا لتأمين أوضاع المواطنين.


وبين باتيلي أنه أجرى مشاورات مكثفة مع اللاعبين الليبيين الرئيسيين مبينا أنه لم يلتقي  فحسب بقادة المؤسسات، بل أيضا الليبيين من جميع مناحي الحياة.

وأشار باتيلي إلى أنه ذهب إلى مناطق مختلفة من ليبيا في الشرق والجنوب والغرب وزار عدة مدن والتقى بمواطنين مهتمين بمستقبل بلادهم وأضاف أن ليبيا تعيش عشر سنوات تقريبا من الصراع، عشر سنوات من الترتيبات المؤقتة، عشر سنوات من الانقسام.

واعتبر باتيلي أن استقرار وسلام ليبيا ليس للشعب الليبي فحسب وإنما للمنطقة بأسرها مؤكدا  أن الوقت قد حان الآن لإنهاء هذا الفصل من الانقسام والصراع حتى يحصل الشعب الليبي على الاستقرار والسلام الذي هو في أمس الحاجة إليه.

وأشار باتيلي إلى أن ليبيا لديها ما يكفي من الموارد كي تتمتع بالازدهار كما أن استقرار وسلام ليبيا ليس للشعب الليبي فحسب وإنما للمنطقة بأسرها والتي عانت بشدة من هذا الصراع.

وتابع باتيلي عندما أنظر إلى منطقة الساحل، أجدها منذ عام 2011 تشهد صراعا وصعودا للجماعات المتطرفة والحركات الجهادية وجميع أنواع العصابات الإجرامية التي تجوب منطقة الساحل والصحراء وكذلك جيران ليبيا المباشرين في شمال أفريقيا. ومن ثم فإن السلام والاستقرار في ليبيا اليوم ليس من أجل الليبيين فقط، بل أيضا من أجل جيرانها مضيفا لهذا السبب أنا ملتزم بالعمل مع جميع الليبيين لإعادة السلام والاستقرار.

وشدد باتيلي على أن الليبيون على الأرض يتوقون إلى السلام والاستقرار ويريدون الانتخابات لأنها السبيل الوحيد لاستعادة الشرعية المؤسساتية حيث أن الليبيين بحاجة لتلك المؤسسات، كما أن البعثة الأممية تنتظر قيام تلك المؤسسات وبين أن كل تلك المؤسسات الحالية الموجودة منذ فترة طويلة، سواء كانت الأجهزة القضائية أو التشريعية، عفا عليها الزمن فهناك حاجة إلى تجديد المجلس التشريعي سواء كان مجلس النواب أو المجلس الأعلى للدولة

وبين باتيلي أن ليبيا اليوم لديها حكومتان، واحدة في الشرق وأخرى في الغرب. وهذا الوضع يمكن أن يثير المزيد من المخاوف بشأن مستقبل بلد يعاني من قيادات سياسية وأمنية وعسكرية منقسمة وأضاف إذا استمر هذا الأمر، فقد تسقط ليبيا في غياهب انقسام طويل الأمد قد يخلق وضعا تفقد فيه البلاد سيادتها، ووحدة أراضيها وأكد أن الشعب الليبي قلق للغاية من هذا الأمر، حيث أنهم يريدون أن تظل بلادهم أمة موحدة. وهذا أمر مهم للغاية بالنسبة لهم. ولهذا السبب فإن المجتمع دولي، يتعين عليه أن يستجيب لتلك الدعوة إلى الوحدة، وتلك الدعوة لاستعادة سيادة ليبيا.

ودعا باتيلي اللاعبين الإقليميين والدوليين إلى الوقوف في صف الأمم المتحدة، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، لمساعدة الليبيين على استعادة سيادتهم على بلادهم.

وحث باتيلي جميع اللاعبين الدوليين على التحدث بصوت واحد والتصرف وفقا لذلك، وأضاف أنه من المهم أن تتجه ليبيا إلى الانتخابات حيث أنه لسنوات عديدة لم يتم إجراء الانتخابات وكان من المفترض إجراء الانتخابات في ديسمبر 2022، ولسوء الحظ، تم إلغاؤها واجتمع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وكلفوا لجنة 6+6 بوضع القوانين الانتخابية. وقد أعدت تلك اللجنة مشاريع قوانين انتخابية. ومع ذلك، فإن القوانين الانتخابية ليست قابلة للتنفيذ كما هي، لأنها بحاجة إلى التعديل والضبط الدقيق والتمحيص

وأضاف أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لم تكن وحدها هي التي تحدثت عن الثغرات الموجودة في مشاريع القوانين الانتخابية هذه، بل أشارت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أيضا إلى أوجه القصور في القوانين الانتخابية التي وضعتها لجنة 6+6

وأعرب باتيلي عن أمله أن يتم النظر في هذه القوانين قريبا جدا من قِبل لجنة 6+6 وكذلك من قبل المجلسين حتى يتم ضبطها بشكل دقيق، وجعلها قابلة للتنفيذ. وبمجرد الانتهاء من وضع جميع تلك القوانين الانتخابية، يمكن التوصل إلى خارطة طريق لتحديد موعد للانتخابات.

وتابع باتيلي أن المسألة لا تتعلق فقط بالقوانين الانتخابية، أو الأساس القانوني للانتخابات حيث أن القضايا سياسية للغاية والمواطنون الليبيون لا يريدون أن تقود بلادهم بعد الآن مؤسسات أمنية وعسكرية متشرذمة.

ودان باتيلي اشتباكات طرابلس الأخيرة مؤكدا أن طرفا الاشتباكات يفترض بهما تأمين المواطنين وليس لإطلاق النار عليهم. ولهذا السبب تعتقد البعثة الأممية أنه من المهم أن تكون هناك حكومة موحدة تمارس سلطتها ليس فقط على الجيش، ولكن أيضا على الجماعات الأمنية في جميع أنحاء البلاد.

وبين باتيلي أن ليبيا لا تستطيع أن تتحمل هذا، كما أن المواطنين الليبيين لا يريدون أن تقود بلادهم بعد الآن مؤسسات أمنية وعسكرية متشرذمة.

وتحدث باتيلي عن الجهود الرامية لخلق آلية ليبية لإدارة شفافة للأموال العامة حيث أشاد  بدور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي حيث أنه بعد مشاورات مكثفة مع مختلف أصحاب المصلحة، وبالتحديد قادة المؤسسات، اتفقوا على وضع آلية ليبية للإشراف على إنفاق الدولة لأن مواطني ليبيا يريدون استخدام أموال وثروات البلاد لصالحهم. كما أن هناك حاجة إلى مزيد من المحاسبة والشفافية، وهذا ما يريده الليبيون.

وأعرب باتيلي عن أمله أن تتعزز هذه الآلية أكثر، مؤكدا أن البعثة الأممية تدعمها وعلى استعداد لمساعدة الهيكل القائم الآن

وأضاف هناك تطور آخر مرتبط بهذا، وهو توحيد مصرف ليبيا المركزي الذي كان منقسما مؤكدا أنه يشيد بهذه الخطوة، والتي تعد خطوة إيجابية في هذا السياق.

ولفت باتيلي إلى وجود الكثير من المخاوف، فيما يتعلق بحقوق الإنسان قائلا عندما تنظر إلى حرية حركة الأشخاص داخل وخارج ليبيا، ترى أنه بسبب هذا الانقسام المؤسساتي، وتشرذم الآليات الأمنية والعسكرية، يجد عدد من المواطنين صعوبة في التنقل بحرية في جميع أنحاء ليبيا.

وأشار باتيلي إلى أن هناك عددا من الإجراءات التي تم اتخاذها بشكل تعسفي ضد المواطنين، والنساء، والمجموعات الحقوقية داعيا لوضع حد لهذه الممارسات.

واعتبر باتيلي قضية الهجرة مهمة جدا حيث أن الآلاف من الناس يعيشون في ظل ظروف صعبة، ويتم وضعهم في مراكز احتجاز. ويخضع بعضهم لظروف لا إنسانية، وهذا أمر غير مقبول، ولا يطاق.

ورحب باتيلي بالقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة التونسية للنظر في هذا الأمر وإنقاذ المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين من هذه المحنة.

وشدد باتيلي على أن الليبيون يتوقون إلى السلام والاستقرار والازدهار حيث أن ليبيا من أغنى الدول في المنطقة، ولديها كل الإمكانات لتكون قوة اقتصادية في المنطقة تحقق الرخاء لشعب ليبيا ولجميع دول المنطقة. فالمهم ليست المصالح الفردية للدول، سواء كانت جيرانا أو شركاء دوليين. بل المهم هو خلق الظروف المواتية لتحقيق الازدهار للشعب الليبي. وهذا الازدهار سيخلق الظروف لتعاون أفضل وازدهارا يعم المنطقة بأسرها

وختم باتيلي بالقول إن الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية يسيرون جنبا إلى جنب بالنسبة للبعثة الأممية حيث أن هذه هي معايير السلام والاستقرار في ليبيا. ولهذا السبب فإن  من مصلحة الشركاء الدوليين والإقليميين تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.