على مدار الأشهر الماضية،تصاعدت حدة التوتر بين الاطراف المتنازعة في ليبيا،ووصل الامر الى حد حدوث صدامات مسلحة،بين حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبدالحميد الدبيبة،وحكومة الإستقرار، المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا.وتزايدت المخاوف من تحول الإشتباكات المحدودة،إلى حرب جديدة طويلة الامد.
مخاوف دفعت الأمم المتحدة،إلى التعجيل بإيفاد مبعوثها الجديد السنغالي عبدالله باتيلي،بعد اشهر من شغور المنصب، عقب إستقالة الديبلوماسي السلوفاكي، يان كوبيتش، في ديسمبر/تشرين الأول الماضي،الذي أعقبه رحيل الأمريكية ستيفاني ويليامز،التي عملت كمستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا،في نهاية يوليو الماضي.
باتيلي يبدأ تحركاته
بدأ المبعوث الأممي،عبدالله باتيلي،تنفيذ أولى تعهداته التي أطلقها عقب وصوله الى طرابلس،والتي أكد فيها عزمه التواصل مع جميع الاطراف الليبية.وشهدت مدينة القبة شرقي البلاد،لقاءا جمع المبعوث الاممي مع رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح،حيث تناول اللقاء "الأوضاع في ليبيا بشكل عام وسُبل الوصول إلى إنهاء الأزمة الراهنة والوصول إلى إجراء الانتخابات في أقرب الآجال ".وفق بيان مقتضب للبرلمان الليبي.
وعقد الدبلوماسي السنغالي،في وقت سابق، اجتماعا مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي ونائبه عبد الله اللافي، في طرابلس غربي ليبيا.وأكد المنفي واللافي خلال اللقاء، "أن هناك اتفاقاً تاماً على أن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى للوصول إلى حل سياسي عاجل للأزمة الليبية"، وفق المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.
من جانبه،نقل باثيلي، للمنفى واللافي،"تحيات الأمين العام للأمم المتحدة إلى المجلس الرئاسي مشيداً بدوره الكبير من أجل تحقيق الاستقرار والسلام ".وشدد المبعوث الاممي، خلال اللقاء على أهمية "أن يكون الحل من خلال الليبيين أنفسهم"، مبدياً حرصه على إيجاد حل للأزمة الليبية، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.
كما إلتقى، المبعوث الأممي الجديد، برئيس حكومة الوحدة الوطنية "عبدالحميد الدبيبة"،لمناقشة حل الصراع على السلطة بين حكومة الأخير وحكومة فتحي باشاغا التي عينها مجلس النواب.وتبادل الجانبان وجهات النظر حول الأوضاع الراهنة في ليبيا.كما عرض رئيس حكومة الوحدة، الدبيبة رؤيته لخيارات تعزيز السلام والاستقرار في البلاد.وفق بيان للبعثة الاممية على صفحتها على موقع "فيسبوك".
هذه اللقاءات،تاتي ضمن سلسلة لقاءات ،أعلن المبعوث الاممي الجديد،في بيان له غداة وصوله الى طرابلس،أنه سيعقدها مع "جميع الأطراف الليبية في عموم البلاد بمن فيهم المجتمع المدني والنساء والشباب للاستماع إلى آرائهم بخصوص الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية ومعرفة رؤاهم بالنسبة لمستقبل بلادهم".
دعم دولي
تحركات المبعوث الاممي عبدالله باتيلي،يرافقها دعم دولي لتثبيت خطواته القادمة في إطار حلحلة الازمة الليبية.حيث أعلنت فرنسا عبر سفارتها في ليبيا، الاثنين، عن الدعم الكامل لمهمة باتيلي في الوساطة بين الأطراف الليبية.وقالت السفارة في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر إلى "دعم فرنسا الكامل للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في تنفيذ مهمته والوساطة الأممية من أجل الترويج لحل سياسي قابل للتطبيق يمر من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت ممكن".
وفي سبتمبر الماضي،أعلنت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا ،وألمانيا ،وإيطاليا والمملكة المتحدة، دعمها للممثّل الجديد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي، وجاء ذلك خلال اجتماع مسؤولين بهذه الدول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للتوصل إلى حلول للأزمة الليبية.
ويبدو ان المجتمع الدولي،يتجه نحو التعامل مع الأزمة الليبية، بالجدية المطلوبة بعد حل مسألة تعيين المبعوث الأممي الجديد،حيث من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن، يوم الجمعة القادمة، جلسة نقاش مفتوح حول الأوضاع في ليبيا، وسيلي ذلك عقد اجتماع مغلق على مستوى ممثلي الدول الأعضاء في المجلس حول عمل ونشاط بعثة الدعم الأممي في ليبيا، يتحدث فيها المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبد الله باتيلي عن عمل البعثة في ليبيا ومتطلبات تعزيز دورها.
ووفق تقارير اعلامية،سيتم التصويت في الجلسة على تمديد عمل البعثة الأممية في مجلس الأمن، التي ستنتهي الولاية الدورية لعملها في ليبيا بحلول الحادي والثلاثين من أكتوبر الجاري، وسيتم كذلك البت في مدة ولايتها الدورية،اضافة الى النظر في صلاحيات البعثة، من حيث الإشراف على أية انتخابات ومهامها المتصلة بدعم مساحات التلاقي المشتركة سياسياً بين فرقاء الأزمة الليبية، بما يحقق اتفاقاً على إطار دستوري يمهد الطريق لإجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا.
حساسية الوضع
رغم إن حدة الصراعات المسلحة قد خفت كثيرا عن ذي قبل،إلا أن الخلافات السياسية مازالت تهدد بعودة الصراع مجددا.فحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة،أطلقت تحذيرات للمؤسسات العامة في البلاد من التعاطي مع أيّ قرار تصدره الحكومة المنافسة، برئاسة فتحي باشاغا،وهو الأمر ذاته الذي قامت به حكومة الاخير حين دعت، مؤسسات الدولة إلى منع التعامل مع حكومة الوحدة مؤكدة أن يد القانون طائلة.
خلافات سياسية وبيانات متبادلة،تؤكد حجم الخلافات بين الجانبين،وتنذر باستمرار مسلسل الانقسامات في ظل رفض الطرفين تقديم تنازلات.وتثير هذا الانقسامات مخاوف من تعقيد الازمة في البلاد،وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،الاسبوع الماضي،حين عبر عن أسفه لطول أمد الصراع الليبي، قائلا إن الناس بدأوا يشعرون باليأس.
ومع تصاعد تحديات الأزمة الليبية، في ظل واقع ليبي، مُعقد ومتشعب، يتصاعد تفاؤل حذر، بإمكانية تجاوز العقبات ،التي تحول دون تكريس التفاهم، الذي يقود إلى تسوية شاملة، تُنهي المأزق الليبي خلال الفترة القادمة.ويرى كثيرون،أن على البمعوث الاممي الثامن،دراسة أخطاء أسلافه السابقين،والتركيز على ضرورة إحداث توازن بين جميع أطياف الصراع الليبي والتصدي للتدخلات الخارجية التي تضعف آمال التوافق في ليبيا.