مع دخول الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية مرحلتها الأخيرة، يستعد المرشح الديموقراطي جو بادين للكشف عن الشخصية التي اختارها لتكون نائبا له في حال فوزه ويرجح أن تكون امرأة سوداء.
وقبل نحو 100 يوم من موعد الاستحقاق الذي سيتنافس فيه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يواجه نائب الرئيس الأمريكي السابق مهمة صعبة في اختيار الشخصية التي ستتولى منصب نائب الرئيس في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.
ومن المتوقّع ان يكشف بايدن في مطلع اغسطس (آب)اسم هذه الشخصية، قبل أسابيع من المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي الذي سيعقد في قسمه الأكبر هذا العام عبر الفيديو.
وقد تتّخذ هذه التسمية بعدا أكبر هذا العام، نظرا إلى أن بايدن الذي تفيد تقارير بأنه يعتبر نفسه "مرشحاً انتقالياً" قد يعتمد في إدارته على جيل جديد من القادة.
وقد يصبح بايدن البالغ 77 عاماً، الرئيس المنتخب الأكبر سنا للولايات المتحدة، وهو أعلن أنه لن يسعى للترشح لولاية ثانية إن لم يسمح بذلك وضعه الذهني والجسدي، ما عزز التكهّنات بأن الشخصية التي سيرشّحها لمنصب نائب الرئيس ستكون المرشّح الابرز للرئاسة في العام 2024.
وسبق أن تعهّد علنا اختيار امرأة للمنصب، وبعد الاحتجاجات التي جرت مؤخرا ضد اللامساواة العرقية على خلفية مقتل جورج فلويد على يد الشرطة، طالبه ديموقراطيون باختيار مرشّحة متحدّرة من أصول إفريقية.
وقد يختار بايدن السناتورة كامالا هاريس أو المستشارة السابقة للأمن القومي سوزان رايس (كلتاهما 55 عاماً)، لاستمالة شريحة الناخبين السود الذين ساهموا بشكل أساسي في فوزه في الانتخابات التمهيدية، ولتلبية دعوات قيادات الحزب.
إلا أنه قد يختار السناتورة إليزابيث وارن في محاولة لتنشيط الجناح التقدمي في الحزب، علما أنها تبلغ 71 عاماً وبالكاد تعتبر ممثلة للجيل الجديد.
ومن الشخصيات المطروحة تامي داكوورث (52 عاماً) المتحدّرة من أصول آسيوية، وهي محاربة سابقة في الجيش الأمريكي أصبحت سناتورة عن إيلينوي، ما من شأنه أن يستميل الجمهوريين المعارضين أو المستقلين الباحثين عن بديل معتدل.
وجاءت جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة 145 ألف شخص في الولايات المتحدة لتعقّد الأمور، إذ ستحول دون الإعلان التقليدي عن اسم الشخصية التي ستتولى المنصب في حال الفوز في الانتخابات، وما يرافق هذا الإعلان عادة من زخم وتعبئة انتخابية، علما أن احتواء الوباء قد يبقى الأولوية المطلقة للبيت الأبيض العام المقبل.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون الرئاسة والقانون الدستوري في كلية الحقوق في جامعة سانت لويس جويل غولدستين في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "عليه اتّخاذ خيارات، لكن الحجج والضغوط لا تصب في اتجاه واحد".
ويضيف البروفسور "أعتقد أن بايدن لم يحسم خيارته بعد"، معتبرا أن القضية التي ستحسم الخيار هي "مدى جاهزية الشخصية للعمل على مستوى الوطن".
ويتقدّم بايدن على ترامب في الاستطلاعات على مستوى البلاد وفي ولايات "متأرجحة" أساسية مثل فلوريدا وبنسلفينيا وويسكونسن.
ويقول غولدستين إن الضغوط التي يواجهها بايدن في ما يتعلّق باختيار شخصية من شأنها تغيير المعادلة في الحملة الانتخابية، أقل من تلك التي واجهها المرشّح الجمهوري جون ماكين في العام 2008 عندما اختار حاكمة ألاسكا سارة بيلين المغمورة التي استمالت المحافظين لكنّها لم تحظ بدعم كبير على مستوى الوطن.
تجدر الإشارة إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ هم تاريخيا المرشحون الأوفر حظاً إذ اختير 15 سناتوراً ديموقراطياً لمنصب نائب الرئيس في الاستحقاقات الـ18 الأخيرة، بينهم بايدن نفسه.
لكن المنافسات الأخريات لم يخرجن من دائرة التنافس.
ومن بينهن النائبة فال ديمينغز التي لعبت دورا فاعلا في توجيه التهم لترامب في المحاكمة التي كانت ترمي لعزله في يناير (كانون الثاني)، وهي أول امراة سوداء تتولى قيادة شرطة أورلاندو.
ومن الأسماء المطروحة أيضا النائبة كارين باس التي تترأس كتلة السود في الكونغرس، ورئيسة بلدية أتلانتا كيشا لانس بوتومز التي أصيبت مطلع يوليو (تموز) بكوفيد-19.
وهناك أيضا مرشّحتان متحدّرتان من أصول لاتينية هما حاكمة نيو مكسيكو ميشيل لوجان غريشام، وحاكمة نيفادا كاثرين كورتيز ماستو، وهي أول امرأة من أصول لاتينية تنتخب عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وفي يونيو (حزيران) صرّح بايدن لشبكة "سي بي اس" الإخبارية أن الشخصية التي سيختارها لتولي منصب نائب الرئيس يجب أن تكون "على توافق تام" معه في ما يتعلّق بالفلسفة السياسية، وأن تكون "مستعدة لتولي الرئاسة منذ اليوم الأول".
ويتوقّع خبراء أن يختار بايدن للمنصب شخصية تقليدية تمتلك خبرة، نظرا لولاية ترامب الصاخبة وحدّة جائحة كوفيد-19.
وفي يوليو (تموز)، قالت أليسا ماستوموناكو، مساعدة مدير شؤون البيت الأبيض في عهد الرئيس السباق باراك أوباما "أعتقد أنه بالنسبة لبايدن، يجب أن تكون الأولوية للجاهزية".
وأضافت "لا أعتقد أنه يملك ترف اختيار شخصية من خارج الإطار التقليدي".
ويقول غولدستين إنه على الرغم من وجود اختلافات قائمة بين ترامب ومرشحات للمنصب على غرار وارن التي تعتمد نهجا أكثر تقدمية في ما يتعلق بالرعاية الصحية والتغير المناخي، تخبو هذه الاختلافات عند المقارنة بين ترامب وبايدن.
في نهاية المطاف، من غير المرجّح أن يُحدث خيار بايدن تحولاً كبيراً في توجهات الناخبين.
ولكن غولدستين يقول إن "المهمشين" أو الذين يميلون للجمهوريين ممن يعارضون تولي ترامب ولاية رئاسية ثانية "قد يقررون تأييد بايدن إذا اختار شخصية تولد لديهم ارتياحا".