يبدو أن مجلس النواب الليبي يتجه الى إتخاذ مبادرة تشريعية بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية ، بما يشمل ذراعها السياسي حزب العدالة والبناء ، وكل ما يتبعها من جمعيات ومنظمات إجتماعية ترفع شعارات العمل الخيري والإنساني ومؤسسات إقتصادية إضافة الى الميلشيات المسلحة المرتبطة بالجماعة سواء عقائديا أو تنظيميا
وفي هذا السياق ، أكد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي طارق الجروشي أن عدد من البرلمانيين، قدموا إلى رئاسة مجلس النواب بندا مستعجلا بضرورة إعلان جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا خطير،
وقال في تصريحات تلفريونية إن دعوة تنظيم الإخوان دولة تركيا الى التدخل العسكري في ليبيا، يدل على قرب نهاية مشروعهم ، مبيناً أن الأدلة والوقائع التي يملكها الجيش الليبي، تؤكد بأن أغلب قادة التنظيمات الإرهابية التي هُزمت في ليبيا هي الآن بين مدينتي اسطنبول والدوحة، والتقارير تشير إلى أن هناك محاولات مستميتة للعودة الى ليبيا .
و أرجع الجروشي طلب عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وعضو جماعة الإخوان، محمد مرغم بضرورة تدخل تركيا عسكرياً في ليبيا، إلى حالة الإحباط التي تعانيها الجماعات الارهابية من الهزائم المتتالية التي تلقتها في بنغازي ودرنة وإجدابيا وجنوب ليبيا وخليج سرت.
وكشف الجروشي، أن لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي ستتخذ إجراءات قانونية ضد عضو جماعة الإخوان، محمد مرغم بعد الحصول على نسخة مسجلة من تصريحه الذي سيحال إلى مكتب المدعي العام العسكري، بتهمة المساس بالأمن القومي، وتهديد سلامة الدولة بدعوة دولة أجنبية للتدخل بقوة السلاح وخرق أمنها.
من جانبه ،كشف عضو البرلمان الليبي، علي السعيدي، عن مقترح قدمه رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس، إلى هيئة الرئاسة، بشأن تصنيف جماعة الإخوان في ليبيا جماعة "إرهابية"، وأن الأمر لاقى تأييدا كبيرا من عدد من الأعضاء، وأن المقترح سيناقش في جلسة الأسبوع المقبل، وقال البرلماني الليبي إنهم "تأخروا في عدم إدراج هذه الجماعة على قائمة التنظيمات الإرهابية حتى الآن، متوقعا عدم وجود أي مستقبل للإخوان في ليبيا بعد كشف أمرهم للجميع"، حسب تعبيره.
والأسبوع الماضي ، أعلن رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي طلال الميهوب، أن العمل جار الآن، لمناقشة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة كجماعتين إرهابيتين، من قبل مجلس النواب، فور انعقاده ،وأكد أن اللجنة سبقت الكونغرس الأميركي في التحذير من خطر جماعة الإخوان المسلمين على ليبيا، مشيراً إلى أنها قامت بإصدار قائمة تضم شخصيات تنتمي للجماعة وشخصيات أخرى ذات صلة بها.
وأضاف الميهوب أنه تم تحديد الأسماء بناءً على تقارير الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات العسكرية، مثل رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان، محمد صوان، ورئيس حزب الوطن وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج، مبرزاً أن «الشعب الليبي لم يكن على دراية كافية بشرور وخطورة هذه الجماعة، ولكن بعد 17 فبراير 2011، وتغلغل أعضائها في مفاصل الدولة، وما اتضح للشعب الليبي من ممارستها للعنف والقتل، واحتضانها للتنظيمات الإرهابية التي تسفك الدماء ودفاعها عنها مثل «القاعدة» و«المقاتلة» وغيرها، انكشف أمرها».
ويرى المراقبون أن جماعة الإخوان الليبية أثبتت بالدليل والحجة أنها مرتبطة بأجندات أجنبية معادية ، وأنها تنفذ أوامر قطر وتركيا وعدد من أجهزة المخابرات الأجنبية ، وتتآمر ضد سيادة الدولة ومؤسساتها ، وتعمل على تمزيق النسيج الإجتماعي ، ولا تؤمن بالهوية الوطنية لليبيا
وكان عضو المؤتمر الوطنى العام المنتهية ولايته فى ليبيا وعضو جماعة الإخوان،محمد مرغم، طالب تركيا بالتدخل ضد الجيش الوطنى الليبى، زاعما من على شاشة قناة « التناصح الإرهابية » ارتكاب الجيش «انتهاكات»،
وهو ما أثار ردود فعل حادة لدى أغلب الليبيين الذين رأوا في تلك التصريحات إستقواء بالأجنبي لتمرير مشاريع إرهابية في بلادهم ،مشيرين الى أن مرغم متعود على مثل هذه التصريحات المستفزة، ففي فبراير الماضي أصدر عدد من النشطاء والمدونين والكتاب والصحفيين والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني بياناً حول ”إقرار قادة وأعضاء المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته عن حزب العدالة والبناء وجماعة الإخوان المسلمين الليبية بدعم الإرهاب فى بنغازي” وذلك فى إشارة للتصريحات الصادرة آنذاك عن رئيس المؤتمر نوري أبوسهمين وعضوي العدالة والبناء محمود عبدالعزيز الورفلي ومحمد مرغم عن دعم الحرب فى بنغازي بالسلاح.
وطالب الموقعون على البيان ، وهو موجه بالدرجة الأولى الى النائب العام ومجلس النواب، بسحب ترخيص عمل حزب العدالة والبناء وإعلان جماعة الإخوان المسلمين الليبية جماعة محظورة كما طالب البيان بالتحقيق مع كل قادة ومؤسسي الحزب بعد إقرار أعضائه فى المؤتمر الوطني العام بدعمهم ما يسمى مجلس شورى ثوار بنغازي المتحالف مع تنظيمي داعش والقاعدة بالسلاح.
ويرى المراقبون أن خطوة تصنيف جماعة الإخوان الليبية كجماعة إرهابية باتت أكثر من ضرورية في إتجاه العمل على إعادة بناء الدولة ومؤسساتها الوطنية ، نظرا لأن الإخوان يرتبطون بأجندات خارجية لا تعرف بمفهوم بالدولة منذ نشأتهم في ليبيا في الأربعينيات من القرن الماضي على أيدي ثلاثة أشخاص منتمين للإخوان المسلمين المصريين تسللوا الى الأراضي الليبية بعد إتهامهم بمحاولة اغتيال محمود فهمي النقراشي وزير داخلية مصر آنذاك إلى ليبيا، وقد طلبوا اللجوء عند الأمير إدريس أمير برقة فآواهم ورفض تسليمهم للحكومة المصرية التي كانت تلاحق الإخوان المسلمين في مصر آنذاك ما أدى لتوتر العلاقات واغلاق الحكومة المصرية الحدود بينها وبين برقة. وقد سعى هؤلاء لاحقاً إلى نشر فكر الإخوان في ليبيا ،
وجاء في وثيقة بخط الحاكم العسكري الأنجليزي دي كاندول "بدأ نشاط الإخوان المسلمين بالظهور في ليبيا منذ عام 1949م عندما لجأ إليها ثلاثة من الإخوان المصريين هم عز الدين إبراهيم ومحمود يونس الشربيني وجلال الدين إبراهيم سعدة حيث قاموا بالتمهيد للحركة ببث الدعوة لها بين صفوف الشعب الليبي، وقد ساعدهم في ذلك عُمر باشا الكيخيا الذي كان يعمل حينئذ رئيساً لديوان الأمير إدريس السنوسي، واستطاعوا أن يكوّنوا أول شعبة للإخوان في ليبيا تحت اسم: "هيئة الدعوة الإسلامية دي كاندول على لسان إدريس السنوسي له "لقد استجاروا بي متوسلين باسم الواجب الإسلامي، ولم أجد بداً من إجابة طلبهم لقد أجرتهم وأمرت بإسكانهم في قصر المنار".
وأضاف دي كاندول "قلت للأمير إدريس بصراحة إن هذا التصرف يضعني في موقف حرج، إذ أنني ما زلت مسئولاً عن الأمن العام والعلاقات الخارجية، فأصر الأمير على أنه لا يملك إلا أن يجير من يلجأ إلى حماه وحين رجعت إلى بنغازي علمت أن اثنين من كبار ضباط الشرطة المصرية قد وصلا من القاهرة جواً في مطاردة الرجال الثلاثة بعد ما تم اقتفاء أثرهم إلى حدود برقة، وكان من الغريب أننا لم نتلق أي معلومات عن الموضوع من القنصلية المصرية وبالتالي لم يكن بوسعي أن أفعل شيئاً أكثر من رفع تقرير إلى الحكومة البريطانية، وبطبيعة الحال أخفقت عملية البحث عن الأشخاص الثلاثة وعاد الضابطان المصريان إلى القاهرة".
ويردف الحاكم العسكري البريطاني روايته قائلا أنه « سرعان ما جاء الرد المصري على تصرف الأمير، ففي اليوم التالي مباشرةً أغلقت الحدود المصرية مع برقة كما أُلقي القبض على اثنين من الشخصيات السنوسية البارزة كانا يزوران مصر، وبعد ذلك طلبت الحكومة المصرية من حكومة بريطانيا تسليم الفارين رسميًا، ولم أجد رداً مناسباً غير الإشارة إلى فروض الإسلام، تاركاً للسفارة البريطانية بالقاهرة أن تُجادل السُلطات المصرية كما تشاء»
وإختتم دي كاندول حديثه بقوله "وهكذا فإن أول إجراء اتخذه الأمير بعد الاعتراف الرسمي به، أقحمه في صدام مع الحكومة المصرية، وكان رأيي الشخصي أن نُسلّم الرجال المطلوبين، ولكن الأمير إدريس ظل متشبثاً بموقفه"
ولكن في 5 أكتوبر 1954 تم تسجيل أول عملية اغتيال سياسي في ليبيا الحديثة حيث قام الشريف محي الدين السنوسي باطلاق الرصاص على ناظر الخاصية الملكية إبراهيم الشلحي المقرب من الملك فأرداه قتيلاً، ليترتب عن هذه الأمر اصدار الملك أمرا يمنع بموجبه جماعة الإخوان المسلمين من ممارسة أي نشاط سياسي واتخاذ اجراءات لمراقبة ومحاصرة قياداتها وعناصرها الليبية ربما للشكوك بعلاقة القاتل بالجماعة في ليبيا.
وقال الباحث إبراهيم عميش في دراسة موثقة أنه «في أعقاب حملة الإعتقالات و المطاردات التي استهدفت جماعة الإخوان في مصر وتوجيه التهمة لهم بتدبير محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في حادثة المنشية بمدينة الإسكندرية في العام 1945 تمكنت جماعة أخرى من الإفلات من الاعتقال؛ والهروب إلى ليبيا، واللحاق بإخوانهم الذين سبقوهم سنة 1949م، وقد لقوا الترحيب من الملك إدريس كعادته، الأمر الذي شجعهم على متابعة نشاطهم السياسي والتنظيمي بين أصدقائهم من الليبيين، وقد نجح هذا الفريق في تكوين أول شُعبة مُنظمة للإخوان المسلمين في ليبيا »
وقد حاولت حكومة الرئيس عبد الناصر في فترات مُتقطعة كثيرة؛ مُطالبة الحكومة الليبية تسليمها عناصر من جماعة الإخوان، وفي كل مرة يُعرض فيها الأمر على الملك إدريس، كان يرفض الطلب ويُحيل المسئولين في الحكومتين الليبية والمصرية إلى الحظر الدستوري الليبي الذي يمنع تسليم اللاجئين السياسيين، ولم ينحصر نشاط جماعة الإخوان المسلمين "العلني" في طباعة بعض الإصدارات (السياسية - الدينية) المحدودة ولكنها كانت تواصل نشاطها التنظيمي "المصري - الليبي"، فبمثل ما كانت ليبيا ملجأ ومأمناً للإخوان طيلة العشرين سنة (1949م - 1969م)؛ كانت بيئة سياسية واجتماعية حاضنة، وكانت مركزاً للتواصل وخط دفاع أول في مواجهة ما تعرضت له الحركة وما أصابها في مصر قبل "النكبة" وإلي أن بدأ الصعود المتنامي للتيار الإسلامي على خلفية انتكاسة التيار القومي بعد حرب يونيو سنة 1967م، وإلى أن تكررت ذات اللعبة مرة اخرى في ليبيا، وقامت هدنة لم تستمر طويلاً مع العقيد مُعمر القذافي (1969م – 1973م).
حيث ،وبعد الاطاحة بالنظام الملكي عن طريق الضباط الوحدويين الأحرار بقيادة الزعيم الراحل معمر القذافي في سبتمبر عام 1969 شارك أعضاء من الإخوان المسلمين في الوزارات المختلفة التي شُكلت حتى العام 1973، قبل أن يتم القبض خلال العام ذاته على قادة الإخوان الذين أُجبروا على الظهور تلفزيونيا والإعلان عن حل الجماعة.
وفي عام 1980 عاد طلاب ليبيون من الدراسة في الخارج حامليين فكر الإخوان وأعادوا بناء الجماعة وظلوا يعملون سرا حتى اكُتشفوا في يونيو 1998 حيث تم اعتقال أكثر من 152 من قياداتهم على خلفية اكتشاف تنظيم الإخوان، باعتبار أن النظام الليبي يحظر قيام تنظيمات سياسية ، بينما إختار المئات منهم الأرتباط بأجهزة المخابرات الأجنبية وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا
وفي 16 فبراير من 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التي شُكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا عبد القادر عز الدين ونائب المراقب سالم أبو حنك وحُكم على 73 متهما آخرين بالسجن المؤبد
و بعد إجراء الجماعة الليبية المقاتلة لمراجعاتها التي زعمها بعدها أنها تخلت عن عدائها للدولة الليبية، فإن الإخوان المسلمين تم اعتبارهم من قبل العديد من المصادر كحلفاء للنظام الليبي من خلال علاقتهم الطيبة بسيف الإسلام معمر القذافي ، وكان من بين رموز الجماعة التي إستغلوا علاقتهم بسيف الاسلام القذافي علي الصلابي الذي كان من أهم المحرضين على النظام السابق بعد فبراير 2011
وفي يونيو 2017 أصدر مجلس النواب الليبي قائمة تضم أسماء 75 شخصاً و9 كيانات ارتبطت بشخصيات بدولة قطر أو المقيمة فيها، وذلك بهدف ضمها إلى قائمة الإرهاب التي أصدرتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، والتي تضم الشخصيات والكيانات القطرية، أو التي تؤويها وتدعمها قطر، وتشكل خطراً على الأمن والسلم في الدول الأربع وفي المنطقة بنشاطاتها الإرهابية.
وتضم القائمة الليبية قيادات إخوانية من بينها محمد صوان رئيس الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ،و سعد سلامة /مسؤول المكتب السياسي لجماعة الإخوان ،و بشير الكبتي المراقب العام السابق للجماعة ،وأحمد السوقي المراقب العام الحالي ، وسليمان عبد القادر لمراقب العام الأسبق ،ونزار كعوان /مسؤول الدائرة السياسية بالذراع السياسي لجماعة الإخوان ،وعبد الرزاق العرادي ممول وقيادي في الجماعة ،و إسماعيل القريتلي مسؤول الجناح الإعلامي للجماعة ومسؤول عن قناة الرائد وشبكة أجواء ،و سليمان دوغة مسؤول إعلامي بجماعة الإخوان ومدير لقناة ليبيا الأحرار التي تمولها قطر وإنتقل بثها من الدوحة الى إسطمبول
كما تضم القائمة عددا أخر من قيادات الجماعة من بينهم أسامة كعبار وأنور الفيتوري وسالم الشيخي وونيس المبروك وعوض البرعصي علي العيساوي وعمر الكرامي وعصام عميش وعلي أبوزعكوك وفوزي بوكتف وعماد البناني وأحمد شوقي ومصطفى الساقزلي
وكان مجلس النواب الأمريكي ناقش خلال جلسته، الأربعاء الماضي ، وجوب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في ليبيا واليمن، لافتاً إلى أن خطورتها على العالم وصلتها بتنظيمات إرهابية مثل “القاعدة” و”داعش”، مشيراً إلى أنها تتبع استراتيجية تبادل أدوار بين أعضائها، حيث تقسمهم إلى جناحين، سياسي وعسكري، بحسب ما جاء بالجلسة.