في خضم التنافس العالمي على الهيمنة على مصادر الطاقة في أفريقيا، خصوصاً في ظل الصراع الدائر بين الدول الغربية وروسيا في أوكرانيا وانعكاسه على الاقتصاد الأوروبي في المقام الأول، تكشفت خفايا إنشاء الفيلق الأوروبي في ليبيا. حيث تحدثت تقارير عن أهداف وغايات الغرب من خلق ذراع عسكري له في البلاد، تُخالف ما تم الإجهار به من قبل المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين عن أن هدفه مكافحة الهجرة غير الشرعية، باعتبار أن ليبيا هي بوابة العبور الرئيسية إلى أوروبا.


ويتم تمويل الفيلق الأوروبي بالأموال الليبية المجمدة في أوروبا ويتألف من قوات من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى مشاركة بعض التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية في ليبيا، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية. في حين أن إيطاليا تقوم بقيادة هذا الفيلق، وقد سبق وأن قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال منتدى الهجرة عبر المتوسط، إن دور إيطاليا هو مكافحة شبكات تهريب البشر وتدفقات الهجرة الكبيرة.


ووجود الفيلق الأوروبي يهدد البلاد ويجرها الى مخاطر اندلاع حرب بالوكالة داخل أراضيها. حيث أدى تواجد الفيلق في غرب ليبيا إلى تصعيد مسلح في طرابلس وضواحيها، فيما تحركت وحدات من قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر نحو منطقة غدامس بالقرب من الحدود الجزائرية، بعدما تداولت وسائل إعلام محلية تسجيلات وصور لوحدات عسكرية تابعة للفيلق الأوروبي تتجه لأول مرة إلى مناطق جنوب غرب ليبيا وتنتشر على طول الحدود مع الجزائر.


وإلى جانب التقارير العديدة التي تطرقت الى الفيلق الأوروبي في الآونة الأخيرة، علّق البرلماني الأوروبي "ألكسندر بافيتش" على الوضع في ليبيا قائلاً: "لن تتعافى ليبيا أبدًا من "التحول الديمقراطي" الغربي الذي بدأ تنفيذه في عام 2011. هي كانت واحدة من أكثر الدول الإفريقية استقراراً وثراءً، وتحولت إلى العكس تماماً بعد كلمات هيلاري كلينتون المنتصرة: «لقد جئنا، رأينا، مات». كانت هذه الكلمات المتعطشة للدماء لرئيس الدبلوماسية الأمريكية آنذاك بمثابة النصر النهائي للإمبراطورية الأمريكية على عدوها العنيد معمر القذافي.


وأضاف: "لكنها في الواقع كانت بمثابة انتصار الغرب على الشعب الليبي، الذي حُرم، نتيجة للتدخل "الإنساني" الغربي الجديد، من نظام الدولة والاستقرار والأمن والمستقبل. وحينما كان القذافي على قيد الحياة، كان يحذر في كثير من الأحيان من أن ليبيا كانت في الواقع وسيلة دفاع فعالة ضد الهجرة الجماعية غير الشرعية إلى أوروبا".


وأردف: "من الواضح أن هذه كانت إحدى خطاياه (القذافي) الرئيسية ضد دعاة العولمة الغربيين ودولتهم العميقة. وعلى النقيض من خطابهم، فإن أفعالهم تُظهر أنهم يدعمون في الواقع الهجرة الجماعية عبر الحدود لإحداث حالة عدم الاستقرار الداخلي في الدول التي يريدون إخضاعها. وحتى اليوم، لا يهتم زعماء الغرب في الأساس بمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر ليبيا، بل يهتمون فقط بالسيطرة عليها وتوجيهها".


وإختتم النائب تعليقه قائلاً: "بطبيعة الحال، من خلال الإطاحة بالسلطة القانونية، سمح العامل الغربي لنفسه باستغلال أسهل وأعمق لموارد ليبيا الطبيعية، بينما يعمل في الوقت نفسه على الحد من النفوذ والوجود الروسي في ليبيا. إن طموح الغرب يتلخص في إعادة استعمار أفريقيا، وكانت ليبيا في عهد القذافي واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون تحقيق هذا المسعى. إن الوجود العسكري والسياسي الغربي المتزايد في ليبيا لن يجلب السلام ولا التقدم لذلك البلد، على العكس تماماً.


 والأدهى من ذلك، أن المستعمرين الغربيين وبواسطة ما يسمى اليوم الفيلق الأفريقي يسعون لاحتلال ليبيا ومواصلة نهب ثرواتها بأموال مسروقة أصلاً من الدولة والشعب الليبيين.


يُشار الى أن إيطاليا تهدف الى حماية المنشآت النفطية التي ترغب في تطويرها والسيطرة عليها، وهو ما تم الشروع في تنفيذه بالفعل عبر الفيلق الأوروبي الذي تقوده. وقد سبق وأن وقعت شركة "إيني" النفطية الإيطالية العديد من الإتفاقيات طويلة الأجل مع حكومة الوحدة الوطنية، في إطار برنامج التعاون الحكومي الإيطالي الذي يركز على الطاقة والمُسمى بـ"خطة ماتي" لأفريقيا، على اسم مؤسس "إيني" إنريكو ماتي، والذي يتضمن برنامج واسع من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة. في حين أن الليبيين بكل أطيافهم الوطنية يعارضون الخطط الإيطالية والغربية لإستثمار حقول الغاز والنفط الليبية.