تخوض تونس و حسب ما أعلن عنه رئيس الهيئة الانتخابية المستقلة في النصف الثاني من شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم،الانتخابات، لتكون بذلك آخر المراحل للانتقال نحو ديمقراطية كاملة في تونس، بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي وإطلاق شرارة ما يعرف بانتفاضات الربيع العربي.

غير بعيد عن اليوم و حين كانت تونس تخوض مخاضا سياسيا جديدا ،تتطلع فيه لحكومة "تكنوقراط" أي حكومة كفاءات غير متحزّبة، لينبثق عن هذا المخاض العسير يوم 26 يناير 2014 ووفق ما دلّت عليه خارطة الطريق بعد حوار وطني جمع أطياف اللون السياسي في تونس، حكومة مهدي جمعة ، لتخلف بذلك حكومة علي العريض.

قبل هذا التتويج بأيام معدودات تداولت صفحات التواصل الاجتماعي يوم 16 كانون الأول 2013 ،خبر إعلان شاب تونسي يُدعى بسام بوقرة عبر صفحته على الفيسبوك عن ترشيح نفسه لمنصب كاتب دولة مكلف بإصلاح المنظومة الأمنية لمدة سنة كاملة بدون مقابل.

خبر تفاعل معه رواد صفحات التواصل الاجتماعي و أنخرط فيه شباب تونس الطموح ،في حملة افتراضية تم خلالها تقديم عديد السّير الذاتية لشابّات وشبّان تونسيّات وتونسيّون على قدر عال من المستوى المعرفي والأكاديمي و تنوّعت تجاربهم المهنية في عدة مؤسسات في مختلف العواصم الأوروبية والأمريكية والأسيوية والإفريقية.. إلى جانب تمكّنهم من عدة لغات كالانكليزية والألمانية والايطالية وحتى اللغتين الصينية والهندية، التقوا جميعهم على صفحة خاصة بالفايسبوك بعنوان "حكومتنا" ثمّ لتنتظم ضمن حركة شبابية "الشباب قادر".

البوابة التقت بسام بوقرّة مدون وناشط في المجتمع المدني ورئيس جمعية "إصلاح" التي تهتم بإصلاح المنظومة الأمنية وحاصل على ماجستير هندسة في الإعلامية من جامعة لونغ بيش بكاليفورنيا وشهادة الدراسات العليا في الذكاء الاصطناعي من جامعة ستانفورد، فكان الحوار التالي:

"لا شيء مستحيل ما دامت القلوب تنبض بحب الوطن لما لا يكون أحد شباب تونس رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو وزيرا يخدم بلاده بإخلاص" هكذا أستهل بسام بوقرة حديثه معنا ، "فنحن و منذ انطلاق حملتنا قدّمنا صورة جديدة عن الشاب التونسي في علاقته بالسياسة ،من مفعول به إلى فاعل من خلال برامجه و تصوّراته و مشاركته الفعلية ، رغم أننا ننشط في إطار منفتح و بعيدا عن التحزّب و هو ما جعل حركة "الشباب قادر" تستقطب العديد من الشباب و تمتدّ على كامل تراب الجمهورية التونسية ،من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ، ليس فقط من خلال الفضاء الافتراضي المفتوح و الذي مثّل بدوره نقطة انطلاق و تلاقي ، بل من خلال نشاطاتنا الميدانية.

يقول بسام " الشاب التونسي اليوم مواكب لكل تطورات الساحة السياسية، خلافا لما كان عليه من قبل و له من الكفاءة العلمية ما يخوّله للمشاركة في بناء تونس و نحن نعمل حاليا على تكوين و بناء قدراتنا لخوض الاستحقاقات الانتخابية القادمة، من خلال ورشات عمل و تنظيم حلقات حوار و نقاش. و حول البرنامج الانتخابي يقول بسّام " لم نصل بعد إلى مرحلة تقديم و عرض برنامجنا انتخابي،  نحن في مرحلة التنظيم فبين أيدينا اليوم حوالي مائة قائمة ممن يريدون الترشّح لانتخابات القادمة ، سنعمل على تقديم الأفضل ممن تتوفّر فيهم صفات القائد، ضمن قائمة "الشباب قادر".

و حول إمكانية تكوين حزب سياسي يقول بسام " الأمر ليس مطروحا في هذه المرحلة خاصة و أن المشرّع التونسي يتيح لنا الترشح في الانتخابات بصفة مستقلّة ، كما أننا نؤمن أن المساهمة في بناء تونس يمكن أن يكون من منظور علمي و عملي بعيدا عن السياسية و هو أمر يشاطرني فيه جميع المنتمين إلى فكرة "الشباب قادر" ،خاصة و أننا جميعا نقود هذه الحركة القائمة بالأساس على مبدأ التشاور و التحاور و تبادل الخبرات ، بعيدا عن المفهوم الحزبي الضيّق.

و بسؤالنا عن محاولة حزب سياسي استقطاب حركة "الشباب قادر"، يؤكد بسّام "هذا الأمر طرح أكثر من مرّة و هناك أحزاب عرضت علينا الانضواء تحت رايتها و مازالت تحاول ، غير أني أتحفظ عن ذكرها و قد رفضنا ذلك و سنرفض أي مقترح قادم ، لأننا نؤمن بأن الشباب قادر على تقرير مصيره بنفسه و هو شعار حلمتنا "الشباب يقرّر". لقد اقترحنا على حكومة مهدي جمعة كفاءاتنا و خبراتنا لمساندة البلاد و تجاوز المرحلة الصعبة  من خلال العمل التطوعي في مناصب حكومية أو في أي عمل اخر تحتاجه البلاد في الوقت الراهن، غير أننا لم نلاقي الرد و التجاوب، و يبقى مفهوم مساندة الشباب و تشجيع الطاقات الشبابية ضربا من ضروب المتاجرة السياسية بقضايانا و يختم "تحركنا ليس محسوبا على أي تيار أو حزب سياسي و سيضل هكذا".