كشفت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق (FFM) بشأن ليبيا عن أدلة أخرى بشأن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأكدت البعثة في بيان لها أن تقريرها الشامل الذي أعدته بعثة تتألف من الرئيس محمد أوجار، وزملائه من خبراء حقوق الإنسان تشالوكا بياني وتريسي روبنسون، يأتي وسط توترات متزايدة واستمرار الجمود السياسي، مما يساهم في انعدام الأمن والإفلات من العقاب المستمر.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، جمعت البعثة أدلة إضافية من 103 مقابلة مع الضحايا والشهود الذين قدموا روايات عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد كما تواصلت البعثة مع السلطات الليبية بهدف الإبلاغ عن جهود ليبيا لضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وجمع التقرير نتائج تحقيقات البعثة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي وتشمل بعض الانتهاكات التي تم تحديدها الهجمات المباشرة على المدنيين أثناء سير الأعمال العدائية ، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتعذيب، وانتهاكات الحريات الأساسية، والاضطهاد والانتهاكات ضد الصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والأقليات والمشردين داخليا وانتهاكات حقوق النساء والأطفال.
وفي تقاريرها الثلاثة، أبلغت البعثة عن انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والتي يرقى بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وفي هذا الصدد ، دعت البعثة المجتمع الدولي إلى دعم السلطات الليبية ذات الصلة في إجراء تحقيقات فورية، وفقًا للمعايير الدولية، في الانتهاكات المزعومة ومحاكمة المسؤولين عنها بهدف وضع حد للإفلات من العقاب السائد في مواجهة الأنماط الواضحة والمستمرة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ترتكبها الميليشيات في كثير من الحالات، كما يقول محمد أوجار ، رئيس بعثة تقصي الحقائق في ليبيا.
كما جمعت البعثة أدلة إضافية توفر أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الجرائم ضد الإنسانية، ولا سيما الاسترقاق والتعذيب والاغتصاب، لا تزال تُرتكب ضد المهاجرين في ليبيا.
وجمعت بعثة تقصي الحقائق أدلة تتعلق بأكثر من 27 مكان احتجاز في شرق وغرب ليبيا يوجد بها آلاف السجناء، بما في ذلك السجون السرية وغير القانونية وأجرت أكثر من 90 مقابلة مع محتجزين حاليين وسابقين في السجون، تناولت بالتفصيل الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والتعذيب والسجن والاختفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية منذ عام 2016.
وخلال كتابة التقرير، استمرت التوترات المحلية، ولا تزال بعض القضايا الرئيسية تساهم في انعدام الأمن والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان في البلاد وتشمل الوجود المستمر للجماعات التابعة لداعش، وكذلك المرتزقة والشركات العسكرية الخاصة والمقاتلين الأجانب كما أن قدرة ليبيا المحدودة على إجراء عمليات لإزالة الألغام الأرضية والمتفجرات الأخرى هي أيضًا عامل مساهم في انعدام الأمن ، كما يقول تشالوكا بياني.
كما ركزت البعثة عملها الاستقصائي على الهجوم الواسع النطاق والمنهجي على السكان المدنيين في ترهونة كما وجدت البعثة أن ترهونة عانت حتى عام 2020 من الجرائم ضد الإنسانية التي تمثلت في أعمال القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاضطهاد لأسباب سياسية والاختفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية التي ارتكبتها مليشيا الكانيات ضد السكان الذين في أغلبهم مدنيين.
واستفاد تحقيق بعثة تقصي الحقائق في الفظائع التي ارتكبت في ترهونة من استخدام القدرات التكنولوجية للأمم المتحدة، ولدى بعثة تقصي الحقائق أسباب معقولة للاعتقاد بأنها كشفت عن مواقع جديدة لمقابر جماعية كما أنه من الأهمية بمكان اكتشاف مكان وجود مئات الضحايا الذين ما زالوا في عداد المفقودين وكشف الحقيقة.
وأشارت البعثة إلى أن التحقيقات الإضافية التي تجريها بعثة تقصي الحقائق في ليبيا بشأن حالات الاختفاء القسري والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، تشير جميعها إلى الحاجة إلى إجراءات علاجية عاجلة وتقول تريسي روبنسون: "يجب أن يتمتع الضحايا في ليبيا بإمكانية إعمال حقوقهم في معرفة الحقيقة والعدالة والتعويض".
وشددت البعثة على أن الانتقال السياسي في ليبيا يجب أن يتخذ شكل عملية مستدامة وشاملة تتصدى للإفلات من العقاب، وتضمن استقلال القضاء، وتحترم حرية التعبير والتجمع والفكر، وتضمن رقابة الدولة على قطاع الأمن.
وتابعت البعثة "الآن أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الشعب الليبي إلى التزام قوي بمساعدته على إحلال السلام الدائم والعدالة في بلده، وإقامة دولة قائمة على سيادة القانون وحقوق الإنسان." بحسب أوجار.
وأعربت البعثة، عن امتنانها للسلطات الليبية التي دعت مجلس حقوق الإنسان في عام 2020 إلى إنشاء بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في حقوق الإنسان. في ليبيا ، انعكاسا لرغبة الليبيين في إقامة دولة مبنية على سيادة القانون وحقوق الإنسان.