كيف استطاع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ان يكون حاضرا في جميع المحطات التي توقفت عندها تونس بعد الثورة؟ ولماذا تمكن الرجل من انقاذ تونس من عديد المنزلقات ؟ وما مدى تأثيره على الباجي قائد السبسي ؟

الفكر البورقيبي

لا يختلف اثنان في ان المرجعية العربية الاسلامية دائما حاضرة في أذهان التونسيين والعائلة التي يوجد فيها كبير يحكمها هي العائلة المتماسكة وهو الرمز بالنسبة لجميع أفرادها يعودون له في كل كبيرة وصغيرة
والزعيم بورقيبة قام بهذا الدور في تونس ليكون الرمز الغائب جسدا والحاضر فكرا
وفي هذا الاطار قال الباحث الجامعي علية العلاني:"عندما نتحدث اليوم عن بورقيبة فاننا نتحدث عن فكره وفلسفته التي تبقى دائما قائمة ومن اهم ما اتسم به الفكر البورقيبي الحداثة في المجتمع ،حقوق المراة، تعميم التعليم ، مدنية الدولة بابعاد الجيش عن كل تدخل في الحياة السياسية وحتى عندما تسرب الاسلاميون الى المؤسسة الامنية والعسكرية في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين بهدف الشروع في اسلمتها لم ينجحوا في ذلك وكذلك المحاولات الصغيرة التي حصلت بعد الثورة لتطويع المؤسسة الامنية لخدمة توجه حزبي معين كذلك لم تنجح
واشار الى ارتباط الزعيم الحبيب بورقيبة بفكرة هيبة الدولة التي كادت تضيع مع حكومة "الترويكا" وراى ان
الاصوات التي خسرتها حركة النهضة في انتخابات 2014 تعود في جزء هام منها الى تفريطها في هيبة الدولة اضافة الى ضعف الاداء الامني والاقتصادي

السبسي والرمز

الباجي قائد السبسي عند كل ظهور له حريص على الاستظهار بارتباطه الوثيق بالزعيم حبيب بورقيبة وذلك من خلال الاستشهاد به وبمواقفه او اعتماد طريقته في القاء الخطب و تقليده في ارتداء النظارة السوداء في عديد المناسبات وآخرها افتتاح حملته الانتخابية للرئاسية بروضة ال بورقيبة
واختياره للمكان حسب تصريحاته الاعلامية اعتراف بقيمة الزعيم الراحل وبما فعله لاجل تونس
وفي نفس السياق قال العلاني ان استشهاد الباجي قائد السبسي يوم 31 اكتوبر على احدى القنوات التلفزية لمرات عديدة بافكار بورقيبة ومواقفه جاء في سياق جد ذكي للتأثير على التونسيين لان بورقيبة كان كثيرا ما يردد في خطبه فكرتين اساسيتين وهما هيبة الدولة والوحدة القومية ويقصد بها الوحدة الوطنية
واشار الى ان الوحدة القومية لدى بورقيبة تقوم على المواطنة وبالتالي لا مجال لعدم الدعوة الى تقسيمات عرقية او دينية او لغوية في مجتمع تونسي موحد دينيا ومذهبيا وملتزم سياسيا بخيار المواطنة
واعتبر ان التراث البورقيبي سيبقى محطة مضيئة في حياة الاجيال ولدى الطبقة السياسية باختلاف توجهاتها لانه صادر عن رجل مشبع بالوطنية وبحب تونس وبنظافة اليد
وليس السبسي الوحيد الذي بدا متأثرا ببورقيبة بل ان المرشح الرئاسي محمد فريخة اختار اليوم ان يعقد ندوة صحفية بمنزل والديه في صفاقس لانه وفقا لتصريحه في هذا المنزل اتجه نحو قصر قرطاج حيث الزعيم الراحل سلمه جائزة الجمهورية وعسى ان يعيد التاريخ نفسه فيعود اليه ثانية بعد انتخابه رئيساً للدولة
كما لاحظنا عودة الدساترة بعد الثورة في محاولة يائسة لإحياء حزب بورقيبة الذي ثبت انه اصبح من الماضي والحاجة للتونسيين بعودته بل هم في حاجة فقط للفكر البورقيبي الصالح في كل الأزمان لا سيما في مجال حقوق المراة حيث برزت اصوات بعد الثورة للعودة بها الى الوراء ولكن التونسية المتعلمة والمثقفة والواعية بما لها وما عليها قالت لا لكل القوى الرجعية والظلامية وخرجت خلال الانتخابات التشريعية لتختار من يكون امتدادا لبورقيبة ويضمن لها بقاء حقوقها المكتسبة ويلبي مطالبها وطموحاتها