رصدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا الانتهاكات التي تشهدها مؤسسات الإصلاح والتأهيل في ليبيا داعيا النائب العَام إلى إخضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل لإشرافه المباشر والإشراف على إصلاح ومعالجة أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل، بشكلٍ كامل.
وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في بيان لها أن فريق تقصي الحقائق والرصد والتوثيق وقسم شؤون السجناء والموقوفين باللجنة أدى عدة زيارات تفقدية ميدانية شملت عددٍ من مؤسسات الإصلاح والتأهيل خلال سنة 2023م، لتقييم أوضاع هذه المؤسسات الإصلاحية وأوضاع النزلاء والسجناء بها، وما مدى التزامهم بالتشريعات ذات الصلة بالعمل المنوط بهم، والتحقق من الأوضاع القانونية والصحية للنزلاء، ورصد أية تجاوزات طالتهم، والوقوف على مدى الاستجابة إلى القواعد الوطنية والدولية الضامنة لحقوقهم.
وأشارت اللجنة إلى رفض منح الأذونات والتصاريح للمنظمات والمؤسسات الحقوقية والقانونية والمدافعين عن حقوق الإنسان لزيارة السجون وغياب آليات إصلاح ومعالجة أنظمة مؤسسات الإصلاح والتأهيل، بما في ذلك ترسيخ مفهوم شفافية عمل هذه المؤسسات، وضمان خضوع القائمين عليها للمساءلة الإدارية والجنائية، وعدم إحراز أي تقدم في مسار إصلاح وتطوير نظام السجون ومرافق الإحتجاز التابعة لوزارة العدل وتأهيل وتدريب العاملين بها، بما يُسهم في تحسين أوضاع هذه المؤسسات.
ولفتت اللجنة إلى تردي الأوضاع الإنسانية والصحية للموقوفين والسجناء بمؤسسات الإصلاح والتأهيل جراء سُوء التغذية وعدم توفير الإعاشة الصحية والغذاء الصحي برُغم من المبالغ المالية الضخمة التي رُصدت وصُرفت لعُقود الإعاشة الخاصة بالسجون خلال سنوات 2022 و2023م، بإلإضافة إلى سُوء الخدمات الصحية والطبية المقدمة لهم، ناهيك عن عدم تحسين وتطوير أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل من خلال الصيانات الدورية حيث تُصنف أغلب مؤسسات الإصلاح والتأهيل بأنها غير مؤهلة ومهيئة وغير صالحة للإيواء وبنيتها التحتية متهالكة، وعدم معالجة أزمة الاكتظاظ بالسجون، بالإضافة إلى عدم تمكين السجناء والموقوفين من إستكمال دراستهم، وعدم توفير الرعاية الصحية الكاملة والأدوية للسجناء والموقوفين.
وحذرت اللجنة من تسجيل انتشار العديد من الأمراض المُعدية لدي السجناء، ومن بينها مرض الجرب وضيق التنفس إضافة إلى استمرار عدم الإلتزام بعرض السجناء والموقوفين على النيابات والمحاكم وفقًا للمدد الزمنية المُحددة في أوامر التمديد الصادرة عن النيابة العامة بالإضافة إلى عدم الإلتزام بالأوامر والأحكام القضائية القاضية بالإفراج عن السجناء والموقوفين بهذه المؤسسات، وعدم قيام الوزارة بإخضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل بشكل فعلي لسُلطة الوزارة والامتثال والالتزام الكامل بالأوامر والأحكام القضائية، وحرمان السجناء والموقوفين لفترات طويلة من الزيارات والتواصل والاتصال بأهلهم وذويهم ومحامييهم.
ونبهت اللجنة إلى شُح الإمكانيات المادية اللّأزمة لتسيير عمل مؤسسات الإصلاح والتأهيل، وعلى الأخص نقص وسائل النقل المصممة لغرض نقل النزلاء إلى السلطة القضائية، وافتقاد فضاء العيش في أغلب المؤسسات لمعايير الإيواء الملائمة نتيجة الاكتظاظ، وانتفاء تفعيل قواعد تصنيف النزلاء، وارتفاع نسبة المخاطر الصحية جراء ظروف الإقامة غير المناسبة.
وأكدت اللجنة استمرار التأخير في تجهيز دُور الأحداث الخاصة بالموقوفين والسجناء من القُصر والأحداث وتدني مستوى الإعاشة والتموين للسجناء والموقوفين بمؤسسات الإصلاح والتأهيل، بالإضافة إلى منع أهالي وذوي السجناء من إحضر المواد الغذائية والتموين، والفرض على السجناء والموقوفين بهذه المؤسسات شراء الأغذية من محلات تجارية إنشاءها مدراء المؤسسات الإصلاحية بداخلها وبأسعار مبالغ فيها كثيرآ.
ولفتت اللجنة إلى عدم الالتزام بالضوابط الخاصة بحق الإفراج الصحي المكفول للسجناء والموقوفين المصابين بأمراض مستعصية والمنصوص عليها في القانون رقم ( 5 ) لسنة 2005م واقتصرت قرارات الإفراج الصحي على عددًا من السجناء السياسيين فقط.
ونبهت اللجنة إلى النقص الحاد في التموين المقدم للنزلاء في بعض مؤسسات الإصلاح والتأهيل وآلية توريده للمؤسسات والمبالغة في أسعار المواد التموينية الموردة من قبل الشركات المتعاقد معها إضافة إلى ضعف الإجراءات المتخذة لإعادة تأهيل السجناء ببرنامج تدريبي داخل بعض مؤسسات الإصلاح والتأهيل، وعدم الاهتمام بها ودعمها بالاحتياجات اللازمة.
وأشارت اللجنة إلى ضعف البرامج الثقافية والدينية بمؤسسات الإصلاح والتأهيل والقصور في توفير أخصائيين اجتماعيين ونفسانيين في مؤسسات الإصلاح لتأهيل النزلاء وإعادة دمجهم في المجتمع وتدني مستوى الرعاية الصحية داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل، ونقص الأدوية والعناصر الطبية والطبية المساعدة وانعدام وقصور الخدمات الطيبه والرعاية الصحية الواجبة للسجناء والموقوفين بمؤسسات الإصلاح والتأهيل.
وأكدت اللجنة القصور في تنفيذ أحكام قانون مؤسسات الإصلاح والتأهيل المتعلقة بتوفيرالمياه الصالحة للشرب، وجودة دورات المياه، وتصنيف النزلاء وتشغيلهم ومنحهم الإجازات، وتوفير الرعاية الصحية لهم، وتشغيل نزلاء بالمخالفة ومنحهم إجازات في غير الأحوال المنصوص عليها، أفضت إلى هروب نزلاء أغلبهم من المدانين عن جرائم خطيرة، وسوء حالة أغلب المصحات الخاصة بالمؤسسات لأنها غير مؤهلة لتقديم الرعاية الصحية للنزلاء، لافتقارها إلى العناصر الطبية والطبية المساعدة والأدوية، مما أطر أهالي وذوي السجناء والموقوفين إلى القيام بحجز في مصحات خاصة لتقديم الرعاية الصحية والطبية لأبنائهم الموجودين بهذه المؤسسات إلى جانب القصور والضعف في تنفيذ الأحكام والأمور القضائية وأوامر النيابة العامة.
وحملت اللجنة وزيرة العدل بحكومة الوحدة الوطنية المسؤولية القانونية الكاملة حيال سُوء وتردي لأوضاع السجناء والموقوفين بمؤسسات الإصلاح والتأهيل، وكذلك حيال ما ذُكر من مخالفات وتجاوزات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تُرتكب بحق السجناء والموقوفين بهذه المؤسسات، وأيضاً حيال عدم الامتثال للأوامر والأحكام القضائية القاضية بالإفراج عن السجناء والموقوفين ممن أنتهت مُدة محكوميتهم أو ممن صدرت بحقهم أوامر بالإفراج من قبل النيابة العامة، ولم يتم تنفيذها من قبل مُدراء مؤسسات الإصلاح والتأهيل التابعة لجهاز الشرطة القضائية التابع لوزارة العدل.
وطالبت اللجنة قسم التفتيش على السجون بمكتب النائب العام وهيئة الرقابة الإدارية، بالعمل على إلزام وزارة العدل وجهاز الشرطة القضائية القيام بمهامهم المُناطه بهم، من خلال تحسين ومعالجة أوضاع السجناء والموقوفين بمؤسسات الإصلاح والتأهيل الصحية والطبية والتغذية بشكلٍ عاجل، وضمان حق الرعاية الصحية الكاملة لهم، وإصلاح ومعالجة أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل وتطويرها بما يتوافق مع المعايير الوطنية المقررة طبقاً لما نص عليه القانون رقم ( 5 لسنة 2005م ) بشأن مؤسسات الإصلاح والتأهيل وتعديلاته، وأيضا بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وقالت اللجنة أنه "بالنظر إلى فشل وزارة العدل في حسن إدارة ومتابعة أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل والسجناء والموقوفين بها، وعدم العمل على تسوية ومعالجة أوضاع هذه المؤسسات والسجناء بها بما يُسهم في تحسين حالتها، فإن اللجنـة تدعو النـَائب العَام إلى إخضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل لإشرافه المباشر والإشراف على إصلاح ومعالجة أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل، بشكلٍ كامل، بما يُسهم في تعزيز الاستجابة للمعايير الوطنية والدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، بما في ذلك المعايير الخاصة بمؤسسات الإصلاح والتأهيل ونزلائها، وبما يكفل الالتزام في تسييرها وفق التشريعات الناظمة لعملها وإدارتها، ومقتضيات الصكوك الدولية المُصادق عليها من طرف دولة ليبيا في هذا الصدد .
وطالبت اللجنة النائب العام بفتح تحقيق شامل حيال القُصور والإهمال في أداء الواجب من جانب وزيرة العدل ورئيس جهاز الشرطة القضائية، وما ترتب عليه من سُوء وتردى غير مسبوق لأوضاع السجناء والموقوفين بمؤسسات الإصلاح والتأهيل السابق ذكرها في محتوي التقرير السنوي، وهو ما يُشكل أضراراً بالمصلحة العامة، بالإضافة إلى التحقيق بشكلٍ شامل إزاء ما آلت إليه أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل من تردى وسُوء لأوضاع السجناء والموقوفين الإنسانية والصحية والتغذية، بمؤسسات جندوبة، عين زارة الرويمي، زليتن، جودايم، مليته، سبها، سرت، طبرق، قرنادة بالإضافة إلى التحقيق في الانتهاكات والمُخالفات العديدة التي تُرتكب بهذه المؤسسات، والتي على رأسها عدم الامتثال والتنفيذ لأوامر والأحكام القضائية والحرمان من حق الرعاية الصحية والطبية وسوء التغذية، وانتشار الأمراض المُعدية فيما بين السجناء، والاستغلال للسجناء والموقوفين.