تزداد الأوضاع في ليبيا تعكّرًا من لحظة إلى أخرى، إذ توسّعت دائرة الصراع لتبلغ ترهونة، بإعلان اللواء السابع مشاة في المدينة، قصف طيران حربي لبعض المواقع.

وأشار شهود عيان أن طائرة مجهولة حلّقت فوق مدينة ترهونة (80 كم غرب العاصمة طرابلس) وقصفت معسكرًا تابعًا للواء السابع مشاة، ثم اختفت وسط غياب أي مصادر تحدد المسؤولية، رغم أنها خلّفت 5 قتلى وإصابة 12 آخرين.

الوفاق في قفص الاتهام

أكد اللواء السابع مشاة في بيان صحفي عبر صفحته الرسمية، على "فيسبوك" الأربعاء، أن طيرانا حربيا تابع لحكومة الوفاق الليبية قام بقصف جوي على معسكر اللواء السابع مشاة في مدينة ترهونة، مشيرا إلى أن أهالي ترهونة خرجوا في مسيرات غاضبة ضد القصف الغادر للجيش الليبي من قبل حكومة الوفاق الخاضعة تحت حكم ما وصفه بـ"مليشيات الظلام" في العاصمة طرابلس". حيث دارت اشتباكات دامية بين مسلحين من كتيبة ثوار طرابلس، و"الكتيبة 301"، وكتيبة دبابات أبو سليم من جهة، واللواء السابع مشاة في ترهونة، وهي تخضع جميعها لحكومة الوفاق الوطني.

في نفس السياق قال وحيد برشان عضو مجلس الدولة في تدوينة له على فايسبوك: "علينا بلجنة معلنة تبحث من قصف ترهونة، وهذا أقل شيء تؤديه الدولة والحكومة للشعب الليبي". وتعتقد الناشطة السياسية أميرة سالم أن كشف هوية الطائرة التي قصفت ترهونة لن يتحقق أبدًا، فاللاعبون الدوليون لن يكشفوا أوراق خصومهم إلا لخدمة أهدافهم. مضيفة في تصريحات إعلامية أنه لو سلمنا جدلًا أن رادارات الوحدات التابعة لحكومة الوفاق لم ترصد الطائرة، فهذا يعني أنها تستخدم تكنولوجيا أعلى من قدراتها، وتتبع لإحدى الدول الكبرى المتورطة في الشأن الليبي.

الاتهامات التي صدرت من ترهونة نفسها، بدأت بأن الطائرة تتبع حكومة الوفاق ثم وجهت أصابع الاتهام إلى إيطاليا.

ردود فعل مختلفة

وقال الرئاسي في بيان له، الخميس، إنّه سيعمل بكل إمكاناته على تأمين وحماية المدنيين، وممتلكاتهم العامة. وتوعّد كافّة العابثين بأمن الوطن، قائلاً إنّهم سينالون الجزاء الرادع والعادل على أفعالهم، مؤكداً أنَّه لن يلجأ لاستخدام القوة إلا في حالات الاعتداء المُباشر. ودعا، في بيانه، إلى ضرورة تحكيم العقل واللجوء إلى الحوار، كما أهاب بالمشايخ والأعيان للتحرك، ورأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد.

يشار إلى أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا استنكروا الأحداث الأخيرة، وهددوا المجموعات المسلحة الخارجة على القانون بالمحاسبة وبعقوبات دولية، جراء ما تسببت به من ترويع للمواطنين بضواحي طرابلس. وأعلن السراج في كلمة متلفزة أنه تم حل اللواء السابع منذ شهر أبريل الماضي بقرار رقم 79 لسنة 2018 مؤكدا رفضه لأن تتحرك أي قوى تملك ترسانة مسلحة بحجج الإصلاح".

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، نفت من جهتها، ضلوعها في أي عمل عسكري يجري حاليًّا في مدينة طرابلس، واصفة ما تردد في هذا الشأن بـ"الإشاعات المغرضة". وقالت البعثة في تغريدة عبر حسابها على موقع تويتر: "تنفي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نفيًا قاطعًا الإشاعات المغرضة عن أي دور لها في أي عمل عسكري يجري حاليًّا. وهي تؤكد مرة أخرى عدم اللجوء للسلاح لأي مأرب سياسي وضرورة حماية المدنيين من أي ضرر".

ضحايا القصف

أعلن فريق الطوارئ التابع للهلال الأحمر الليبي فرع طرابلس، تسليم  خمسة جثث من العناصر التابعة للواء السابع إلى مشايخ وأعيان مدينة ترهونة. وقال المتحدث الرسمي باسم الهلال الأحمر، بهاء الكواش إنه تم أيضا وبالتعاون مع لجنة فض النزاع تبادل أربعة جثامين من ضحايا الاشتباكات وتم تسليمهم إلى دار الرحمة بمستشفى الطبي.

ويشير مراقبون أن هذه الأشكال من القصف، من قبل طائرات مجهولة، ليس مستحدثا في ليبيا بعد أحداث 17 فبراير، لكنه أصبح سمة بارزة، لحدث يبدأ كبيرًا، يعقبه نفي وغضب، قبل أن يتبخر كأنه لم يكن.